*** قال الله تعالى: ﴿ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ﴾ [ق:22] ثم لم يبق إلا سكت وتسكت، فإذا جاء واحد إلى المضيق ماَ يمشي إلا واحد، فاسكت هو يحطُّ قدم فما فهم حد تنزل الأمر، هو المشيئة الفعلية والقدر؛ فالمشيئة في حق آدم أبيك لك أسوة لكنه ممازج الرضا، وهي حالة التسليم ﴿ لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ [الأحزاب:21] لكنه في إبراهيم، والقضاء لفرعون، وهي نفسك لكنه ممازج بالعدل.

فإذا كان مشيه اضطرارًا لا اختيارًا لنسيانه الأزل؛ لما قال له جلّ وعلا: ﴿ وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ ﴾ [البقرة:35] وهي النفس، فمثل النفس والروح مثل الشجرة شوك وحرير، عندما ينزل إليها وتحل فيها، فكان نزول آدم بحواء لما نظر إليها، وفي نظره إليها سبقت الرحمة للمشيئة الإلهية، وسبق لإبراهيم الرضا في المقدور، والتسليم قبل نزول القدر، وسبق لفرعون العدل قبل القضاء، وهو من الكتاب الذي سبق الخلق، ففيهم من هو كآدم عليه السلام وإبراهيم عليه السلام وكذلك فرعون، إلى أن تقوم الساعة حكمة بالغة في العدل والفضل، فيجب على الإنسان أن ينظر الخلق بغير النظر السابق في المقدور، فهكذا تفهم الحقائق في الخلائق، اللهم ب صرنا بحقائق الأزل في خلائق الأبد، لنوحدك كما تحمد ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص:1] فافهم واغنم وسلم تسلم.