موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


315. الموقف الخامس عشر بعد الثلاثمائة

قال تعالى: ﴿إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ﴾[البقرة: 2/54].

قال: ﴿وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾[البقرة: 2/57]، والأعراف: 7/160]، و[التوبة: 9/70].، [النحل: 16/33]. و[النحل: 16/118].

وقال: ﴿وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـكِن ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ﴾[هود:11/101].

وقال: ﴿وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ﴾[الكهف: 18/35].

قال: ﴿فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ﴾[فاطر: 35/32].

ونحو هذا ممّا يفهم منه أن في جسم الإنسان ظالماً ومظلوماً وقال: ﴿وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى﴾[النازعات: 79/40].

فهذا يفهم أن الإنسان منه ناه، ومنه منهيٌّ وقال: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا﴾[الشمس: 91/9-10].

وهذا يفهم أن الإنسان منه مزك، ومزكى، ومنه داس ومدسوس. وفي الصحيح: ((إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها)) .

فهذا يقتضي: أن الإنسان منه محدّث ومنه سامع، وفي الصحيح أيضاً في قاتل نفسه: يقول الله: ((بادرني عبدي بنفسه)) .

فهذا يقضي بأن الإنسان منه مبادر ومبادر به. فاعلم أنَّ نفس الإنسان الناطقة المسمّاة باللطيفة الإنسانية والروح الجزئية جوهر واحد غير متعدد، ول يقبل التجزئة والتبعيض وهو المدبّر المتصّرف في الجسم، وله قوى وآلات جسمانية، به يعلم ويعمل الجزئيات. وكل قوة من القوى الظاهرة والباطنة تعمل بها النفس الناطقة جميع أفعال القوى الأخرى في الحقيقة ونفس الأمر، فتسمع بما به تبصّر بما به تشم، بما به تذوق، بما به تلمس، بما به تبطش، بما به تسعى، بما به تتخيّل، بما به تعقل وتبصر وتسمع، كذلك إلى آخر القوى الإنسانية. بل كل جزء من أجزاء الجسم بهذه المثابة، فيتحدث الإنسان ويسمع حديث نفسه، ويرى نفسه بنفسه، ويضبط نفسه بنفسه عن أشياء فيزكيها. ويرسل نفسه في أشياء فيدنّسها ويدسها، وينهي نفسه بنفسه عن أشياء، فالأصل في الإنسان اتحاد القوى لوحدة الجوهر النفس المدّبر، ومع وحدته الحقيقية هو عين كلّ قوة من قواه، وجزء من أجزاء جسمه، من غير حلول والحلول المعروف، ولا اتحاد الاتحاد المألوف. فلما طرأت الحجب وحدثت الموانع تمايزت القوى مع بعضها بعضاً، وتقيّدت كلّ قوّة بعمل خاص وطريقة واحدة. والنفس الإنسانية عين كلّ قوّة، والعمل لها. فإن الأثر للظاهر لا للمظهر، فلهذا كانت النفس الناطقة الإنسانية غير الكاملة، إذ فعلت شيئاً غير مشروع ولا معروف، بقوة من قواه المتغايرة المخصوصة، كل قوّة منه بفعل خاص، للسبب الذي قدمناه، ظالمة من حيث أنها عين تلك القوة التي ظهر الأثر والفعل عنها. مظلومة لنفسها من حيث أنها عين باقي القوى التي ماشاركت في فعل ذلك الشيء المنهي عنه شرعاً أو عرفاً، ويلحقها شؤم ذلك الفعل وضرره. فما دامت النفس منقسمة في أحكام الطبيعة، مشتغلة بالأغيار المتمايزة، لا يظهر عنها أثر من أحكام اتحاد القوى والأجزاء الجسمية. فإذا بلغ الإنسان مرتبة الكمال، وتحقق بمظهرية الحضرة المسماة بأحدية الجمع، مرتبة الأنبياء من أول نشأتهم، ويتحقق بها الكمّل من الورثة بعد سلوكهم، صار بصراً كلّه وسمعاً كله إلى سائر قواه وأجزاء بدنه، وإلى مرتبة اتحاد القوى والأجزاء الجسميّة، يشير الإمام ابن الفارض (رضي الله عنه) بقوله:

هي النفس إن ألقت هواها تضاعفت

قواها وأعطت فعلها كلّ ذرة

اللّهم حققنا بما حققت به من اصطنعتهم لنفسك، واصطفيتهم. فأنت المليء به القادر عليه.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!