موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


316. الموقف السادس عشر بعد الثلاثمائة

قال تعالى في الحديث القدسي: ((فإذا أحببته كنته)).

وفي الحديث: ((إن الله خلق نفسه)).

وقال: ﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ﴾[النحل: 16/40].

وقال: ﴿فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ﴾[المؤمنون: 23/76].

وقال: ((ما وسعني أرضي ولا سمائي ووسعني قلب عبدي المؤمن)).

وقال: ((ابن آدم فرغ قلبك من غيري أ ملأه عزاً وغنى)).

أو كما قال، وقال﴿وَلَهُ مَا سَكَنَ﴾[الأنعام: 6/13]. وقال الصّديق: ((ما رأيت شيئاً إلاَّ ورأيت الله قبله)).

وقال في ختم الوراثة المحمدية محي الدين من أبيات:

لا ولا من سارروه كالذي

 

صار إياهم فدع عنك العلل

وقال إشارة إلى هذه الأسرار في هذه الأبيات والأحاديث:

فكن به حتى يكن

إن لم تكن فلا يكن

فأنت خلاّق له

 

وأنت مخلوق بكن

إنَّ الحديث لم يسع

إلاَّ الحديث المستكن

فما استكانوا للذي

 

قال استكينوا فاستكن

فلله ماسكن

وهو لنا نعم السكن

يريد (رضي الله عنه) كن به عزَّ وجلَّ وجوداً وفعلاً، شهوداً غالباً ملكة لا ترى لك وجوداً ولا فعلاً مستقلاً. ودم على ذلك الشهود حتى يكون بك ظهوراً مؤثراً، فتنفعل الأشياء عن وجودك المقيد، كما تنفعل عنه من حيث هو تعالى. فإن لم تكن به تعالى وجوداً وفعلاً شهوداً ملازماً، فلا يكن لك به ظهوراً مؤثراً، فل تنفعل عنك الأشياء، وإن كنت به وجوداً وفعلاً في نفس الأمر فإن الشأن في الشهود ملكة، فأنت خلاّق له في خيالك المتّصل، الذي هو شعبة من الخيال المنفصل، ففي أي صورة تخيّلته كان عينها. فأنت خالق له من حيث تلك الصورة، وهو كما تخيلت. فإنه القائل: ((أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء)).

وتبقى تلك الصورة في الخيال المنفصل، لا تفنى أبداً، أشار إلى ما ورد في الحديث: ((إن الله خلق نفسه)).

وهذا الخلق شأن كلّ مخلوق من إنسان وملك وغيرهما، والكامل يعرف أن الله ـ تعالى كما هو عين ما تخيّلته عين ما تخيّله غيره من سائر المخلوقات. فلا يحصره في تخيّل دون تخيّل. ﴿َاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾[البقرة: 2/247].

وأنت من حيث ظهور أحكام عينك الثابتة، المعدومة في الوجود الحق، مخلوق «بكن» إشارة إلى قوله: ﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ﴾[النحل: 40].

إن الحديث و الكلام الملفوظ به، المرتب من حروف الهداء، لم يسع أي لم يتّسع لإظهار الحقائق الإلهية كما قيل:

وإن قميصاً خيط من نسج تسعة

 

وعشرين حرفاً عن معانيه قاصر

بل الألفاظ، من حيث هي لا تسع الحديث المعنوي. إذ عالم المعاني أوسع من عالم الألفاظ، ولكن الذي يسع ويتسع للحقائق الإلهية وغيرها هو الحديث المستكن الساكن في النفوس، المغيّب فيها. وهو حديث النفس مع نفسها لنفسها، من حيث هي متكلّمة سامعة مجيبة، وهي حضرة العلم. فما استكانوا لربّهم، أي ما جعلوا قلوبهم كنّا لربّهم يسكن فيها. من قولهم: استكن استتر، إشارة لقوله: ﴿مَا اسْتَكَانُو لِرَبِّهِمْ﴾[المؤمنون: 76].

الذي قال لهم: استكينوا: كونوا كنّا لي. وذلك بتفريغ قلوبكم من الغير والسوى، فأستكنّ فيها أجعلها كنّا لي ومسكناً وستراً. إشارة لقوله: ((وسعني قلب عبدي المؤمن)) .

فللإله من القلوب ما سكن فيه واختصَّ به بأن صار مسكناً له، خالياً من غيره، إشارة لقوله: ((وله ما سكن)) وهو تعالى من حيث الوجود سكن لنا، مقوّم لأغراضنا، كالهيولى للصور، ونعم السكن هو تعالى. وذلك أن الوجود الحق كالظرف لصورنا، إشارة لقول من قال: ((ما رأيت شيئاً إلاَّ رأيت الله قبله)).

فإن الظرف يرى قبل المظروف فيه.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!