موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


314. الموقف الرابع عشر بعد الثلاثمائة

قال تعالى: ﴿ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾[الفاتحة: 1-2-3].

قال سيدنا في باب الوصايا، وهو الباب الأخير من الفتوحات المكيّة.

وصية

إذا قرأت فاتحة الكتاب، فصل بسملتها معها في نفس واحد، من غير قطع، فإني أقول بالله العظيم: لقد حدثني أبو الحسن علي ابن أبي الفتح المعروف والده بالكناري بمدينة الموصل في منزلي سنة إحدى وستمائة. وقال: بالله العظيم، لقد سمعت شيخنا أب الفضل عبد الله بن أحمد بن عبد الظاهر الطوسي الخطيب يقول: بالله العظيم، لقد سمعت والدي أحمد يقول : بالله العظيم، لقد سمعت المبارك بن أحمد بن محمد النيسابوري المقري يقول: بالله العظيم، لقد سمعت من لفظ أبي بكر الفضل بن محمد الكاتب الهروي، وقال: بالله العظيم، لقد حدثنا أبو بكر محمد بن علي الشاشي الشافعي من لفظه، وقال: با لله العظيم، لقد حدثني عبد الله المعروف بأبي نصر السرخسي، وقال: بالله العظيم، لقد حدثنا أبو بكر محمد بن الفضل، وقال: بالله العظيم، لقد حدثنا محمد بن يونس الطويل الفقيه، وقال: بالله العظيم، لقد حدثني محمد بن الحسن العلوي الزاهد وقال: بالله العظيم، لقد حدثني موسى بن عيسى وقال: بالله العظيم، لقد حدثني أبو بكر الراجعي وقال: بالله العظيم، لقد حدثني عمار بن موسى البرمكي وقال: بالله العظيم، لقد حدثني أنس بن مالك وقال: بالله العظيم، لقد حدثني علي بن أبي طالب، وقال: بالله العظيم، لقد حدثني أبو بكر الصديق وقال: بالله العظيم، لقد حدثني محمد المصطفى (صلى الله عليه وسلم) وقال: بالله العظيم، لقد حدثني جبريل (عليه السلام) وقال: بالله العظيم، لقد حدثني ميكائيل (عليه السلام) وقال: بالله العظيم، لقد حدثني إسرافيل (عليه السلام) وقال: قال الله تعالى لي:

((يا إسرافيل!! بعزّتي وجلالي وجودي وكرمي، من قرأ بسم الله الرحمن الرحيم متصلة بفاتحة الكتاب مرة واحدة،  اشهدوا عليَّ أني قد غفرت له، وقبلت منه الحسنات، وتجاوزت عنه السيئات، ولا أحرق لسانه بالنار، وأجيره من عذاب القبر وعذاب النار وعذاب القيامة والفزع الأكبر، ويلقاني قبل الأنبياء أجمعين)).

فاعلم: أنه كان سألني بعض الإخوان عن الحكمة في هذا الفضل العظيم، بهذ العمل اليسير، فقلت له: إن الله قد خصّ سوراً وآيات بفضائل ما جعلها لغيرها من السور و الآيات، كما ورد في صحيح الأخبار، والكلّ كلامه، غير هذا ماكان عندي. ثمَّ ألهم وعلّم مالم أكن أعلم، بأن هذا الفضل إنما كان لأن القارئ بهذه الصفة، وهي الجمع بين البسملة والفاتحة في نفس واحد، يعني بعض الفاتحة لا كلها، فإنه قال: صل بسملتها معها، قد وصف الحق تعالى بأنواع الرحمة المتضمنة لجميع أفراد الرحمة. فإن البسملة تضمّنت الرحمة الذاتية، وهي خاصة وعامة. والفاتحة تضمّنت الرحمة الصفاتية، وهي خاصّة وعامة أيضاً، فالذاتيتان في قوله: ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾[الفاتحة: 1/1].

فأمَّا الرحمة الذاتية العامة فهي المشار إليها بقوله: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾[الأعراف: 7/156].

فهي التي وسعت الأسماء والصفات والمخلوقات وكل ما يطلق عليه شيء، حتى الرحمة الصفاتية فقد وسعتها الرحمة الذاتية، والغضب الإلهي من جملة من وسعته الرحمة الذاتية، ولولاها ما كان للغضب عين من الأعيان، ونسبة في النسب، فوجود الغضب رحمة به. فعمّت هذه الرحمة الوجود الحقي والخلقي، ولهذا لم يتسم بهذا الاسم أحد من المخلوقين، لأنه عين الوجود العام، والوجود عين الذات خارجاً، وإن كان صفتها عقلاً. وأمَّا الرحمة الذاتية الخاصّة، وهي من اسمه الرحمن المعّبر عنه بقدم الصدق، فهي المشار إليها بقوله: ﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُواْ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ﴾[يونس: 10/2].

فهي قدم الصدق المخصوص بالسعداء، ومنها عطاء الرسل والأنبياء الذين عطاؤهم من عين المنّة، فإنَّ النبّوة والرسالة من عين المنّة، ماهي باكتساب. ومن هذه الرحمة الذاتية الخاصّة: قلب المؤمن الذي وسع الحق تعالى، فإن الرحمة الصفاتية لا تسع الحق تعالى فيكون مرحوماً، وقد وسعه قلب المؤمن الكامل، وما كلّ قلب يسع الحق تعالى . وأمَّا الرحمة الصفاتية العامة فهي التي أنزلها الله تعالى ـ إلى الدنيا. وهي المشار إليها بقوله (صلى الله عليه وسلم) ـ: ((إن لله مئة رحمة، أنزل منها واحدة في الدنيا، فبها تتراحم الخلائق))

ومن هذه الرحمة عمّت نعمه وعطاياه في الدنيا المؤمن والكافر والبرّ والفاجر...وهذه الرحمة لا يمتنع أن يشوبها كدر ويمازجها ضرر. فلذا كانت نعم الدني لا تخلو من منغّص، لأن هذه الرحمة تجمع الأضداد. وأمَّا الرحمة الصفاتية الخاصة فهي الرحمة التي تخصّ المؤمنين في الدار الآخرة، وهي رحمة محضة لا يشوبها كدر ول منغص أصلاً بوجه من الوجوه، وبهذا كان نعيم الجنّة خالصاً من الأكدار. وهذه الرحمة هي رحمة الرحيم، لا الرحمن، وهي التي سبقت الغضب. فإذا كان يوم القيامة جمع تعالى جميع أفراد الرحمة التي وردت في الحديث، ((إن لله مئة رحمة))، وجعل الحكم لها في عباده.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!