موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

نظرية الجوهر الفرد:

مفهوم الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي للزمن والخلق في ستة أيّام

دراسة وتأليف: د. محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع باللغة الإنكليزية مخصص للدراسات حول نظرية الجوهر الفرد وازدواجية الزمان


الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية

علم الكون الحديث


لقد تطوّرت رؤيتنا للكون كثيراً منذ زمن كوبرنيكوس وازدادت دقةً وتعقيداً، ولا يمكننا هنا شرح جميع النظريّات المعقّدة الحديثة لعلم الكون، ولكنّنا سنقوم بتلخيص الصورة الحاليّة للكون كما يراه العلماء، والتي ترجعُ فقط إلى حدود عام 1924، عندما قام ادوين هابل بإثبات أنّ مجرّتنا ليست هي المجرّة الوحيدة؛ فالعديد من النقاط المضيئة الخافتة التي نراها في السماء هي في الحقيقة مجرّات أخرى كبيرة كمجرّتنا، ولكنّنا نراها صغيرةً جداً فقط لأنها بعيدةٌ جدّاً في عُمق الفضاء كما نوّهنا أعلاه.

بسبب تأثير قوة الجاذبية، فإن كُلّ شيءٍ في السماء يتحرّكُ أو يدور حول نقطةٍ ما في الفضاء؛ فالقمرُ يدور حول الأرض، والأرض مع قمرها والكواكب الأخرى تدور حول الشمس، والشمس أيضاً مع كواكبها تدور مع مئات الآلاف من ملايين النجوم الأخرى حول مركز مجرة درب التبّانة التي تُعتبر إحدى آلاف ملايين المجرات التي تسبح جميعها في أعماق الفضاء الرحب.

من أجل أن نعطي صورة فراغية لهذا الكون الهائل، من الأفضل استعمال وحدات كبيرة للمسافة بدلاً من أن نستعمل أعداداً كبيرة. إنّ أفضل الوحدات المقبولة للمسافة في علم الكون هي السنة الضوئية وهي المسافة التي يقطعها الضوء في سنة واحدة، وتعادل تقريباً 9,500,000,000,000,000 متراً (أي حوالي عشرة آلاف مليون مليون متر).

إنّ الضوء الذي يسيرُ بسرعة 300,000 كيلومتراً بالثانية يُمكنُه أن يدُور حول الأرض سبع مرّات في الثانية الواحدة، لكنّه يستغرقُ أكثر من ثمانية دقائق حتى يصلنا من الشمس التي تبعد عنا حوالي 150 مليون كيلومتر، في حين أنّ النجم الأقرب إلينا ما عدا الشمس (وهو القنطوريProxima Centauri) يبعد عنا أكثر من أربعة سنين ضوئية. من جهة أخرى فإنّ مجرّتنا، مثلها مثل أكثر المجرّات الأخرى، عبارة عن مجموعة من حوالي 200 ألف مليون نجم بالإضافة إلى آلاف العناقيد والسدم التي تُشكّل سويّة قرصاً يبلغ قطره أكثر من مئة ألف سنة ضوئية وسمكه حوالي خمسة عشر ألف سنة ضوئية، والمجرّة الأقرب إلينا تكمنُ في برج المرأة المسلسلة (Andromeda)، وهي تبعد مسافة حوالي ثلاثة ملايين سنة ضوئية عن مجرّتنا. ثمّ هناك مجموعات من المجرّات مُجمّعة في عناقيد غير منتظمة تختلفُ كثيراً في الحجم بين الملايين إلى مئات ملايين السنوات الضوئية. وتعتبر الكوازارات (quasars)،[14] وهي نجوم فلكية راديوية بعيدة جدّاً، من أبعد الأجسام حتى الآن وتبعد حوالي 13 ألف مليون سنة ضوئية. وهذه الأعداد التي قدّمناها هنا تقريبية فقط لإعطاء فكرة عن موقعنا من هذا العالم الرحب الفسيح.[15]

ومن المعروف أيضاً اليوم أنّ كل شيء في الكون يتحرّك: فالنجوم القريبة تتحرّك نحو مركز المجرة ولكنّ حركتها لا تُدرك بالعين المجرّدة. والمجرات تبتعدُ عنا أيضاً، لأنّ الكون يتوسّعُ.

من الناحية الأخرى، وعلى الرغم من هذه الحركات، والمسافات الساحقة، فإن الكون رغم أنّه متناهٍ ولكن ليس له مركز أو حدود ولا حافّة. من الصعب تخيُّل ذلك، ولكنّ الكون محتوىً في نفسه أو محدّب على نفسه بحيث لو أننا سافرنا مباشرة في اتّجاهٍ واحدٍ وخطٍّ مستقيمٍ فإننا سنعود من الجهة الأخرى (إذا عشنا بما فيه الكفاية)، تماماً كما يحدث على سطح الأرض أنّ من يسير مثلاً غرباً بخطٍّ مستقيمٍ سوف يصل من جهة الشرق لنفس النقطة التي انطلق منها، مع إهمال التغيرات الجغرافية بالنسبة للأرض والتغيرات الجاذبية بالنسبة للكون من أجل التقريب.

إنّ النجوم التي نراها في السماء هي، مثل شمسنا، مفاعلات انشطار نووي ضخمة تُحوّلُ الهيدروجين بشكلٍ مستمرٍّ إلى العناصر الأثقل وتُنتج بذلك الأمواج الكهرومغناطسية (الحرارة والضوء) التي نعيش عليها. ولكنْ ليست كُلّ النجوم متساوية؛ فالبعض كبير والبعض صغير، والبعض فتيّ والبعض مسن، والبعض لامع والبعض خافت. وأيضاً، فإنّ العديد من النجوم تمُوتُ في كل وقت والعديد غيرها يولد في عملية دائمة من التطور المعقّد جدّاً، والتي لا يسع المجال هنا للخوض في تفاصيلها.[16]

وعلى ضوء ما سبق، فكيف نستطيع فهمَ كُلّ هذه البنية المعقّدة للكون وفقاً للنظريّات الجديدة ؟

نحن لا نستطيعُ هنا مُناقشة كُلّ النظريّات المختلفة في الفيزياء وعلم الكون، لكنّنا نُريد بسرعة تلخيص المبادئ الأساسية للنماذج المختلفة للكون لكي نستطيع أن نفهم أهميّة نظريّة الجوهر الفرد التي سنقترحها في الفصل السادس استناداً إلى مفهوم ابن العربي الفريد للزمن ونظريّة وحدة الوجود ومبدأ الخلق الجديد، كما أسلفنا في المقدمة.


[14] الكوازارات (quasi-stellar radio sources: مصادر راديوية شبه نجمية) هي أجسام فلكيّة مضيئة جداً ولكنّها تقع على مسافات هائلة؛ فهي لامعة جداً على الرغم من حجمها الصغير وبعدها السحيق عن الأرض، ويعتقد العديد من الفلكيين أنّ هذه النجوم الفلكيّة البعيدة ترتبط بثقوب سوداء عملاقة في مراكز المجرات.

[15] لمزيد من التفاصيل يمكن مراجعة "بنية العالَم" في:

William K. Hartmann,The Cosmic Voyage: Through Time and Space(California: Wadsworth Publishing Company, 1990), p. 413.

[16] لمزيد من المعلومات حول هذا الموضوع انظر في "النجوم" في:

Michael A. Seeds,Foundations of Astronomy, pp. 134-281.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!