موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

نظرية الجوهر الفرد:

مفهوم الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي للزمن والخلق في ستة أيّام

دراسة وتأليف: د. محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع باللغة الإنكليزية مخصص للدراسات حول نظرية الجوهر الفرد وازدواجية الزمان


الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية

صدر الزّمن


يقول ابن العربي في الباب 291، الذي خصّصه لمعرفة منْزل صدر الزّمان، إنّ لكل شيء صدراً ومعرفته في هذا الطريق من أرفع العلوم والمعارف، ثم يضيف إنّ الصدر يأتي بالمرتبة الثانية بعد القلب،[190] فما دام القلب في الصدر فهو أعمى لأن الصدر حجابٌ عليه فإذا أراد الله أن يجعله بصيراً خرج عن صدره فيرى؛ فالأسباب صدور الموجودات والموجودات كالقلوب، فما دام الموجود ناظراً إلى السبب الذي صدر عنه كان أعمى عن شهود الله الذي أوجده، فإذا أراد الله أن يجعله بصيراً ترك النظر إلى السبب الذي أوجده الله عنده ونظر من الوجه الخاص الذي من ربّه إليه في إيجاده، فالأسباب كلها ظلمات على عيون المسببات وفيها هلك من هلك من الناس.[191] فابن العربي في ذلك يعمّم الآية من سورة الأنعام في قوله تعالى: ﴿فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ ۖ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ۚ كَذَٰلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (125)﴾ ليس فقط على الصدر والقلب الطبيعي للإنسان بل على الصدور الكثيرة التي جعلها الله بيننا وبينه وهي الأسباب التي خلقنا عندها لا بها.[192]

ثم يقول ابن العربي في نفس هذا الباب إن العالَم وكلَّ جنس فيه هو على صورة الإنسان وهو آخر موجود، والإنسان وحده على الصورة الإلهية في ظاهره وباطنه وقدجعل الله له صدراً؛ فما بين الحقّ الذي له الأوّلية والإنسان الذي له الآخرية صدورٌ لا يعلمعددها إلا الله. ويعدّد ابن العربي بعض هذه الصدور مما يصل إليه الفهم ويقبله العقل ويسكت عن الكثير فيقول إنّ صدرَ الواجبات الحياةُ الأزليةُ المنعوت بها الحق عزّ وجلّ، وصدرَ الأسماء المؤثرة العالَمُ، وصدرَ صفات التنـزيه نفيُ المثلية، وصدرَ الأينيات العماءُ الذي ما فوقه هواء وما تحته هواء،[193] وصدرَ الوجود الممكناتُ، وصدرَ الموجودات العقلُ الأوّلُ، وصدرَ الدّهر ما بين الأزلِ والأبدِ، وصدرَ الزّمان زمانُ قبول الهيولى للصورة، وصدرَ الطبيعة كيفيّةُ الجسم الأوّل، وصدرَ الكيفيّات تعلُّقُ القَدَر بالإيجاد، وصدرَ الكمّيّات تقسيمُ المعاني، وصدرَ الأفلاك الكرسي، وصدرَ العناصر الماءُ، وصدرَ الليل مغيبُ الشفق الأحمر، وصدرَ النهار إشراقُ الشمس لا شروقها، وصدرَ المولّدات الحيوان، وصدرَ الإنسان معروفٌ، وصدرَ الأمة زمانُ إدريس، وصدرَ هذه الأمة القرن الأوّل، وصدر الدنيا وجودُ آدم، وصدرَ الأيّام يومُ الاثنين، وصدرَ الآخرة البعثُ، وصدرَ البرزخ النومُ، وصدرَ النار الموبقُ، وصدرَ الجنة النُّزولُ في المنازل منها، وصدرَ العذاب والنعيم رؤيةُ أسبابهما، وصدرَ الدين فلانٌ رسول الله.[194]

فالصدر هو أوّل ما يظهر من الشيء للعالم الخارجي ولذلك فمن المهمّ معرفة صدرِالزّمان لأنّه أوّل ما يظهر منه، وصدرُ الزّمان هو زمان قبول الهيولى للصورة وهذا يعني أنّأوّل ظهور الزّمان هو عند بداية تشكّل الصور التي يظهر بها الجوهر الفرد الذي لا صورةله بحدّ ذاته ولكنّ الصور تظهر من تكرار ظهوره حيث يبدأ التركيب وينشأ المكان والزّمان. وبالتالي فإننا محجوبون بهذه الصور التي هي صدر الزّمان عن رؤية قلب الزّمان أو أصله؛ ولذلك فنحن أبناءُ الزّمان على أحسن تقدير لأنه يحكم علينا وسوف نرى أن بعض أهل الله من الذي استطاعوا الخروج عن صدر الزّمان أصبحوا حاكمين على الزّمان فيقال عن واحدهم أنه أبو الزّمان.


[190] الفتوحات المكية: ج2ص652س27.

[191] الفتوحات المكية: ج2ص652-653.

[192] سوف نعود إلى ذلك بمزيد من التفصيل في الفصل السابع.

[193] كنز العمّال: حديث رقم 29851.

[194] الفتوحات المكية: ج2ص652س23.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!