المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الكبريت الأحمر في بيان علوم الشيخ الأكبر
وهو منتخب من كتاب لواقح الأنوار القدسية المختصر من الفتوحات المكية
تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني
![]() |
![]() |
[الباب الموفي ستون وخمسمائة في وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء اللّٰه تعالى]
(قال) : وأما أهل جنة الأعمال فهم أهل الأعمال الصالحة، فمن لم يكن له عمل صالح في دار الدنيا لا يكون له في جنة الأعمال نصيب، لأن الناس إنما ينزلون فيها بأعمالهم فقط، قال تعالى في هذه الجنة اُدْخُلُوا اَلْجَنَّةَ بِمٰا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [النحل: 32] . وقال: تِلْكُمُ اَلْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهٰا بِمٰا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [الأعراف: 43] . قال: وهذه الجنة مشتملة على بضع وسبعين جنة على عدد شعب الإيمان لا يزيد على عددها ولا تنقص، والبضع من الواحد إلى التسع فمن جمع شعب الإيمان كلها فهو الذي يتبوأ من الجنة حيث يشاء. قال: وصورة مجاورة الجنان الثمانية لبعضها بعضا دوائر ثمانية جنة في قلب جنة، أعلاها عدن وهي قصبة الجنة بمنزلة دار الملك يدور عليها ثمانية أسوار بين كل سورين جنة، ويلي جنة عدن في العلو والفضل جنة الفردوس ثم جنة الخلد ثم جنة النعيم ثم جنة المأوى ثم دار السلام ثم دار المقامة. قال: وكل جنة يصدق عليها اسم أخواتها، فجنة النعيم جنة خلد ودار سلام وجنة مأوى ودار مقامة وهكذا. قال: والوسيلة الخاصة برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في أعلى جنة عدن تسمى فيها دار المقامة.
قال: ولسائر الجنان اتصال بهذه الوسيلة ليتنعموا بشهوة طلعة صاحبها صلى اللّه عليه وسلم ويتفرع منها سائر الجثاب، فلها شعبة في كل جنة ومن تلك الشعبة يظهر محمد صلى اللّه عليه وسلم لأهل تلك الجنة فهي في كل جنة أعظم منزلة تكون فيها.
قال الشيخ في الباب السادس والتسعين ومائتين: ودرجات الجنة على عدد دركات النار، لأنه ما من درجة إلا ويقابلها درك من النار حتى أنه تعالى لما قال في أهل الجنة ولَدَيْنٰا مَزِيدٌ [ق: 35] ، قال في أهل النار: زِدْنٰاهُمْ عَذٰاباً فَوْقَ اَلْعَذٰابِ [النحل: 88] إلا أنه ليس في النار دركة اختصاص كما سيأتي، وإيضاح ذلك أن الأمر والنهي لا يخلو العبد إما أن يعمل بهم ولا يعمل، فإن عمل بالأمر كانت له درجة في الجنة معينة لذلك العمل خاصة، وفي موازنة هذه الدرجة المخصوصة لهذا العمل الخاص إذا تركه الإنسان درك في النار لو سقطت حصاة من تلك الدرجة في الجنة لوقعت على خط استواء في ذلك الدرك من النار، فإذا سقط الإنسان من العمل بما أمر فلم يعمل كان ذلك الترك لذلك العمل عين سقوطه إلى ذلك الدرك. قال: واعلم أن الأعراف هو درج العمل بالأمر والنهي ودرك ترك العمل بهما فما منع صاحب الأعراف من النزول إلى درك تلك الأعمال السيئة إلا التوحيد وأطال في ذلك. ثم قال: واعلم أن محمدا صلى اللّه عليه وسلم ملء الجنان، فلا ولي يتنعم بجنته إلا وهو صلى اللّه عليه وسلم متنعم بنعمته مشارك له فيها لأن الولي ما وصل إلى ذلك إلا باتباعه له صلى اللّه عليه وسلم فلهذا كان سر النبوة قائما به في تنعمه وهو معنى قوله صلى اللّه عليه وسلم: «من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها» فله صلى اللّه عليه وسلم أجر جميع الأنبياء من تبعهم لكونه نبي الأنبياء، لكل نبي أجر من تبعه من غير أن ينقص من أجرهم شيء. وقال: وأما منزلته صلى اللّه عليه وسلم يوم الزور الأعظم على يمين العرش، ومنزلته يوم القيامة بين يدي الحكم العدل من حضرات الأسماء الإلهية لتنفيذ الأوامر الإلهية، فكل أهل موقف يأخذون عنه في ذلك الموطن لأنه وجه كله يرى من جميع جهاته وله من كل جانب أعلام من اللّه تعالى يفهم عنه ما يريد على لسان ملك بصوت وحرف لكمال النعيم والأنس، وأما شجرة طوبى فهي في منزل الإمام علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه وهي حجاب مظهر نور فاطمة الزهراء رضي اللّه عنها، فما من جنة ولا درجة ولا بيت ولا مكان إلا وفيه فرع من شجرة طوبى وذلك ليكون سر كل نعيم في كل جنة، ونصيب كل ولي فيها من نور فاطمة رضي اللّه عنها في حجاب ذلك الفرع، وأطال الشيخ في ذلك في الباب الحادي والسبعين وثلثمائة. وقال: فشجرة طوبى لجميع شجر الجنات كلها كآدم لما ظهر فيه من البنين، وذلك أن اللّه تعالى لما غرس شجرة طوبى بيده ونفخ الروح زينها بثمر الحلى والحلل اللذين هما زينة لكل لابس، فنحن على التحقيق أرضها كما قال تعالى: إِنّٰا جَعَلْنٰا مٰا عَلَى اَلْأَرْضِ زِينَةً لَهٰا [الكهف: 7] وأعطت من حقيقتها ثمار الجنة عين ما هي عليه، كما أعطت النواة النخلة وما تحمله مع النوى الذي في ثمرها انتهى.
قال: واعلم أن جميع التفاضل الواقع في النعيم بين الأنبياء إنما هو من حيث جنة الاختصاص، وأما جنة الأعمال فهم فيها متساوون من حيث أن كل عامل لخير له جنة جزاء عمله ويقع التفاضل بحسب المشاهد في الأعمال وقوة الاستعداد وضعفه. وقال: وأما الطائفة الذين يعطيهم اللّه تعالى في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فهم أهل التوحيد في الأفعال الذين يشهدون أعمالهم خلقا للّه لا لهم حال مباشرة الأعمال فيفعلونها امتثالا لأمر اللّه من غير أن يعينوا لهم في أنفسهم جزاء فكان جزاؤهم غير محدود، وذلك لأن عيونهم لم تر عملهم وآذانهم لم تسمع به ولم تخطر أعمالهم على قلب بشر من غيرهم ومنهم لتجردهم عنها للّه وحده ما عدا نسبة التكليف. قال: ويعرف أهل الجنة فيها الليل والنهار بالكشف والرؤية والمقادير التي في الفلك الأطلس المعبر عنها بالبروج، فيعلمون بذلك حد ما كان عليهم في دار الدنيا مما يسمى بكرة وعشيا وكان لهم في هذا الزمان في الدنيا حالة تسمى الغذاء والعشاء فيتذكرونها هنالك فيأتيهم اللّه تعالى برزق خاص في ذلك الوقت الخاص فلذلك قال تعالى: ولَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهٰا بُكْرَةً وعَشِيًّا [مريم: 62] إذ لا شمس هناك ولا قمر. قال: ومعنى قوله تعالى: في الجنة أُكُلُهٰا [الرعد: 35] دائم أن الأكل لا ينقطع عنهم متى اشتهوه، ولا أنهم يأكلون دائما فالدوام في الأكل هو عين التنعيم بما يكون به الغذاء للجسم، فإذا أكل الإنسان حتى شبع فليس ذلك بغذاء ولا بأكل على الحقيقة وإنما هو كالجابي الجامع للمال في خزانته، والمعدة جامعة لما جمعه هذا الآكل من الأطعمة والأشربة فإذا اختزن ذلك في معدته ورفع يده فحينئذ تتولاها الطبيعة بالتدبير وينتقل ذلك الطعام من حال إلى حال، ويغذيه بها في كل نفس فهو لا يزال في غذاء دائم ولو لا ذلك لبطلت الحكمة في ترتيب نشأة كل متغذ، ثم إن الخزانة إذا خلت من الأكل حرك الطبع الجابي إلى تحصيل ما يملؤها به وهكذا على الدوام. قال: فهذا معنى قوله: أُكُلُهٰا دٰائِمٌ [الرعد:35] وأطال الشيخ في ذلك في الباب الثامن والتسعين وثلثمائة فراجعه. قال: واعلم أن الحركة التي كانت تسير بالشمس ويظهر من أجلها طلوعها وغروبها موجودة في الفلك الأطلس الذي هو سقف الجنة، وجميع الكواكب السيارة في النار كلها سابحة فيها كسباحتها الآن في أفلاكها على حد سواء. قال: ولو لا ذلك ما عرف أهل التقويم الآن متى يكون الكسوف، ولا كم يذهب من ضوء الشمس عن أعيننا فلو لا المقادير الموضوعة والموازين المحكمة التي قد علمها اللّه تعالى للمقومين ما علم أحد منهم ذلك. قال: واعلم أن الكثيب الذي في جنة عدن هو مسك أبيض وجنة عدن هي قصبة الجنان وقلعتها وحضرة الملك الخاصة ولا يدخلها غير الخواص إلا بحكم الزيارة.
وقال: وفي هذا الكثيب منابر وأسرة وكراسي ومراتب لأنّ أهل الكثيب أربع طوائف: رسل وأنبياء وأولياء ومؤمنون، وكل صنف منها متفاضل وإن اشتركوا في المنابر مثلا قال تعالى: تِلْكَ اَلرُّسُلُ فَضَّلْنٰا بَعْضَهُمْ عَلىٰ بَعْضٍ [البقرة: 253] . وقال: ولَقَدْ فَضَّلْنٰا بَعْضَ اَلنَّبِيِّينَ عَلىٰ بَعْضٍ [الإسراء:55] وقال: ورَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجٰاتٍ [الأنعام: 165] يعني الخلق فدخل فيه جميع بني آدم دنيا وآخرة، فإذا أخذ الناس منازلهم في الجنة استدعاهم الحق تعالى إلى رؤيته فيسارعون على قدر مراتبهم ومشيهم هنا في طاعة ربهم، فإن منهم البطيء ومنهم السريع ومنهم المتوسط ويجتمعون في الكثيب وكل شخص يعرف مرتبته علما ضروريا يجري إليها ولا ينزل إلا فيها كما يجري الطفل إلى الثدي لو رام أحدهم أن ينزل في غير مرتبته لما قدر ولو رام أن يتعشق بغير منزلته لما استطاع بل يرى في منزله أنه قد بلغ منتهى أمله وقصده فهو يتعشق بما هو فيه من النعيم تعشقا طبيعيا ذاتيا ولو لا ذلك لكانت دار ألم وتنغيص ولم تكن جنة ولا دار نعيم، غير أن الأعلى له نعيم بما هو فيه في منزلته وعنده نعيم الأدنى. قال: وأدنى الناس منزلة مع أنه ليس هناك أدنى من لا نعيم له إلا بمنزلة خاصة، وأعلاهم الذي لا أعلى منه من له نعيم بالكل، فعلم أن كل شخص نعيمه مقصور عليه فما أعجب هذا الحكم، ثم إذا نزل الناس في الكثيب للرؤية وتجلى الحق تعالى تجليا عاما كان التجلي واحدا من حيث العين وكثيرا من حيث اختلاف الصورة، فإذا رأوه انصبغوا عن آخرهم بنور ذلك التجلي فمن علمه في كل معتقد شرعي فله كل معتقد من علمه في اعتقاد خاص لم يكن سوى نور صورة ذلك المعتقد.
قال: واعلم أن الخلق في حال الرؤية لا بد أن يفنوا عنهم، فلم يقع لهم لذة في زمان رؤيتهم فإن اللذة عند أول التجلي حكم سلطانها عليهم فأفنتهم عنها وعن أنفسهم فهم في اللذة في حال فناء لعظيم سلطانها قال: وهذا ذوق غريب لا يعرفه إلا من ذاقه لا يقدر على إنكاره من نفسه. قال: وإذا وقع لأهل الجنة رؤية اللّه عز وجل كان الناس فيها على أقسام: فمنهم من يرى ربه بباصر العين ومنهم من يراه بكلها، ومنهم من يراه بجميع وجهه ومنهم من يراه بجميع جسده وهذه تكون للأنبياء وكمل ورثتهم بحكم التبع لهم.
وقال: وليس بين الخلق وبين ربهم هناك إلا حجاب العظمة لا غير. وهو أنهم يرونه بقدر وسعهم وطاقتهم لا غير من غير إحاطة، فقصورهم عن الإحاطة هو حجاب العظمة.
قال: وتشبيهه صلى اللّه عليه وسلم رؤيتنا للّه تعالى برؤيتنا للشمس والقمر ليس المراد بها رؤيتنا لهما حال ضوئهما، وإنما المراد رؤيتنا لهما حال كسوفهما لأن البصر عند ذلك يدرك ذات الشمس والقمر التي لا تقبل الزيادة النورية ولا النقصان فهذا هو الإدراك المحقق لذات الشمس، ولذلك لما قيل له صلى اللّه عليه وسلم أرأيت ربك يا رسول اللّه فقال: نور أنّى أراه؟ يعني: كيف أراه ونوره شعشعاني يخطف الأبصار لأنه ليس من جنس النور المخلوق بالتشبيه من حيث إدراك الذات ليكمل به النعيم لا من حيث الإحاطة فتحيط بالحق تعالى كما تحيط بالشمس والقمر حال الكسوف وغيره فافهم. ثم قال: فعلم أن نور الرب الذي يقع فيه التجلي يوم القيامة وفي الجنة لا شعاع له فلا يتعدى ضوؤه نفسه وذلك ليدركه البصر وهو في غاية الوضوح. قال: وأقسام الناظرين إلى الحق تعالى لا تنحصر، إذ الرؤية تابعة لاعتقادهم في دار الدنيا سعة وضيقا إجلالا وتعظيما وذلك ليجني كل أحد ثمرة اعتقاده، فمنهم من حظه النظر إلى ربه لذة عقلية ومنهم من حظه لذة نفسية ومنهم من حظه لذة حسية ومنهم من حظه لذة خيالية ومنهم من حظه لذة مكيفة، ومنهم من حظه لذة غير مكيفة ومنهم من حظه لذة ينقال تكييفها ومنهم من حظه لذة لا ينقال تكييفها وهكذا، فهم درجات عند اللّه كما كانوا في الدنيا والفطر مختلفة من أصل المزاج الذي ركبها اللّه عز وجل عليه. قال: وهذا هو السبب في اختلاف نظر الخلق بأفكارهم في المعقولات فحظ هؤلاء في لذة النظر مثل ما تخيل إليهم في نظرهم سواء. قال: واعلم أن خواص الأولياء والعلماء لا ينظرون ربهم إلا فى مرآة نبيهم صلى اللّه عليه وسلم لكونها أكمل المرايا إذ هي حاوية لجميع المرايا. قال: وغير الخواص من الأولياء والعلماء ينظرون في مرايا من هم على أقدامهم من الأنبياء السابقين وذلك لأن تجليه تعالى في معارف قلوب الأنبياء أتم وأكمل من تجليه في قلوب غيرهم، لا سيما في باب الإيمان بما جاءت به الرسل من الصفات التي تخيلها العقول فالكامل من لا يطأ مكانا لا يرى فيه قدم الاتباع لنبيه صلى اللّه عليه وسلم أبدا. قال: ومن الأولياء من يطلعه اللّه تعالى على مستند كل معتقد فهذا يشارك الكل في نعيم الرؤية، فما أعظمها من لذة ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء واللّه ذو الفضل العظيم. قال الشيخ رحمه اللّه: وأما النار أعاذنا اللّه منها. فاعلم يا أخي أن اللّه تعالى خلقها من تجلي قوله تعالى في الحديث القدسي: جعت فلم تطعمني وظمئت فلم تسقني، الحديث. وهذا من أعظم تنزل تنزل الحق تعالى به لعباده لطفا بهم ورحمة، فمن هذه الصفة خلقت النار ولذلك تجبرت على الجبارين وقصمت المتكبرين. قال: واعلم أن عذاب أهل النار إنما هو بما يكون في النار لا بنفس النار إذ النار إنما هي دار سجن أهلها وسكناهم لا غير وإنما عذاب أهلها بما يخلقه اللّه تعالى فيهم من الآلام متى شاء، فعذابهم حقيقة من اللّه تعالى وهم محل له، قال: ونضج الجلود في جهنم ليس عن النار حقيقة وإنما هو متولد بين النار وأهلها نشأ من مجاورتهما لأن نفس جمرات النار محرقة بالنار فما هي النار انظر وتأمل. وقال: وما في النار من الزمهرير هو أحد أركان النار لأن الحقائق لا تتبدل وقد خاطب اللّه تعالى النار بقوله: قُلْنٰا يٰا نٰارُ كُونِي بَرْداً وسَلاٰماً عَلىٰ إِبْرٰاهِيمَ ( 69 ) [الأنبياء: 69] فلو لا أن من حقيقتها البرد ما بردت فالنار تقبل البرد كما تقبل الحرارة سواء، قلت: وهذا المحل يحتاج إلى تأمل وتحرير، وقد أطال الشيخ الكلام على النار في الباب الحادي والستين والباب الثاني والستين من «الفتوحات» ، واللّه أعلم.
قال: واعلم أن النار لا تحرق من عصاة الموحدين إلا جوارحهم الظاهرة فقط لأن إيمانهم يمنع من تخلصها إلى قلوبهم، فانظر يا أخي عناية التوحيد بأهله كيف أمات جوارح جسده حتى لا تحس بالنار فهم كالنائم سواء حتى تأتيهم الشفاعة فإذا بعثهم اللّه من تلك النومة وجدوا إيمانهم على باب النار ينتظرهم فإذا غمسوا في نهر الحياة الذي على باب الجنة دخلوا الجنة، فلا يبقى في النار من علم أن اللّه إله واحد جملة واحدة، قال: ومحل ظهور سلطان الغضب في جهنم إنما هو إذا دخل أهلها إليها، أما إذا لم يكن فيها أحد فلا ألم فيها في نفسها ولا في نفس ملائكتها بل هي ومن فيها منهم متنعمون متلذذون يسبحون اللّه لا يفترون. قال: وإنما احتاجت النار إلى جرها بالسلاسل كما ورد لغلبة الرحمة منها على الموحدين فتقول: أتسلل شيئا فشيئا لعل اللّه تعالى أن يتطاول بالرحمة على عباده كما هو شأن بطانة الخير عند الملك، فإذا حق الغضب الإلهي على قوم غضبت لغضب الحق كما أنه صلى اللّه عليه وسلم يقول: سحقا سحقا لمن أخذ بهم ذات الشمال من أمته حين يقال له: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك بعد أن كان قال: أمتي أمتي أول ما رآهم وهم يسحبون إلى النار. وقال: في موضع آخر إنما امتنعت جهنم من الإتيان بسرعة واحتاجت إلى جرها بالسلاسل للرحمة القائمة بها على من تنتقم منه وذلك لأنها ما فتحت عليها من حين خلقت إلا على مسبح للّه بحمده، لا نعرف ما هي الأحكام التي استحق بها المكلف النار إلا أن تعلم ذلك بإعلام من اللّه تعالى، فإذا جيء بها وأمرت بالانتقام من الجبابرة والعصاة جذبت إليها أهلها بالخاصية جذب المغناطيس للحديد، وذلك لأن الشهوات والأفعال المحرمة كانت تجذبهم إلى النار ورسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم آخذ بحجزهم عنها وهم يتفلتون من يده، قال: وقد أوجد اللّه تعالى جهنم بطالع الثور ولذلك كان صورتها الجاموس، وكان طعام أهلها إذا دخلوها طحال الثور الذي هو بيت الدم والأوساخ ومحل يجتمع فيه الدم الفاسد إذ الثور حيوان ترابي طبعه البرد واليبس، فناسب ذلك أهل النار أشد مناسبة فيما فيه من الدمية، لا يموت أهل النار بما فيه من أوساخ البدن والدم الفاسد المؤلم لا يحيون ولا ينعمون، بل كلما أكلوا من ذلك ازدادوا مرضا وسقما.
![]() |
![]() |
البحث في نص الكتاب
البحث في كتاب الفتوحات المكية
بعض كتب الشيخ الأكبر
[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]
شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:
[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]
شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:
[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]
بعض الكتب الأخرى:
[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]
بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:
[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]