موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر

وهو منتخب من كتاب لواقح الأنوار القدسية المختصر من الفتوحات المكية

تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


المبحث الثالث والستون: في بيان أن الأرواح مخلوقة وأنها من أمر اللّه تعالى كما ورد وكل من خاض في معرفة كنهها بعقله فليس هو على يقين من ذلك وإنما هو حدس بالظن

ولم يبلغنا أنه صلى اللّه عليه وسلم تكلم على حقيقتها مع أنه سئل عنه فتمسك عنها أدبا ولا يعبر عنها بأكثر من موجود كما قاله أبو القاسم الجنيد وغيره وعبارة الجنيد رحمه اللّه: الروح شيء استأثر اللّه تعالى بعلمه ولم يطلع عليه أحدا من خلقه فلا يجوز لأحد البحث عنه بأكثر من أنه موجود وإليه ذهب أكثر المفسرين كالثعلبي وابن عطية. وقال جمهور المتكلمين: إنه جسم لطيف مشتبك بالبدن اشتباك الماء بالعود الأخضر. وقال كثير منهم إنها عرض وهي الحياة التي صار البدن بوجودها حيا وإليه مال القاضي أبو بكر الباقلاني ويدل للأول وصفها في الأخبار بالهبوط والعروج والتردد في البرزخ قاله السهروردي وهذا شأن الأجساد لا الأعراض إذ العرض لا يوصف بهذه الأوصاف وقال كثير من الصوفية: إنها ليست بجسم ولا عرض بل هو جوهر مجرد قائم بنفسه غير متحيز وله تعلق خاص بالبدن للتدبير والتحريك غير داخل في البدن ولا خارج عنه وهذا رأي الفلاسفة وهو كلام ساقط والذي ظهر لي أن العبد بتقدير إنه يطلع على كنه الروح لا يستطيع أن يعبر عنها بعبارة تؤدي السامع إلى معرفة كنهها لأن الحق تعالى جعله رتبة تعجيز لنا ليقول أحدنا لنفسه: إذا كنا نعجز عن معرفة حقيقة ذاتنا فنحن بذاته تعالى أعجز وأعجز حتى لا نخوض بالفكر في الذات فإننا إذا كنا نعجز عن معرفة روحن مع كونها مخلوقة، ومن أقرب الأشياء إلينا فكيف نعرف خالقنا فافهم. وفي كلام الإمام علي رضي اللّه تعالى عنه: من عرف نفسه عرف ربه قال بعضهم أي لأنه لا يمكن لأحد معرفة نفسه قط لأن الحق تعالى جعل النفس رتبة تعجيز لنا بيننا وبين معرفة ذاته كأنه تعالى يقول إذا عجز الإنسان عن معرفة نفسه مع كونها مخلوقة ومن أقرب الأشياء إليه فكيف بمعرفة من لا شبيه له ولا نظير ولا يجتمع مع عباده في حد ول حقيقة انتهى، قال الكمال بن أبي شريف في " حاشيته " فإن قيل كيف خاض الناس في معنى معرفة الروح وهو باب أمسك عنه الشارع فالجواب من وجهين الأول أنه إنما ترك الجواب تفصيلا لأجل قول اليهود فيما بينهم إن لم يجب عنها فهو صادق لأن ذلك عندهم من علامات نبوته فكان تركه صلى اللّه عليه وسلم الجواب عن الروح تصديقا لما تقدم في كتبهم من وصفه بذلك. الثاني أن السؤال كان سؤال تعجيز وتغليظ وتعنت وإذا كان السؤال على هذا الوجه فلا يجب الجواب عنه فإن الروح أمر مشترك بين روح الإنسان وبين جبريل وملك آخر يقال له الروح ويقال أيضا لصنف من الملائكة وللقرآن ولعيسى بن مريم فلو أنه صلى اللّه عليه وسلم كان أجاب بواحد منها لقالت اليهود لم نرد هذ تعنتا منهم وأذى له صلى اللّه عليه وسلم فلذلك جاء الجواب مجملا على وجه يصدق على كل من معاني الروح انتهى كلام الأصوليين. وقال الشيخ محيي الدين في " لواقح الأنوار ": إنما كانت الروح من أمر اللّه لأنها وجدت عن خطاب الحق تعالى بغير واسطة قال لها كوني فكانت كما قال عيسى عليه السلام إنه روح اللّه لأنه وجد عن نفخ الحق تعالى كما يليق بجلاله من غير واسطة قال تعالى: إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ [النساء: 171] قال: وقد ذهب الغزالي إلى أن معنى قوله تعالى قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي [الإسراء: 85] أي من غيبه فإن عالم الأمر هو عالم الغيب وعالم الخلق هو عالم الشهادة وقال: والأمر عندنا بخلاف ما قاله الغزالي رحمه اللّه وذلك إنا نقول كل ما أوجده الحق تعالى بلا واسطة فهو من عالم الأمر أي قال له الحق كن فكان وله وجه واحد إلى الحق وكل ما أوجده بواسطة فهو من عالم الخلق وله وجهان وجه إلى الحق ووجه إلى سببه الذي وجد عنه فتارة يدعوه الحق من الوجه الخاص وتارة يدعوه من وجه سببه لتفاصيل وحكم بالغة انتهى.

* - وقال في الباب الرابع والستين مائتين من "الفتوحات": اعلم أن اليهود لما سألوا النبي صلى اللّه عليه وسلم لم يسألوه عن ماهية الروح وإنما سألوه عن الروح من أين ظهر وفهم بعض المفسرين أن ذلك سؤال عن الماهية وليس كذلك فإن اليهود لم يقولوا له صلى اللّه عليه وسلم ما الروح فإن كان السؤال بهذه الصيغة محتملا لكن قد قوى الوجه الذي ذهبنا إليه ما جاء في الجواب من قوله من أمر ربي ولم يقل هو كذا وقد سمى اللّه تعالى الوحي روحا من قوله تعالى وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِناانتهى.

(فإن قلت): فما المراد بحديث: إن اللّه خلق الأرواح قبل الأجسام بألفي عام ؟ (فالجواب): مراده بالخلق هنا التقدير والتعيين أي قدر الأرواح وعين لكل جسم وصورة روحها المدبر لها الموجود بالقوة في الروح الكل المضاف إليه فيظهر ذلك بالتفصيل عند النفخ ومثال ذلك صاحب الكشف يرى في المداد الذي في الدواة جميع ما فيه من الحروف على صورة ما يصوره الكاتب أو الرسام فيقول في هذا المداد من الصور كذا وكذا صورة فإذا جاء وقت الكتابة أو الرسم وكتب من ذلك المداد لم يزد حرفا عما قاله المكاشف ولم ينقص ذكره الشيخ في الباب الثالث والسبعين وثلاثمائة.

* - وقال في الباب الثاني والسبعين من "الفتوحات":

إنما كان الروح من أمر الرب جل وعلا لأنه لم يوجد عن خلق وإنما أوجده اللّه تعالى بلا واسطة ولا يطلع على كنه ذلك إلا من شاء اللّه من الأصفياء انتهى.

* - وقال في الباب السابع والستين ومائتين: إنما تفاضلت النفوس من حيث القوابل وإل فهي من حيث النفخ الإلهي غير متفاضلة فلها وجه إلى الطبيعة ووجه إلى الروحية المحضة فلذلك قلنا مرارا إنها من عالم البرزخ كالأفعال المعلولة سواء فإنها من حيث نسبتها إلى العبد مذمومة ومن حيث كون الحق تعالى خالقا لها لا يقال مذمومة فإن أفعاله كلها محمودة انتهى.

* - وقال في الباب الثامن والستين ومائتين: إنما قال تعالى في آدموَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي [الحجر: 29] ، [ص: 72] بياء الإضافة إلى نفسه لينبه على مقام التشريف لآدم وفيه من الاعتبار كأن الحق تعالى يقول لآدم إنك شريف الأصل فإياك أن تفعل ما يخالف أصلك من أفعال الأراذل انتهى.

* - وقال في الباب الثامن والسبعين ومائتين: اعلم أنه لا رياسة عند الأرواح ولا تذوق لها طعما وإنم هي خاضعة لباريها على الدوام انتهى.

* - وقال في الباب التاسع والتسعين ومائتين: وليس للروح كمية فيقبل الزيادة في جوهر ذاته وإنما هو فرد ولولا ما هو عاقل بذاته ما أقر بربوبية خالقه عند أخذ الميثاق منه إذ لا يخاطب الحق تعالى إلا من يعقل عنه خطابه وهذا هو حقيقة الإنسان في نفسه وأطال في ذلك، ثم قال فعلم أن اللّه تعالى خلق الروح كاملا بالغا عاقلا عارفا بتوحيد اللّه مقرا بربوبيته وهي الفطرة التي فطر اللّه الناس عليها كما أشار إليه خبر كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه. فذكر الأغلب وهو وجود الأبوين والذي يربيه هو له بمنزلة أبويه وقال الشيخ في الباب السادس والعشرين وثلاثمائة: اعلم أن كل مقيد بصورة من جميع العالم روحا إلهيا ملازما له وبه كان مسبحا للّه عز وجل فمن الأرواح ما يكون مدبرا لتلك الصورة لكونها تقبل تدبير الأرواح لها وهي كل صورة تتصف بالحياة الظاهرة بالموت فإن لم تتصف بالحياة الظاهرة والموت فروحها روح تسبيح لا روح تدبير. وأطال في ذلك ثم قال وما ثم أعرف باللّه تعالى من أرواح الصور التي لاحظ لها في التدبير وهي أرواح الجماد، ودونها في الرتبة أرواح النبات ودونها في الرتبة أرواح الحيوان ودونهم أرواح المتمردين من الإنس أما الصالحون فما ثم أعلى من معرفة أرواحهم على اختلاف طبقاتهم من أنبياء وأولياء ومؤمنين اختصاصا إلهيا انتهى.

* - وقال في الباب الثامن والخمسين وثلاثمائة: اعلم أنه لاحظ للروح السعيدة في الشقاء في الدنيا والآخرة وأطال في ذلك.

* - وقال في الباب السادس والأربعين وثلاثمائة: مما غلط فيه جماعة قولهم إن الروح إحدى العين في أشخاص نوع الإنسان وأن روح زيد هي روح عمرو وهؤلاء لم يحققوا النظر على ما هو الأمر عليه وشبهتهم في ذلك كونهم رأوا أن الحق تعالى لما سوى جسم العالم وهو الجسم الكلي الصوري في جوهر الهباء المعقول قبل قبض الروح الإلهي الذي كان منتشرا غير معين إذ لم يكن ثم من يعنيه وهي جسم العالم به ضمن جسمه أجسام شخصياته فقاس على ذلك أنه تعالى ضمن روحه أرواح شخصياته وربما استند إلى قوله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ [الأعراف: 189] وغاب عن هؤلاء أنه كما لم يكن صورة جسم آدم صورة جسم كل شخص من ذريته وإنما كانوا متفرعين عنه فكذلك لم يكن كل روح في العالم هي عين الروح الأخرى وأطال في ذلك ثم قال: ولا يخفى أن من قال يتناسخ الأرواح فهو كافر عندنا واللّه أعلم. (خاتمة): في معنى قوله صلى اللّه عليه وسلم الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، اعلم أنه لا يعرف معنى هذا الحديث حقيقة إلا من شهد من طريق كشفه أخذ الذرية من ظهر آدم وذلك مشهد أقدس قل من يشهده لأنه خاص بالأفراد كسهل بن عبد اللّه التستري وأبي يزيد البسطامي وأضرابهما فكانوا يقولون لم نزل نشهد تلامذتن وهم نطف في الظهور من أخذ اللّه الميثاق على الذرية وهم في صلب آدم، قالوا: ولم نزل نراعي تلامذتنا حتى وصلوا إلينا ونعرف ذلك اليوم من كان عن يميننا ومن كان عن شمالنا قالوا ولما جمع اللّه تعالى الذرية في تلك الحضرة على وجه التمثيل فما كان وجها لوجه هناك تعارفوا هنا وائتلفوا وما كان ظهر الظهر تناكروا وتعادوا واختلفو وما كان وجه الظهر فصاحب الوجه يحب وصاحب لظهر لا يحب وكذا الحكم فيما كان جنب لجنب أو جنبا لوجه أو جنبا لظهر يكونون في هذه الدار بحكم ما كانوا هناك واللّه تعالى أعلم.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!