موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر

وهو منتخب من كتاب لواقح الأنوار القدسية المختصر من الفتوحات المكية

تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


المبحث الثامن والخمسون: في بيان عدم تكفير أحد من أهل القبلة بذنبه أو ببدعته

وبيان أن ما ورد في تكفيرهم منسوخ أو مؤول أو تغليظ وتشديد كقوله تعالى وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ [المائدة: 44]

* - قال ابن عباس وغيره: هو كفر لا ينقل عن الإسلام ومن أمثلة ما ورد التكفير به من الذنوب شرب الخمر وإتيان الساحر والكاهن ومن أمثلة ما قيل التكفير به من البدع إنكار صفات اللّه تعالى أو خلقه أفعال عباده أو عدم جواز رؤيته يوم القيامة فإن من العلماء من كفر هؤلاء.

أما من خرج ببدعته من أهل القبلة كمنكري حدوث العالم ومنكري البعث للنشر والحشر للأجسام والعلم بالجزئيات على ما مرّ في مبحث اسمه تعالى العالم فل نزاع في كفرهم لإنكارهم بعض ما علم مجيء الرسول به ضرورة.

* - قال الكمال في " حاشيته على شرح جمع الجوامع ": وقد عزى القول بكفر أهل البدع والذنوب من أهل القبلة إلى الأشعري. وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام وغيره قد رجع الشيخ أبو الحسن الأشعري قبل موته عن تكفير أحد من أهل القبلة، قال لأن الجهل بالصفات ليس جهلا بالموصوف. وقال: قد اختلفنا في عبارات كثيرة والمشار إليه واحد قال الشيخ كمال الدين بن أبي شريف ومن قال منا بأن لازم المذهب مذهب كفر المبتدعة الذين يلزم مذهبهم ما هو كفر فإن المجسمة مثلا عبدوا جسما وهو غير اللّه تعالى بيقين ومن عبد غير اللّه كفر، قال: وأما المعتزلة فإنهم وإن اعترفو بأحكام الصفات فقد أنكروا الصفات ويلزم من إنكار الصفات إنكار أحكامها فهم كفار بذلك. قال الكمال والصحيح أن لازم المذهب ليس بمذهب وأنه لا كفر بمجرد اللزوم لأن اللزوم غير الالتزام وقد وقع في " المواقف " ما يقتضي تقييده بما إذ لم يعلم ذو المذهب اللزوم وبأن اللازم كفر فإنه قال: من يلزمه الكفر ولا يعلم به ليس بكافر انتهى. ومفهومه أن علمه كفر لالتزامه إياه واللّه أعلم انتهى. وقد ذكر الشيخ أبو طاهر القزويني في كتابه " سراج العقول " أنه روي في بعض طرق حديث ستفترق أمتي على نيف وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة. ما نصه:

كلها في الجنة إلا واحدة رواها ابن النجار. قال العلماء والمراد بهذه الواحدة التي في النار هم الزنادقة قال القزويني وعلى هذه الرواية فيكون معنى الرواية المشهورة كلها في النار إلا واحدة أي في النار ورودهم وذلك في مرورهم على الصراطثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا(72) [مريم: 72] والظالمون هم الكافرون فلا ينبغي لمتدين أن يكفر أحدا من الفرق الخارجة عن طريق الاستقامة ما داموا مسلمين يتدينون بأحكام أهل الإسلام. قال: وأمهات هذه الفرق الواردة في الحديث المتقدم ستة مشبهة معطلة جبرية قدرية رافضة خوارج وكل طائفة من هذه الستة قد تشعبت اثنتي عشرة فرقة فاضرب الستة في اثنتي عشر فما خرج فهو العدد الذي أشار إليه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. قال: ثم لا يخفى أن الكفر هو ضد الإيمان قال تعالى: فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَر َ [البقرة: 253] والإيمان هو التصديق بالرسول وبما جاء به والكفر هو التكذيب لأنه مخالفة نص مقطوع به أو مخالفة الإجماع وفيهما جميعا تكذيب الرسول ثم إن التكذيب ينقسم إلى أربعة أقسام: الأول تكذيب اليهود والنصارى وذلك كفر لا شك فيه. الثاني تكذيب المنكرين لأصل النبوة وتكفيرهم يكون على الطريق الأولى لأنهم كذبوا جميع الأنبياء ومن أهل هذا القسم الدهرية لأنهم كذبوا اللّه وبالرسل جميع ومنهم أيضا الملاحدة لأنهم لبسوا التكذيب في صورة التصديق فعلقوا معرفة اللّه بمعرفة الرسول وقد علم قطعا أن معرفة الرسول معلقة بمعرفة المرسل فتكون المسألة دورية لا يمكن إثبات واحد منهما وفي ضمن دعواهم هذا نفي الرسول والمرسل جميعا وتبعهم أقوام على هذا الاعتقاد فأنكروا الشرائع وأباحوا نكاح الأمهات والبنات وقالوا ما ثم إلا فروج تدفع وأرض تبلع فالتحقوا بالمجوس والدهرية. القسم الثالث قوم صدقو الرسول ولكن اعتقدوا أن جميع ما أخبر به الرسل من الشرائع ومنكر ونكير والحشر والنشر ونحو ذلك إنما هو على طريق المصالح للخلق وهم الفلاسفة وكفرهم من حيث تجويزهم الكذب على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وفي ذلك سد باب النبوة أصلا إذ يبطل الثقة بقولهم فيجب تكفيرهم بالطريق الأولى ويقرب من أهل هذ القسم الحلولية الذين يزعمون أن روح الإله حلت فيهم وأن للّه تعالى أعضاء على صورة حروف الهجاء وكذلك يقرب منهم الخطابية التي ادعت الألوهية لجعفر بن محمد الصادق، وكذلك الصابئة ادعوها لعلي بن أبي طالب رضي اللّه عنه فأمر علي بن أبي طالب بإحراقهم بالنار فصاروا يصرخون في النار الآن تحققنا إنك إله فلما اطلع أئمة الشريعة على هذه الفضائح الشنيعة ألحقوا القدرية بالمجوس، والحلولية بأهل الردة والمجسمة بعيدة الأوثان فيستتابون وينبهون على أن ذلك كفر فإن أصروا ولم يرجعو عقد السلطان لهم مجلسا وفعل بهم ما اتفق رأي العلماء عليه من قتل أو عقوبة وليس ذلك لآحاد الرعية بإجماع الأمة. القسم الرابع قوم صدقوا الرسول في قوله ولكنهم أخطأوا في التأويل مع كونهم من أهل القبلة كالمعتزلة والنجارية والروافض والخوارج والمشبهة ونحوهم وقد اختلف الأئمة هل الخطأ في التأويل يبلغ حد التكفير فيبلغو التكفير أم لا فصاروا في ذلك فرقتين: الفرقة الأولى زعمت أن من خالف الرسول في شيء أخبر به فقد كذبه، سواء كان بمجرد الإنكار أو الخطأ في التأويل وأجروا عليهم بذلك أحكام الكفرة ولم يميزوا بين الغلاة منهم وبين المقتصدين وهؤلاء مع ما ضيقو من رحمة اللّه التي وسعت كل شيء لم يتابعهم الجمهور من العلماء والخلفاء ولم يهرقوا دماء القوم بقولهم ولا استباحوا أموالهم ولا حريمهم بفتواهم، بل أجرو عليهم أحكام المسلمين إلى عصرنا هذا لدخولهم في صدق اسم المسلمين عليهم وهم من أمة الإجابة بلا شك فمن سماهم كفرة فقد ظلم وتعدى وإنما يقال فيهم فسقة ضالة مبتدعة مخطئة ونحو ذلك. ومن سماهم كفرة فإنما ذلك على سبيل التشديد والتغليظ لما هم عليه من الخطأ الفاحش والبدع الشنيعة فشبه ذلك بالكفر لمقاربته له كما ورد في الحديث المراء في القرآن كفر. وكما ورد: بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة ومن ترك الصلاة متعمدا فقد كفر وإذا قال المسلم للمسلم يا كافر فقد كفر لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ونحو ذلك فإنه كله ورد على وجه التغليظ والزجر فإن الشيء قد يطلق على الشيء الآخر بنوع شبه ولا يقتضي حقيقة الحكم عند التفصيل كما يقول الشخص لأجنبي أنت أخي أو ولدي على طريق التقريب والإكرام ثم لا يرثه إذا مات ولا يحرم عليه بناته وأخواته وكما يقول الرجل لآخر أنا عبدك على معنى التواضع والطاعة ولا يجوز له بذلك القول بيعه ولا امتلاكه انتهى.

(قلت): لكن في فتاوى الإمام الكردي في آخر ألفاظ التكفير بعد ما قاله أئمة الحنفية من المكفرات ما نصه: ويحكى عن بعض من لا سلف له أنه كان يقول ما ذكر في الفتاوى أن فلانا يكفر بكذا إنما هو للتخويف والتهويل لا لحقيقة الكفر قال وهذا كلام باطل وحاشا أن يلعب أمناء اللّه أعني علماء الأحكام بالحلال والحرام والكفر والإسلام بل لا يقولون إلا الحق الثابت عن سيد الأنام محمد صلى اللّه عليه وسلم أو ما أدري اجتهاد الإمام آخذا من نص القرآن أنزله الملك العلام وشرعه سيد المرسل العظام أو قاله الصحب الكرام قال هذا الذي حررته هو كلام المشايخ السابقين العظام بوأهم اللّه بفضله دار السلام. انتهى كلامه وما عليه الجمهور أولى فإن منازع الفرق دقيقة على غالب الناس وكيف يقتل رجل يقول ربي اللّه ومحمد نبيي ويؤمن بالحشر والحساب واللّه تعالى أعلم.

الفرقة الثانية من الأئمة قد أمسكت عن القول بتكفير المؤولين ولم يجعلوا أحدا منهم كافرا ولا مكذبا للرسل وقالوا لو كان المؤولون مكذبين للرسل كالكفرة ولم يعتنوا بتأويل كلامه صلى اللّه عليه وسلم ولم يشتغلوا به كانوا يضربون عنه صفحا فأشعر عدولهم إلى تأويله بأنهم قبلوه وصدقوا به غير أنهم لم يوفقو للصواب في تأويله فاخطأوا فيه فكان حكمهم حكم من فر من الكفر فوقع في البدعة بخطئه قال أبو سليمان الخطابي رحمه اللّه: وأول ما وقع مفارقة أهل السنة في زمن الإمام علي رضي اللّه عنه وكان هؤلاء المخالفون هم الذين أخبر عنهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية قال وقد سئل الإمام علي رضي اللّه عنه عنهم أكفّار هم ؟ فقال لا إنهم من الكفر فروا فقيل أمنافقون هم ؟

فقال: لا إن المنافقين لا يذكرون اللّه إلا قليلا وهؤلاء يذكرون اللّه كثيرا فقيل أي شيء هم ؟ فقال: قوم أصابتهم فتنة فعموا فيها وصموا قال الخطابي وإنما لم يجعلهم كفارا لأنهم تعلقوا بضرب من التأويل والمراد بقوله صلى اللّه عليه وسلم يمرقون من الدين أي الطاعة كما قال تعالى: ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ [يوسف: 76] أي طاعته قال وحجة من قال بعدم تكفير المتأولين أنه قد ثبت عصمة دمائهم وأموالهم بقولهم لا إله إلا اللّه محمد رسول اللّه ولم يثبت أن الخطأ في التأويل كفر وإلا فلا بد من دليل على ذلك من نص أو إجماع أو قياس صحيح على أصل صحيح من نص أو إجماع ولم نجد من ذلك شيئا فبقي القوم على الإسلام فإن اتفق في زمان وجود مجتهد تكاملت فيه شروط الاجتهاد كالأئمة الأربعة وبان له دليل قاطع أن الخطأ في التأويل موجب للكفر كفرناهم بقوله وهيهات أن يوجد مثل ذلك في مثل هذه الأزمان انتهى.

وقد سئل الإمام المزني رحمه اللّه عن مسألة في علم العقائد فقال: حتى أنظر وأتثبت، فإنه دين اللّه وكان ينكر على من يبادر إلى تكفير أهل الأهواء والبدع ويقول: إن المسائل التي يقعون فيها لطاف تدق عن النظر العقلي وكان إمام الحرمين رحمه اللّه يقول: لو قيل لنا فصلوا ما يقتضي التكفير من العبارات مما لا يقتضيه لقلنا هذا الجمع طمع في غير مطمع فإن هذا بعيد المدرك وعر المسلك يستمد من تيار بحار التوحيد ومن لم يحط علما بنهايات الحقائق لم يتحصل من دلائل التكفير على وثائق وكان أبو المحاسن الروياني وغيره من علماء بغداد قاطبة يقولون لا يكفر أحد من أهل المذاهب الإسلامية لأن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال من صلى صلاتن واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فله مالنا وعليه ما علينا. انتهى.

(قلت): وقد رأيت سؤالا بخط الشيخ شهاب الدين الأذرعي صاحب " القوت " قدمه إلى شيخ الإسلام الشيخ تقي الدين السبكي رحمه اللّه وصورته: ما يقول سيدن ومولانا شيخ الإسلام في تكفير أهل الأهواء والبدع ؟

فكتب إليه اعلم يا أخي وفقني اللّه وإياك أن الإقدام على تكفير المؤمنين عسر جدا وكل من في قلبه إيمان يستعظم القول بتكفير أهل الأهواء والبدع مع قولهم لا إله إلا اللّه محمد رسول اللّه فإن التكفير أمر هائل عظيم الخطر ومن كفر إنسانا فكأنه أخبر عن ذلك الإنسان بأن عاقبته في الآخرة العقوبة الدائمة أبد الآبدين وأنه في الدنيا مباح الدم والمال لا يمكن من نكاح مسلمة ولا تجري عليه أحكام أهل الإسلام في حياته ولا بعد مماته والخطأ في قتل مسلم أرجح في الإثم من ترك قتل ألف كافر ثم إن تلك المسائل التي يحكم فيها بالتكفير لهؤلاء المبتدعة في غاية الدقة والغموض لكثرة شعبها ودقة مداركها واختلاف قرائنها وتفاوت دواعي أهله ويحتاج من يحيط بالحق فيها إلى الاستقصاء في معرفة الخط بسائر صنوف وجوهه وإلى الاطلاع على حقائق التأويل وشرائطه في الأماكن ومعرفة الألفاظ المحتملة للتأويل وغير المحتملة وذلك يستدعي معرفة جميع طرق أهل اللسان من سائر قبائل العرب في حقائقها ومجازاتها واستعاراتها ومعرفة دقائق الأمور في علم التوحيد إلى غير ذلك مما هو متعذر جدا على غالب العلماء فضلا عن غيرهم. وأطال في ذلك ثم قال: فعلم أن القول بتكفير أهل الأهواء والبدع يحتاج إلى أمرين عزيزين أحدهما تحرير المعتقد وهو صعب من جهة عدم الاطلاع على ما في القلب وتخليصه مما يشوبه مع تعذر أن الشخص ينطق عند حاكم بما يعرف أن به يكون قتله هذا أمر أعز من الكبريت الأحمر وكذلك البينة على ما في قلب الشخص يتعذر إقامتها. الثاني أن الحكم بأن ذلك كفر صعب من جهة صعوبة علم الكلام ومواطن الاستنباط وتمييز الحق فيه من غيره وإنما يحصل ذلك لرجل جمع صحة الذهن ورياضة النفس حتى خرج عن الهواء والتعصب بالكلية مع امتلائه من علوم الشريعة والاطلاع على أسرارها ومنازع الأئمة المجتهدين فيها وهذا أقل أن يوجد الآن عند شخص وإذا كان الإنسان يعجز عن تحرير اعتقاد نفسه في عبارة فكيف يقدر على تحرير اعتقاد غيره في عبارة فالأدب من كل مؤمن أن لا يكفر أحدا من أهل الأهواء والبدع لا سيما وغالب أهل الأهواء إنما هم عوام مقلدون لبعضهم بعضا لا يعرفون دليلا يناقض اعتقادهم اللهم إلا أن يخالفوا النصوص الصريحة التي لا يحتمل التأويل عنادا وجحدا فللعلماء في ذلك النظر انتهى كلام الشيخ تقي الدين السبكي. ومن خطه نقلت رحمه اللّه وهو كلام في غاية الجودة والنفاسة:

وكان الإمام أحمد بن زاهر السرخسي أخص أصحاب الشيخ أبي الحسن الأشعري يقول: لما حضرت الوفاة أبا الحسن الأشعري في داري ببغداد أمر بجمع أصحابه ثم قال اشهدوا على أنني لا أكفر أحدا من أهل القبلة بذنب لأنني رأيتهم كلهم يشيرون إلى معبود واحد والإسلام يشملهم ويعمهم انتهى. فانظر كيف سماهم مسلمين واللّه تعالى أعلم.

(خاتمة): أخبرني شيخنا الإمام العالم المحدث الشيخ أمين الدين إمام جامع الغمري بمصر المحروسة أن شخصا وقع في عبارة في التوحيد ظاهرها مخالف للشريعة فعقدوا له مجلسا بحضرة السلطان بمصر فأفتى العلماء بكفره، وكان الشيخ جلال الدين المحلي غائبا عن المجلس فلما حضر قال: من أفتى بقتل هذا فقال شيخ الإسلام صالح البلقيني وجماعة: نحن أفتينا بذلك فقال لهم ما دليلكم في ذلك فقال الشيخ صالح: أفتى بذلك والدي شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني في نظير هذه الواقعة فقال تقتلون رجل مسلما موحدا يقول ربي اللّه ومحمد الرسول نبينا بفتوى والدك ثم أخذ بيد الرجل ونزل به من القلعة فما تجرأ أحد يتبعه رضي اللّه عنه. وقال الشيخ الإسلام بالشام سراج الدين المخزومي: أفتيت مرة بقتل يهودي انتقص رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فعاتبني على ذلك شيخ الإسلام جلال الدين البلقيني وقال: هلا كنت بعثت به إلى المالكية ليتقلدوا أمره وأرحت نفسك من تبعته قال المخزومي رحمه اللّه وقد أفتى شيخنا شيخ الإسلام شهاب الدين الزهري رحمه اللّه بقتل رجل سبّ أمنا عائشة وكان قد نهاه فلم ينته فلما خرجوا به يجرونه للقتل قال بأعلى صوته يا زهري ما حجتك عند اللّه أتقتلون رجلا يقول ربي اللّه ومحمد رسول اللّه نبيي فكان الزهري بعد ذلك لا يزال يذكر قوله ويبكي ويقول: إني أخاف من قتل ذلك الرجل أن يؤاخذني اللّه به يوم القيامة انتهى، هذا الخوف في حق من سب من صرح القرآن ببراءتها فكيف بمن يتجرأ على الإفتاء بقتل أحد من أولياء اللّه تعالى بعبارة لم يفهمها على وجهها الغلظ حجابه وكان الإمام الغزالي رحمه اللّه يقول: من أكبر الآثام تخطئة العلماء من غير اطلاع على مرادهم وحمل كلامهم على حال قد لا يرتضونها.

* - وقال في كتابه " المنقذ من الضلال " إنما يجب على العلماء بيان ما تبين لهم أنه الحق لا ما لا يتبين لهم. وقال شيخ الإسلام المخزومي قد نص الإمام الشافعي على عدم تكفير أهل الأهواء في " رسالته " فقال لا أكفر أهل الأهواء بذنب وفي رواية عنه ولا أكفر أحدا من أهل القبلة بذنب وفي رواية أخرى عنه ولا أكفر أهل التأويل المخالف للظاهر بذنب، قال المخزومي رحمه اللّه أراد الإمام الشافعي رحمه اللّه بأهل الأهواء أصحاب التأويل المحتمل كالمعتزلة والمرجئة وأراد بأهل القبلة أهل التوحيد انتهى. فقد علمت يا أخي مما قررناه لك في هذا المبحث أن جميع العلماء المتدينين أمسكوا عن القول بالتكفير لأحد من أهل القبلة بذنب فبهداهم اقتده واللّه تعالى أعلم.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!