موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر

وهو منتخب من كتاب لواقح الأنوار القدسية المختصر من الفتوحات المكية

تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


المبحث الرابع عشر: في أن صفاته تعالى عين أو غير أو لا عين ولا غير

اعلم يا أخي أن نفي الصفات الذاتية ينسب إلى المعتزلة وهم لم يصرحو بذلك كما قاله شيخ الإسلام ابن أبي شريف في " حاشيته " وإنما أخذ الناس ذلك من نفيهم صفات الذات كالقدرة والعلم مثلا من حيث كونها زائدة وإلا فالمعتزلة متفقون على أنه تعالى حي عالم قادر مريد سميع بصير متكلم لكن بذاته لا بصفة زائدة قالو فمعنى أنه متكلم أنه خالق الكلام في الشجرة مثلا قال وهذا بناء منهم على إنكار الكلام النفسي وزعمهم أن لا كلام إلا اللفظي وقيام اللفظي بذاته تعالى ممتنع فم نقل عنهم من نفي الصفات على هذا التقرير لازم لمذهبهم ولازم المذهب ليس بمذهب على الراجح وأطال في ذلك، ثم قال: ومذهب أهل السنة أن صفات الحق السبعة زائدة على الذات قائمة بها لازمة لها لزوما لا يقبل الانفكاك وقالوا: الحق تعالى حي بحياة عالم بعلم قادر بقدرة وهكذا قال وأما صفة البقاء فقد اختلفوا فيها فالأشعري وأكثر أتباعه على أنها صفة زائدة على الذات وقال القاضي والإمامان وغيرهم كقوله المعتزلة إنه تعالى

باق لذاته لا ببقاء، قال: والأدلة من الجانبين مسطورة في كتب أصول الدين قال وإنما نفى المعتزلة الصفات على ما مر تقريره هروبا من تعدد القدماء وأهل السنة قالوا القديم لذاته واحد وهو الذات المقدس وهذه صفات وجبت للذات لا بالذات والتعدد لا يكون في القديم لذاته، انتهى. ذكره في مبحث الاشتقاق من شرح جمع الجوامع في حاشيته انتهى كلام المتكلمين.

وأما ما قاله الصوفية رضي اللّه تعالى عنهم فقد قال سيدي علي بن وف رحمه اللّه: اعلم أن الذات شيء واحد لا كثرة فيه ولا تعدد بالحقيقة وإنما خلاف المعتزلة من تعدد القدماء من جهة اعتبار تعينها بالصفات وذلك إنما هو تعدد اعتباري والاعتباري لا يقدح في الوحدة الحقيقية كفروع الشجرة بالنظر لأصلها أو كالأصابع بالنظر للكف انتهى. (فإن قيل) فما الفرق بين الصفات والأوصاف (فالجواب) كم قاله الشيخ محيي الدين في الكلام على التشهد في الصلاة من "الفتوحات" أن الصفات يعقل منها أمر زائد وعين زائدة على عين الموصوف وأما الأوصاف فقد تكون عين الموصوف بنسبة خاصة مالها عين موجودة انتهى.

وذكر أيضا في الباب السادس عشر وأربعمائة عن شيخه أبي عبد اللّه الكناني إمام المتكلمين بالمغرب أنه كان يقول: كل من تكلف دليلا على كون الصفات الإلهية عينا أو غيرا فدليله مدخول لكن من قال إنها عين فهو أكثر أدبا وتعظيم وسيأتي آخر المبحث الآتي عقبه إن من الأدب أن نسمي الصفات أسماء لأنه هو الوارد فراجعه وقد بسط الشيخ محيي الدين الكلام على مبحث الصفات هل هي عين أو غير وأحسن ما رأيته عنه في جميع "الفتوحات" ما ذكره في هذه الأبواب الخمسة الآتي ذكره

وهي الباب السابع عشر والباب السادس والخمسين والباب الثالث والسبعين وثلاثمائة والباب السبعين وأربعمائة والباب الثامن والخمسين وخمسمائة فأما ما قاله في الباب السابع عشر فقال: اعلم أن جميع الأسماء والصفات الإلهية كلا نسب وإضافات ترجع إلى عين واحدة لأنه لا يصح هناك كثرة بوجود أعيان أخر كما زعمه بعض النظار ولو كانت الصفات أعيانا زائدة وما هو إله إلا به لكانت الألوهية معلومة بها ثم لا يخلو أن تكون هي عين الإله فالشيء لا يكون علة لنفسه أو لا تكون عينه فاللّه تعالى لا يكون معلولا لعلة ليست عينه فإن العلة متقدمة على المعلول بالرتبة فيلزم من ذلك افتقار الإله من كونه معلولا لهذه الأعيان الزائدة التي هي علة له وهو محال ثم إن الشيء المعلول لا يكون له علتان

وهذه علل كثيرة لا يكون إلها إلا بها فبطل أن تكون الأسماء والصفات أعيانا زائدة على ذاته تعالى اللّه عن ذلك انتهى. وأما ما قاله في الباب السادس والخمسين فهو قوله: اعلم يا أخي أن الاستقراء السقيم لا يصح في العقائد لأن مبناها على الأدلة الواضحة وقد تتبع بعض المتكلمين أدلة المحدثات فلم يجد فيها من هو عالم لنفسه فأعطاه دليله أن لا يكون عالم قط إلا بصفة زائدة على ذاته تسمى علم وحكمها فيمن قامت به أن يكون عالما قال وقد علمنا أن الحق تعالى عالم فلا بد أن يكون له علم ويكون ذلك العلم صفة زائدة على ذاته قائمة به، قال الشيخ محيي الدين: وهذا استقراء سقيم بل هو اللّه العالم القادر الخبير كل ذلك بذاته لا بأمر زائد عليها إذ لو كان ذلك بأمر زائد على ذاته وهي صفات كمال لا يكون كمال الذات إلا به لكان كماله تعالى بشيء زائد على ذاته واتصفت ذاته بالنقص والفقر إذا لم يقم به هذا الزائد تعالى اللّه عن ذلك فهذا هو الذي دعا بعض المتكلمين أن يقول في صفات الحق تعالى إنها غيره فأخطأ طريق الصواب وسبب خطئه أنه رأى العلم من صفات المعاني بقدر رفعه مع كمال ذات العالم من الخلق فلما أعطاه الدليل ذلك طرده شاهدا وغائب يعني في حق الخلق والحق معا انتهى.

على أن الشيخ ذكر في الباب الثامن والخمسين وخمسمائة في الكلام على اسمه تعالى العليمأن من الخلق من يكون علمه من ذاته لا بأمر زائد وذلك في كل علم يدركه الإنسان بعين وجوده خاصة ولا يفتقر في تحصيله إلى أمر آخر فإذا ورد عليه ما لا يقبله إلا بكونه موجودا على مزاج خاص فهو علمه الذاتي انتهى. فليتأمل كأنه يقول فإذا كان بعض العبيد يقع له عدم استفادة العلم من غيره فالحق أولى لكن الفرق بين علم هذا العبد وعلم الحق تعالى أن علم العبد هبة من اللّه تعالى له حين نفخ فيه الروح فليس علمه من قسم من كان علمه بذاته حقيقة وهو اللّه فاعلم ذلك وإياك والغلط

وأما ما ذكره في الباب الثالث والسبعين وثلاثمائةفهو قوله اعلم أنه لا يجوز الحكم على اللّه بشيء لأنه خير الحاكمين ومن هنا يعلم أنه لو كانت صفات الحق تعالى زائدة على ذاته كما يقول به بعضهم لحكم على الذات بما هو زائد عليها ولا هو عينها وقد زل في هذه المسألة كثير من المتكلمين وأصلهم فيها قياس الغائب على الشاهد وهو غاية الغلط فإن الحكم على المحكوم عليه بأمر ما من غير أن تعلم ذات المحكوم عليه وحقيقته جهل عظيم من الحاكم عليه بذلك فرحم اللّه أبا حنيفة حيث لم يقض على غائب انتهى. وأما ما قاله في الباب السبعين وأربعمائة فهو قوله اعلم أن بالعلم يعلم العلم فالعلم معلوم العلم فهو

المعلوم للعلم والعلم صفة العالم فما عرف الحق تعالى منك إلا علمك لا أنت غير ذلك لا يصح لك ومن هنا قالوا العلم حجاب أي عن شهود حقيقة الحق تعالى قال الشيخ محيي الدين وهذا الذي ذكرناه هو الذي يتمشى على قول بعض المتكلمين في الصفات إنها ما هي غيره فقط ويقف. وأما قولهم بعد هذا المقول ولا هي هو فإنما ذلك لم رأوا من أنه معقول زائد على هو فنفي هذا القائل أن تكون الصفات هو وما قدر على أن يثبت هو من غير علم يصفه به فقال وما هو غيره فحار فنطق بما أعطاه فهمه وقال صفات الحق لا هي هو ولا هي غيره قال الشيخ محيي الدين وهو كلام خلي من الفائدة وقوله لا روح فيه يدل على عدم كشف قائله قال ولكنا إذا قلنا نحن مثل هذا القول لم نقله على حد ما يقوله المتكلم فإنه يعقل الزائد ولا بد ونحن لا نقول بالزائد ولا يخالف كشفنا بأن الصفات الإلهية عين فإن من يقول إنها غير واقع في قياس الحق تعالى على الخلق في زيادة الصفة على الذات فما زاد هذا على الذين قالوا إن اللّه فقير إل بحسن العبارة فقط فإنه جعل كمال الذات لا يكون إلا بغيرها فنعوذ باللّه أن نكون من الجاهلين انتهى. فتلخص من جميع كلام الشيخ أنه قائل بأن الصفات عين لا غير كشف ويقينا وبه قال جماعة من المتكلمين وما عليه أهل السنة والجماعة أولى واللّه سبحانه يتولى هداك.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!