موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب الاذكار

للشيخ الإمام الحافظ زكريا بن شرف الدين النووي

كتاب تلاوة القرآن

 

 


بابُ تلاوة القرآن

اعلم أن تلاوة القرآن هي أفضل الأذكار، والمطلوب القراءة بالتدبر، وللقراءة آدابٌ ومقاصد، وقد جمعت قبل هذا فيها كتاباُ مختصراً ‏(1)‏ مشتملاً على نفائس من آداب القرّاء والقراءة وصفاتها وما يتعلق بها، لا ينبغي لحامل القرآن أن يخفى عليه مثله، وأنا أُشِيرُ في هذا الكتاب إلى مقاصدَ من ذلك مختصرة، وقد دللتُ من أراد ذلك وإيضاحه على مظنته، وباللّه التوفيق‏.‏

فصل‏:‏ ينبغي أن يحافظ على تلاوته ليلاً ونهاراً، سفراً وحضراً، وقد كانت للسلف رضي اللّه عنهم عادات مختلفة في القدر الذي يختمون فيه، فكان جماعةٌ منهم يختمون في كل شهرين ختمة، وآخرون في كل شهر ختمة، وآخرون في كل عشر ليال ختمة، وآخرون في كل ثمان ليالٍ ختمة، وآخرون في كل سبع ليالٍ ختمة، وهذا فعل الأكثرين من السلف، وآخرون في كل ستّ ليال، وآخرون في خمس، وآخرون في أربع، وكثيرون في كل ثلاث، وكان كثيرون يختمون في كل يوم وليلة ختمة، وختم جماعة في كل يوم وليلة ختمتين‏.‏ وآخرون في كل يوم وليلة ثلاث ختمات، وختم بعضهم في اليوم والليلة ثماني ختمات‏:‏ أربعاً في الليل، وأربعاً في النهار‏:‏ وممّن ختم أربعاً في الليل وأربعاً في النهار السيد الجليل ابن الكاتب الصوفي ‏(2)‏ رضي اللّه عنه، وهذا أكثر ما بلغنا في اليوم والليلة‏.‏

وروى السيد الجليل أحمد الدورقي بإسناده عن منصور بن زاذان بن عباد التابعي رضي اللّه عنه أنه كان يختم القرآن ما بين الظهر والعصر، ويختمه أيضاً فيما بين المغرب والعشاء، ويختمه فيما بين المغرب والعشاء في رمضان ختمتين وشيئاً، وكانوا يؤخرون العشاء في رمضان إلى أن يمضي ربع الليل‏.‏

وروى ابن أبي داود بإسناده الصحيح أنّ مجاهداً رحمه اللّه كان يختم القرآن في رمضان فيما بين المغرب والعشاء‏.‏

وأما الذين ختموا القرآن في ركعة فلا يُحصون لكثرتهم، فمنهم عثمان بن عفان، وتميم الدّاري، وسعيد بن جبير‏.‏

والمختار أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص، فمن كان يظهر له بدقيق الفكر لطائف ومعارف فليقتصر على قدر يحصل له فهم ما يقرأ، وكذا من كان مشغولاً بنشر العلم أو فصل الحكومات بين المسلمين أو غير ذلك من مهمات الدين والمصالح العامَّة للمسلمين، فليقتصر على قدر لا يحصل له بسببه إخلال بما هو مرصد له ولا فوت كماله، ومن لم يكن من هؤلاء المذكورين فليستكثْر ما أمكنه من غير خروج إلى حدّ الملل أو الهذرمة في القراءة‏.‏

وقد كره جماعة من المتقدمين الختم في يوم وليلة، ويدلّ عليه‏:‏

1/270 ما رويناه بالأسانيد الصحيحة في سنن أبي داود والترمذي والنسائي وغيرها، عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لاَ يَفْقَهُ مَنْ قَرأ القُرآنَ فِي أقَلّ مِنْ ثَلاثٍ‏"‏‏.‏

وأما وقت الابتداء والختم فهو إلى خيرة القارىء، فإن كان ممّن يختم في الأسبوع مرّة، فقد كان عثمان رضي اللّه عنه يبتدىء ليلة الجمعة ويختم ليلة الخميس، وقال الإِمام أبو حامد الغزالي في الإِحياء‏:‏ الأفضل أن يختم ختمة بالليل، وأخرى بالنهار، ويجعل ختمة النهار يوم الاثنين في ركعتي الفجر أو بعدهما، ويجعل ختمة الليل ليلة الجمعة في ركعتي المغرب أو بعدهما، ليستقبل أوّل النهار وآخره‏.‏

وروى ابن أبي داود عن عمرو بن مرّة التابعي الجليل رضي اللّه عنه قال‏:‏ كانوا يحبّون أن يختم القرآن من أوّل الليل أو من أوّل النهار‏.‏ وعن طلحة بن مصرف التابعي الجليل الإِمام قال‏:‏ من ختم القرآن أية ساعة كانت من النهار صلّتْ عليه الملائكةُ حتى يمسي، وأية ساعة كانت من الليل صلَّت عليه الملائكةُ حتى يُصبح‏.‏ وعن مجاهد نحوه‏.‏ ‏(3)

2/271 وروينا في مسند الإِمام المجمع على حفظه وجلالته وإتقانه وبراعته أبي محمد الدارمي رحمه اللّه، عن سعد بن أبي وقاص رضي اللّه عنه قال‏:‏ إذا وافق ختم القرآن أول الليل صلّت عليه الملائكة حتى يصبح، وإن وافق ختمه آخر الليل صلّت عليه الملائكة حتى يُمسي‏.‏ قال الدارمي‏:‏ هذا حسن عن سعد‏.‏ ‏(4)

فصل‏:‏ في الأوقات المختارة للقراءة، اعلم أن أفضل القراءة ما كان في الصلاة، ومذهب الشافعي وآخرين رحمهم اللّه‏:‏ أن تطويلَ القيام في الصلاة بالقراءة أفضلُ من تطويل السجود وغيره‏.‏ وأما القراءةُ في غير الصلاة فأفضلُها قراءة الليل، والنصف الأخير منه أفضل من الأوّل، والقراءةُ بين المغرب والعشاء محبوبة‏.‏ وأما قراءةُ النهار فأفضلُها ما بعد صلاة الصبح، ولا كراهة في القراءة في وقت من الأوقات، ولا في أوقات النهي عن الصلاة‏.‏ وأما ما حكاه ابن أبي داود رحمه اللّه عن مُعان بن رفاعة رحمه اللّه عن مشيخته ‏(5) أنهم كرهوا القراءة بعدَ العصر وقالوا‏:‏ إنها دراسة يهود، فغير مقبول ولا أصل له، ويختار من الأيام‏:‏ الجمعة، والاثنين، والخميس، ويوم عَرَفَة؛ ومن الأعشار‏:‏ العشر الأوّل من ذي الحجة والعشر الأخير من رمضان؛ ومن الشهور‏:‏ رمضان‏.‏

فصل‏:‏ في آداب الختم وما يتعلق به، قد تقدم أن الختم للقارىء وحدَه يُستحب أن يكون في صلاة‏.‏ وأما من يختم في غير صلاة، والجماعة الذين يختمون مجتمعين، فيُستحبّ أن يكون ختمُهم في أوّل الليل أو في أوّل النهار كما تقدم‏.‏ ويُستحبّ صيام يوم الختم إلا أن يُصادف يوماً نهى الشرعُ عن صيامه‏.‏ وقد صحّ عن طلحة بن مصرّف والمسيّب بن رافع وحبيب بن أبي ثابت التابعيّينَ الكوفيّينَ رحمهم اللّه أجمعين؛ أنهم كانوا يُصبحون صياماً اليوم الذي يختمون فيه‏.‏ ويُستحبّ حضورُ مجلس الختم لمن يقرأ ولمن لا يُحسن القراءة‏.‏

3/272 روينا في الصحيحين‏:‏ أنَّ رسولَ اللَّه صلى اللّه عليه وسلم أمر الحُيَّضَ بالخروج يومَ العيد فيشهدْنَ الخيرَ ودعوةَ المسلمين (6)

4/273 وروينا في مسند الدارمي عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أنه كان يجعل رجلاً يُراقب رجلاً يقرأ القرآن، فإذا أراد أن يختمَ أعلم ابنَ عباس رضي اللّه عنهما، فيشهد ذلك‏.‏ (7)

5/274 وروى ابن أبي داود بإسنادين صحيحين، عن قَتادَة التابعيّ الجليل الإِمام صاحب أنس رضي اللّه عنه قال‏:‏ كان أنسُ بن مالك رضي اللّه عنه إذا ختم القرآن جمع أهله ودعا‏.‏ وروَى بأسانيد صحيحة عن الحكم بن عُتَيْبَةَ بالتاء المثناة فوق والمثناة تحت ثم الباء الموحدة التابعي الجليل الإِمام قال‏:‏ أرسل إليّ مجاهد وعَبْدَةُ بن أبي لُبابة فقالا‏:‏ إنّا أرسلا إليك لأنّا أردنا أن نختم القرآن، والدعاء يُستجاب عند ختم القرآن‏.‏

وروى بإسناده الصحيح عن مُجاهد قال‏:‏ كانوا يجتمعون عند ختم القرآن يقولون‏:‏ تنزلُ الرحمةُ‏.‏ (8)

فصل‏:‏ ويُستحبّ الدعاء عند الختم استحباباً متأكداً شديداً لما قدّمناه‏.

6/275 وروينا في مسند الدارمي عن حُميد الأعرج رحمه اللّه، قال‏:‏ مَن قرأ القرآن ثم دعا أمَّنَ على دعائه أربعةُ آلاف مَلَك‏.‏ (9)

وينبغي أن يُلحّ في الدعاء، وأن يدعوَ بالأمور المهمة والكلمات الجامعة، وأن يكون معظم ذلك أو كله، في أمور الآخرة وأمور المسلمين وصلاح سلطانهم وسائر ولاة أمورهم، وفي توفيقهم للطاعات، وعِصمتهم من المخالفات، وتعاونهم على البرّ والتقوى، وقيامهم بالحقّ واجتماعهم عليه، وظهورهم على أعداء الدين وسائر المخالفين، وقد أشرت إلى أحرف من ذلك في كتاب آداب القرّاء، وذكرتُ فيه دعوات وجيزة من أراد نقلَهَا منه‏.‏ وإذا فرغ من الختمة فالمستحبّ أن يشرع في أخرى متصلاً بالختم فقد استحبّه السَّلفُ واحتجّوا فيه بحديث‏:‏

7/276 عن أنس رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏خَيْرُ الأعْمالِ الحَلُّ وَالرِّحْلَةُ‏"‏ قيل‏:‏ وما هما‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏افْتِتاحُ القُرآنِ وَخَتْمُهُ‏"‏‏.‏(10)

فصل‏:‏ فيمن نام عن حزبه ووظيفته المعتادة‏.‏

8/277 روينا في صحيح مسلم عن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ مِنَ اللَّيْلِ، أوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ، فَقَرأهُ ما بَيْنَ صَلاةِ الفَجْرِ وَصلاةِ الظُّهْرِ كُتِبَ لَهُ كأنَما قَرأهُ مِنَ اللَّيْلِ‏"‏‏.‏‏(11)

فصل‏:‏ في الأمر بتعهد القرآن، والتحذير من تعريضه للنسيان‏.‏

9/278 روينا في صحيحي البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعريّ رضي اللّه عنه، عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏تَعَاهَدُوا هَذَا القُرآنَ، فَوَالَّذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ تَفَلُّتاً مِنَ الإِبِلِ في عُقُلها‏"‏‏.‏‏(12)

10/279 وروينا في صحيحيهما، عن ابن عمر رضي اللّه عنهما؛ أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏إِنَّمَا مَثَلُ صاحِبِ القُرآنِ كَمَثَلِ الإِبلِ المُعقَّلَةِ إِنْ عاهَدَ عَلَيْها أمْسَكَها، وَإِنْ أطْلَقَها ذَهَبَتْ‏"‏‏.‏ (13)

11/280 وروينا في كتاب أبي داود والترمذي، عن أنس رضي اللّه عنه قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ عُرِضَتْ عَلَيَّ أُجُورُ أُمَّتِي حتَّى القَذَاةُ يُخْرِجُها الرَّجُلُ مِن المَسْجِدِ، وَعُرِضَتْ عَلَيَّ ذُنُوبُ أُمَّتِي فَلَمْ أَرَ ذَْنباً أعْظَمَ مِنْ سُورَةٍ مِنَ القُرآنِ أوْ آيَةٍ أُوتِيهَا رَجُلٌ ثُمَّ نَسِيَها‏"‏ تكلم الترمذي فيه‏.‏ (14)

12/281 وروينا في سنن أبي داود ومسند الدارمي، عن سعد بن عبادة رضي اللّه عنه، عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏مَنْ قَرأ القُرآنَ ثُمَّ نَسِيَهُ لَقِيَ اللَّهَ تَعَالى يَوْمَ القِيامَةِ أجْذَمَ‏"‏‏.‏ (15)

فصل‏:‏ في مسائل وآداب ينبغي للقارىء الاعتناء بها، وهي كثيرة جداً، نذكرُ منها أطرافاً محذوفة الأدلة لشهرتها، وخوف الإِطالة المملّة بسببها‏.‏ فأوّل ما يُؤمر به‏:‏ الإِخلاص في قراءته، وأن يُريدَ بها اللَّهَ سبحانه وتعالى، وأن لا يقصدَ بها توصلاً إلى شيء سوى ذلك، وأن يتأدَّبَ مع القرآن ويستحضرَ في ذهنه أنه يناجي اللَّهَ سبحانه وتعالى ويتلو كتابه، فيقرأ على حالِ مَن يرى اللّه، فإنه إن لم يره فإن اللَّه تعالى يراه‏.‏

فصل‏:‏ وينبغي أنه إذا أراد القراءة أن ينظّفَ فَمَهُ بالسِّواك وغيره، والاختيار في السواك أن يكونَ بعود الأراك، ويجوز بغيره من العيدان، وبالسعد والأشنان، والخرقة الخشنة، وغير ذلك مما ينظف‏.‏ وفي حصوله بالأصبع الخشنة ثلاثة أوجه لأصحاب الشافعي‏:‏ أشهرُها عندهم لا يحصل، والثاني‏:‏ يحصل، والثالث‏:‏ يحصل إن لم يجد غيرها، ولا يحصل إن وجد‏.‏ ويستاك عرضاً مبتدئاً بالجانب الأيمن من فمه، وينوي به الإِتيان بالسنّة‏.‏ وقال بعض أصحابنا‏:‏ يقول عند السواك‏:‏ اللهمَّ بارك لي فيه يا أرحم الراحمين‏!‏ ويَستاك في ظاهر الأسنان وباطنها، ويمرّ بالسواك على أطراف أسنانه وكراسي أضراسه وسقف حلقه إمراراً لطيفاً، ويستاك بعود متوسط، لا شديد اليبوسة، ولا شديد اللين، فإن اشتدّ يبسه ليَّنه بالماء‏.‏ أما إذا كان فمه نجساً بدم أو غيره، فإنه يكره له قراءة القرآن قبل غسله، وهل يحرم‏؟‏ فيه وجهالن‏:‏ أصحُّهما لا يحرمُ، وسبقت المسألة أوّل الكتاب، وفي هذا الفصل بقايا تقدّم ذكرها في الفصول التي قدمتها في أوّل الكتاب‏.‏

فصل‏:‏ ينبغي للقارىء أن يكون شأنه الخشوع والتدبر والخضوع، فهذا هو المقصود المطلوب، وبه تنشرح الصدور وتستنير القلوب، ودلائله أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تذكر‏.‏ وقد بات جماعة من السلف يتلو الواحد منهم آية واحدة ليلة كاملة أو معظم ليلة يتدبرها عند القراءة‏.‏ وصعق جماعة منهم، ومات جماعات منهم‏.‏

ويستحبّ البكاء والتباكي لمن لا يقدر على البكاء، فإن البكاء عند القراءة صفة العارفين وشعار عباد اللّه الصالحين، قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏وَيخِرُّونَ لِلأذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً‏}‏الإسراء‏:‏109‏.‏ وقد ذكرتُ آثاراً كثيرة وردت في ذلك في ‏(‏التبيان في آداب حملة القرآن‏)‏

قال السيد الجليل صاحب الكرامات والمعارف والمواهب واللطائف إبراهيم الخوَّاص رضي اللّه عنه‏:‏ دواء القلب خمسة أشياء‏:‏ قراءة القرآن بالتدبر، وخلاء البطن، وقيام الليل، والتضرّع عند السحر، ومجالسة الصالحين‏.‏

فصل‏:‏ قراءة القرآن في المصحف أفضل من القراءة من حفظه، هكذا قاله أصحابنا، وهو مشهور عن السلف رضي اللّه عنهم، وهذا ليس على إطلاقه، بل إن كان القارىء من حفظه يحصل له من التدبر والتفكّر وجمع القلب والبصر أكثر مما يحصل من المصحف، فالقراءة من الحفظ أفضل، وإن استويا فمن المصحف أفضل، وهذا مراد السلف‏.‏

فصل‏:‏ جاءت آثار بفضيلة رفع الصوت بالقراءة وآثار بفضيلة الإِسرار‏.‏ قال العلماء‏:‏ والجمع بينهما أن الإِسرار أبعد من الرياء، فهو أفضل في حقّ مَن يخاف ذلك، فإن لم يَخَفِ الرياءَ فالجهر أفضل، بشرط أن لا يؤذي غيره من مصلٍّ أو نائم أو غيرهما‏.‏ ودليل فضيلة الجَهْر أن العمل فيه أكثر، لأنه يتعدى نفعه إلى غيره، ولأنه يُوقظ قلب القارىء ويجمع همَّه إلى الفكر ويصرف سمعه إليه، ولأنه يطردُ النومَ ويزيد في النشاط ويُوقظ غيره من نائم وغافل ويُنشِّطه، فمتى حضره شيء من هذه النيّات فالجهرُ أفضل‏.‏

فصل‏:‏ ويستحبّ تحسين الصوت بالقراءة وتزيينها (16) ما لم يخرج عن حدّ القراءة بالتمطيط، فإن أفرط ‏(17)‏ حتى زاد حرفاً أو أخفى حرفاً هو حرام‏.‏ وأما القراءة بالألحان فهي على ما ذكرناه إن أفر فحرام، وإلا فلا، والأحاديث بما ذكرناه في تحسين الصوت كثيرة مشهورة في الصحيح وغيره؛ وقد ذكرتُ في آداب القُرَّاءِ قطعة منها‏.‏

فصل‏:‏ ويُستحبّ للقارىء إذا ابتدأ من وسط السورة أن يبتدىء من أوّل الكلام المرتبط بعضه ببعض، وكذلك إذا وقفَ يقفَ على المرتبط وعند انتهاء الكلام، ولا يتقيّدُ في الابتداء ولا في الوقف بالأجزاء والأحزاب والأعشار، فإن كثيراً منها في وسط الكلام المرتبط بالكلام، ولا يغترُّ الإِنسانُ بكثرة الفاعلين لهذا الذي نهينا عنه ممّن لا يُراعِي هذه الآداب، وامتثِلْ ما قاله السيد الجليل أبو علي الفُضَيْل بن عِياض رضي اللّه عنه‏:‏ لا تستوحشْ طرقَ الهدى لقلّة أهلها، ولا تغترّ بكثرة الهالكين، ولهذا المعنى قال العلماء‏:‏ قراءة سورة بكمالها أفضل من قراءة قدرها من سورة طويلة، لأنه قد يخفى الارتباط على كثير من الناس أو أكثرهم في بعض الأحوال والمواطن‏.‏

فصل‏:‏ ومن البدع المنكرة ما يفعلُه كثيرون من جهلة المصلّين بالناس التراويحَ من قراءة سورة ‏(‏الأنعام‏)‏ بكمالها في الركعة الأخيرة منها في الليلة السابعة، معتقدين أنها مستحبة، زاعمين أنها نزلت جملة واحدة، فيجمعون في فعلهم هذا أنواعاً من المنكرات‏:‏ منها اعتقادها مستحبة، ومنها إيهام العوّام ذلك، ومنها تطويل الركعة الثانية على الأولى، ومنها التطويل على المأمومين، ومنها هذرمة القراءة، ومنها المبالغة في تخفيف الركعات قبلها‏.‏

فصل‏:‏ يجوز أن يقولَ‏:‏ سورة البقرة، وسورة آل عمران، وسورة النساء، وسورة العنكبوت، وكذلك الباقي، ولا كراهة في ذلك؛ وقال بعض السلف‏:‏ يُكره ذلك، وإنما يقال السورة التي تُذكر فيها البقرة، والتي يُذكر فيها النساء، وكذلك الباقي، والصواب الأوّل، وهو قولُ جماهير علماء المسلمين من سلف الأمة وخلفها، والأحاديثُ فيه عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أكثر من أن تحصر، وكذلك عن الصحابة فمن بعدهم؛ وكذلك لا يُكره أن يُقال‏:‏ هذه قراءة أبي عمرو، وقراءةُ ابن كثير وغيرهما، هذا هو المذهب الصحيح المختار الذي عليه عمل السلف والخلف من غير إنكار، وجاء عن إبراهيم النخعي رحمه اللّه أنه قال‏:‏ كانوا يكرهون سنّة فلان، وقراءة فلان، والصواب ما قدّمناه‏.‏

فصل‏:‏ يُكره أن يقول نسيتُ آية كذا أو سورة كذا، بل يقول أُنسيتها أو أسقطتها‏.

13/282 روينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن ابن مسعود رضي اللّه عنه قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لا يَقُولُ أحَدُكُمْ نَسِيتُ آيَةَ كَذَا وَكَذَا، بَلْ هُوَ نُسِّيَ‏"‏ وفي رواية الصحيحين أيضاً ‏"‏بِئْسمَا لأحَدِهِمْ أنْ يَقُولَ نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَ كَيْتَ، بَلْ هُوَ نُسِّيَ‏"‏‏.‏ (18)

14/283 وروينا في صحيحيهما، عن عائشة رضي اللّه عنها؛ أن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم سمع رجلاً يقرأ فقال‏:‏ ‏"‏رَحِمَهُ اللَّهُ لَقَدْ أذْكَرَنِي آيَةً كُنْتُ أسْقَطْتُهَا‏"‏ وفي رواية في الصحيح ‏"‏كُنْتُ أُنْسِيتُها‏"‏‏.(19)

فصل‏:‏ اعلم أن آداب القارىء والقراءة لا يمكن استقصاؤها في أقلّ من مجلدات، ولكنا أردنا الإِشارة إلى بعض مقاصدها المهمات بما ذكرناه من هذه الفصول المختصرات، وقد تقدم في الفصول السابقة في أوّل الكتاب شيء من آداب الذاكر والقارىء، وتقدم أيضاً في أذكار الصلاة جمل من الآداب المتعلقة بالقراءة، وقد قدّمنا الحوالة على كتاب ‏"‏التبيان في آداب حملة القرآن‏"‏ لمن أراد مزيداً، وباللّه التوفيق، وهو حسبي ونِعمَ الوكيل‏.‏

فصل‏:‏ اعلم أن قراءة القرآن آكد الأذكار كما قدّمنا، فينبغي المداومة عليها، فلا يُخلي عنها يوماً وليلة، ويحصل له أصلُ القراءة بقراءة الآيات القليلة‏.‏

15/284 وقد روينا في كتاب ابن السني عن أنس رضي اللّه عنه، أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏مَنْ قَرأ في يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَمْسِينَ آيَةً لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الغافِلِينَ، وَمَنْ قَرأ مِئَةَ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ القانِتِينَ، وَمَنْ قَرأ مِئتَيْ آيَةٍ لَمْ يُحاجهِ القُرآنُ يَوْمَ القِيامَةِ، وَمَنْ قَرأ خَمْسَمِئَةٍ كُتِبَ لَهُ قِنْطارٌ مِنَ الأجْرِ‏"‏ وفي رواية ‏"‏مَنْ قَرأ أَرْبَعِينَ آيَةً‏"‏ بدل ‏"‏خمسين‏"‏ وفي رواية ‏"‏عِشْرِينَ‏"‏ وفي رواية عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏مَنْ قَرأ عَشْرَ آياتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الغافِلِينَ‏"‏‏.‏ وجاء في الباب أحاديث كثيرة بنحو هذا‏.‏

وروينا أحاديث كثيرة في قراءة سورة في اليوم والليلة منها‏:‏ يس، وتبارك الملك، والواقعة، والدّخان‏.‏ (20)

16/285 فعن أبي هريرة رضي اللّه عنه عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏مَنْ قَرأ يس فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ابْتِغاءَ وَجْهِ اللَّهِ غُفِرَ لَهُ‏"‏‏.‏ وفي رواية له ‏"‏مَنْ قَرأ سُورَةَ الدُّخانِ فِي لَيْلَةٍ أصْبَحَ مَغْفُوراً لَهُ‏"‏ ‏(21)

وفي رواية عن ابن مسعود رضي اللّه عنه، ‏"‏مَنْ قَرأ سُورَةَ الوَاقِعَةِ فِي كُلّ لَيْلَةٍ لَمْ تُصِبْهُ فاقَة‏" (22)

وعن جابر رضي اللّه عنه‏:‏ كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لا ينام كل ليلة حتى يقرأ آلم تنزيل الكتاب، وتبارك الملك (23)

وعن أبي هريرة رضي اللّه عنه، أن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏مَنْ قَرَأ فِي لَيْلَة إذَا زُلْزِلَتِ الأرْضُ كانَتْ لَهُ كَعِدْلِ نِصْفِ القُرآن، وَمَنْ قَرأ يا أيُّها الكافِرُونَ كَانَتْ لَهُ كَعِدْل رُبْعِ القُرآنِ، وَمَنْ قَرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ كانَتْ لَهُ كَعِدْلِ ثُلُثِ القُرآن‏"‏‏.‏(24)

18/287 وفي رواية ‏"‏مَنْ قَرأ آيَةَ الكُرْسِيّ وأوَّل حم عُصِمَ ذلكَ اليَوْمَ مِنْ كُلّ سُوءٍ‏"‏‏.‏

والأحاديث بنحو ما ذكرنا كثيرة، وقد أشرنا إلى المقاصد، واللّه أعلم بالصواب، وله الحمد والنعمة، وبه التوفيق والعصمة‏.‏ (25)

كتاب حمد الله تعالى

بابُ حَمْدِ اللَّهِ تعالى

قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏قُلِ الحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ على عبادِهِ الَّذينَ اصْطَفى‏}‏ النمل‏:‏59 وقال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏وقَقُلِ الحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آياتِهِ‏}‏ النمل‏:‏93 وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَقُلِ الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً‏}‏ الإِسراء‏:‏111 وقال تعالى‏:‏ ‏{‏لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ‏}‏ إبراهيم‏:‏7 وقال تعالى‏:‏ ‏{‏فاذْكُرُونِي أذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لي وَلا تَكْفُرونِ‏}‏ البقرة‏:‏152 والآيات المصرّحة بالأمر بالحمد والشكر وبفضلهما كثيرة معروفة‏.‏

1/288 وروينا في سنن أبي داود وابن ماجه، ومسند أبي عوانة الإِسفرايني المخرَّج على صحيح مسلم، رحمهم اللّه، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه،

عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏"‏كُلُّ أمْر ذِي بالٍ لا يُبْدأُ فِيهِ بالحَمْدِ لِلَّهِ أقْطَعُ‏"‏ وفي رواية ‏"‏بَحَمْدِ اللَّهِ‏"‏ وفي رواية‏:‏ ‏"‏بالحَمْدِ فَهُوَ أقْطَعُ‏"‏ وفي رواية ‏"‏كُل كَلامٍ لايُبْدأُ فِيهِ بالحَمْد لِلَّهِ فَهُوَ أجْذَمُ‏"‏ وفي رواية‏:‏ ‏"‏كُلُّ أمْرٍ ذِي بالٍ لا يُبْدأُ فِيهِ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَهوَ أقْطَعُ‏"‏ روينا هذه الألفاظ كلها في كتاب الأربعين للحافظ عبد القادر الرهاوي، وهو حديث حسن، وقد رُوي موصولاً كما ذكرنا، ورُوي مرسلاً، ورواية الموصول جيدة الإِسناد، وإذا روي الحديث موصولاً ومرسلاً فالحكم للاتصال عند جمهور العلماء لأنها زيادة ثقة، وهي مقبولة عند الجماهير‏.‏ (1)

ومعى ذي بال‏:‏ أي له حال يهتمّ به، ومعنى أقطع‏:‏ أي ناقص قليل البركة، وأجذم بمعناه، وهو بالذال المعجمة وبالجيم‏.‏

قال العلماء‏:‏ فيُستحبّ البداءة بالحمد للَّه لكل مصنف، ودارس، ومدرِّس، وخطيب، وخاطب، وبين يدي سائر الأمور المهمة‏.‏ قال الشافعي رحمه اللّه‏:‏ أحبّ أن يقدّم المرء بين يدي خطبته وكل أمر طلبه‏:‏ حمد اللّه تعالى، والثناء عليه سبحانه وتعالى، والصلاة على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏.‏

فصل‏:‏ اعلم أن الحمدَ مستحبٌّ في ابتداء كل أمر ذي بال كما سبق، ويُستحب بعد الفراغ من الطعام والشراب، والعطاس، وعند خطبة المرأة وهو طلب زواجها وكذا عند عقد النكاح، وبعد الخروج من الخلاء، وسيأتي بيان هذه المواضع في أبوابها بدلائلها وتفريع مسائلها إن شاء اللّه تعالى، وقد سبق بيان ما يُقال بعد الخروج من الخلاء في بابه، ويُستحبّ في ابتداء الكتب المصنفة كما سبق، وكذا في ابتداء دروس المدرّسين، وقراءة الطالبين، سواء قرأ حديثاً أو فقهاً أو غيرهما، وأحسنُ العبارات في ذلك‏:‏ الحمد للّه رب العالمين‏.‏

فصل‏:‏ حمدُ اللّه تعالى ركن في خطبة الجمعة وغيرها لا يصحّ شيء منها إلا به‏.‏ وأقل الواجب‏:‏ الحمد للّه‏.‏ والأفضل أن يزيد من الثناء، وتفصيلُه معروف في كتب الفقه، ويشترط كونها بالعربية‏.‏

فصل‏:‏ يُستحبّ أن يختم دعاءه بالحمد للّه ربّ العالمين، وكذلك يبتدئه بالحمد للّه، قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏وآخِرُ دَعْوَاهُمْ أنِ الحَمْدُ لِلَّه رَبّ العالَمِينَ‏}‏يونس‏:‏10 وأما ابتداء الدعاء بحمد اللّه وتمجيده فسيأتي دليلُه من الحديث الصحيح قريباً في كتاب الصلاة على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، إن شاء اللّه تعالى‏.‏

فصل‏:‏ يُستحبّ حمدُ اللّه تعالى عند حصول نعمة أو اندفاع مكروه، سواء حصل ذلك لنفسه أو لصاحبه أو للمسلمين‏.‏

2/289 وروينا في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي اللّه عنه؛

أن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم أُتيَ ليلة أُسري به بقدحين من خمر ولبن فنظر إليهما، فأخذ اللبن، فقال له جبريلُ صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏الحمد للّه الذي هداك للفطرة، لو أخذت الخمر غوتْ أمتك‏"‏‏.(2)

فصل‏:‏

3/290 وروينا في كتاب الترمذي وغيره عن أبي موسى الأشعري رضي اللّه عنه

أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏إذا مَاتَ وَلَدُ العَبْدِ قالَ اللَّهُ تَعالى لِمَلائِكَتِهِ‏:‏ قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي‏؟‏ فَيَقُولُونَ‏:‏ نَعَمْ، فَيَقُولُ‏:‏ قَبَضْتُمْ ثَمَرَة فُؤَادِهِ‏؟‏ فَيَقُولُونَ‏:‏ نَعَمْ، فَيَقُولُ‏:‏ فَمَاذَا قالَ عَبْدِي‏؟‏ فَيَقُولُونَ‏:‏ حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعالى‏:‏ ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتاً في الجَنَّةَ وَسَمُّوهُ بَيْتَ الحَمْدِ‏"‏ قال الترمذي‏:‏ حديث حسن‏.‏ والأحاديث في فضل الحمد كثيرة مشهورة، وقد سبق في أوّل الكتاب جملة من الأحاديث الصحيحة في فضل سبحان اللّه والحمد للّه ونحو ذلك‏.‏ (3)

فصل‏:‏ قال المتأخرون من أصحابنا الخراسانيين‏:‏ لو حلف إنسان ليحمدنّ اللّه تعالى بمجامع الحمد ومنهم من قال بأجلّ التحاميد فطريقه في برَ يمينه أن يقول‏:‏ الحمد للّه حمداً يوافي نعمه ويكافىء مزيده‏.‏ ومعنى يوافي نعمه‏:‏ أي يُلاقيها فتحصل معه، ويكافىء بهمزة في آخره‏:‏ أي يُساوي مزيدَ نعمه، ومعناه‏:‏ يقوم بشكر ما زاده من النِعم والإِحسان‏.‏ قالوا‏:‏ ولو حلف ليثنينّ على اللّه تعالى أحسنَ الثناء، فطريق البرّ أن يقول‏:‏ لا أحصي ثناءً عليك أنتَ كما أثنيتَ على نفسك‏.‏ وزاد بعضُهم في آخره‏:‏ فلك الحمد حتى ترضى‏.‏ وصوّر أبو سعد المتولي المسألة فيمن حلف‏:‏ ليثنينّ على اللّه تعالى بأجلّ الثناء وأعظمه، وزاد بعضهم في أوّل الذكر‏:‏ سبحانك‏.‏ وعن أبي نصر النمار عن محمد بن النضر رحمه اللّه تعالى قال‏:‏ قال آدمُ صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ يا رَبّ‏!‏ شَغَلْتَنِي بِكَسْبِ يَدِي، فَعَلِّمْنِي شَيْئاً فِيهِ مَجَامِعُ الحَمْدِ وَالتَّسْبِيحِ، فأوحى اللَّهُ تبارك وتعالى إليه‏:‏ يا آدَمُ‏!‏ إذَا أصْبَحْتَ فَقُلْ ثَلاثاً، وَإذَا أمْسَيْتَ فَقُلْ ثَلاثاً‏:‏ الحَمْدُ لِلَّهِ رَبّ العالَمِينَ حَمْداً يُوافِي نِعَمَهُ وَيُكافِىءُ مَزيدَهُ، فَذَلِكَ مَجَامِعُ الحَمْدِ وَالتَّسْبِيحِ‏.‏ واللّه أعلم‏.‏



 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!