موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


رؤي آمنة أم رسول الله صلى الله عليه وسلم في وقت حملها به وما قيل لها فيه

روينا من حديث أحمد بن عبد الله، ثنا سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني، انا حفص بن عمر بن الصباح البرقي، ثنا يحيى بن عبد الله البابلي، ثنا أبو بكر بن أبي مريم، عن سعيد بن عمرو الأنصاري، عن أبيه، عن كعب الأحبار في صفة النبي صلى الله عليه وسلم، قال ابن عباس: وكان من دلالات حمل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن كل دابة كانت لقريش نطقت تلك الليلة، وقالت: حمل رسول الله صلى الله عليه وسلم ورب الكعبة، وهو أمان الدنيا، وسراج أهلها، ولم يبق كاهنة من قريش ولا في قبيلة من قبائل العرب إلا حجبت عن صاحبتها، وانتزع علم الكهنة منها، ولم يبق سرير ملك من ملوك الدنيا إلا أصبح منكوسا، والملك مخرسا لا ينطق يومه، ومرت وحش الشرق إلى وحش الغرب بالبشارات، وكذلك أهل البحار يبشر بعضها بعضا،

و في كل شهر من شهوره نداء في الأرض ونداء في السماء: أن أبشروا، فقد آن لأبي القاسم أن يخرج إلى الأرض ميمونا مباركا.

قال: و بقي في بطن أمه تسعة أشهر كملا لا تشكو وجعا ولا ريحا ولا مغصا، ولا ما يعرض للنساء من ذوات الحمل، وهلك أبوه عبد الله وهو في بطن أمه، فقالت الملائكة:

إلهنا و سيدنا، يبقى نبيك هذا يتيما. فقال الله عز وجل للملائكة: أنا له وليّ وحافظ و نصير وتبركوا بمولده ميمونا مباركا، وفتح الله عز وجل لمولده أبواب السماء و جنّاته. فكانت أمه تحدث عن نفسها وتقول: أتاني آت حين مرّ لي من حمله ستة أشهر، فوكزني برجله في المنام، وقال لي: يا آمنة، إنك قد حملت بخير العالمين طرّا، فإذ ولدتيه فسميه محمدا، واكتمي شأنك. قال: فكانت تحدث عن نفسها فتقول: لقد أخذني م يأخذ النساء، ولم يعلم بي أحد من القوم ذكرا ولا أنثى، وإني لوحيدة في المنزل، و عبد المطلب في طوافه، قالت: فسمعت وجبة شديدة، وأمرا عظيما، فهالني ذلك، وذلك يوم الاثنين، فرأيت كأن جناح طير أبيض قد مسح على فؤادي، فذهب عني كل رعب وكل فزع و وجع، كنت أجد، ثم التفت فإذا أنا بشربة بيضاء ظننتها لبنا، وكنت عطشى، فتناولتها، فشربتها، فأضاء مني نور عال، ثم رأيت نسوة كالنخل الطوال، كأنهن من بنات عبد مناف، يحدقن بي، فبينما أنا أعجب من ذلك، وأقول: وا غوثاه، من أين علمن بي هؤلاء؟ واشتد بي الأمر، وأنا أسمع الوجبة في كل ساعة أعظم وأهول، فإذا أن بديباج أبيض قد مد بين السماء والأرض، وإذا قائل يقول: خذوه عن أعين الناس.

قالت: و رأيت رجالا قد وقفوا في الهواء بأيديهم أباريق فضة، وأنا أرشح عرقا كالجمان، أطيب ريحا من المسك الأذفر، وأنا أقول: يا ليت عبد المطلب قد دخل عليّ، وعبد المطلب ناء عني، قالت: فرأيت قطعة من الطير قد أقبلت من حيث لا أشعر حتى غطت حجرتي، مناقيرها من الزمرد، وأجنحتها من الياقوت، فكشف الله عن بصري، فأبصرت ساعتي تلك مشارق الأرض ومغاربها، ورأيت ثلاثة أعلام مضروبة: علما في المشرق، وعلما في المغرب، وعلما على ظهر الكعبة، فأخذني المخاض، واشتد بي الأمر جدا، فكنت كأني مستندة إلى أركان النساء، وكثرن عليّ حتى إني لا أرى معي في البيت أحدا، وأنا ل أرى شيئا، فولدت محمدا صلى الله عليه وسلم. فلما خرج من بطني درت فنظرت إليه، فإذا هو ساجد قد رفع إصبعيه كالمتضرع المبتهل، ثم رأيت سحابة بيضاء قد أقبلت من السماء نزلت حتى غشيته، فغيّب عن وجهي، فسمعت مناديا ينادي ويقول: طوفوا بمحمد صلى الله عليه وسلم شرق الأرض وغربها، وأدخلوه البحار كلها ليعرفوه باسمه و نعته وصورته،

و يعلمون أنه يسمى فيها الماحي، لا يبقى شيء من الشرك إلا محي به في زمنه، ثم تجلت عنه في أسرع وقت، فإذا أنا به مدرج في ثوب صوف أبيض أشد بياضا من اللبن، وتحته حريرة خضراء، وقد قبض على ثلاثة مفاتيح من اللؤلؤ الرطب الأبيض، وإذا قائل يقول:

قبض محمد صلى الله عليه وسلم على مفاتيح النصرة، ومفاتيح الريح، ومفاتيح النبوة. ثم أقبلت سحابة أخرى أعظم من الأولى، ونور يسمع فيها صهيل الخيل، وخفقان الأجنحة من كل مكان، وكلام الرجال، حتى غشيته، فغيّب عن عيني أكثر وأطول من المدة الأولى، فسمعت مناديا ينادي: طوفوا بمحمد صلى الله عليه وسلم الشرق والغرب، وعلى مواليد النبيين، وأعرضوه عن كل روحاني من الجن والإنس، والطير والسباع، و أعطوه صفاء آدم، ورقّة نوح، وخلة إبراهيم، ولسان إسماعيل، وصبر يعقوب، وجمال يوسف، وصوت داود، وصبر أيوب، وزهد يحيى، وكرم عيسى، واغمروه في أخلاق النبيين.

ثم تجلت عنه في أسرع من طرفة عين، فإذا أنا قد قبض على حريرة خضراء مطوية طيا شديدا، ينبع من تلك الحريرة ماء معين، وإذا قائل يقول: بخخ بخخ، قبض محمد صلى الله عليه و سلم على الدنيا كلها، لم يبق خلق من أهلها إلا دخل في قبضته، طائعا بإذن الله عز و جل، ولا حول ولا قوة إلا بالله. قالت آمنة: فبينما أنا أتعجب إذا أنا بثلاثة نفر، ظننت أن الشمس تطلع من خلال وجوههم، في يد أحدهم إبريق من فضة، وفي ذلك الإبريق ريح المسك، وفي يد الثاني طست من زمرد أخضر، عليها أربع نواحي، في كل ناحية من نواحيها لؤلؤة بيضاء، وإذا قائل يقول: هذه الدنيا شرقها وغربها، برها و بحرها، فاقبض يا حبيب الله على أي ناحية شئت، قالت: قدرت لأنظر أين قبض من الطست؟ فإذا هو قد قبض على وسطها، فسمعت قائلا يقول: قبض على الكعبة ورب الكعبة، أما إن الله تبارك وتعالى قد جعلها له قبلة ومسكنا مباركا.

قالت: و رأيت في يد الثالث حريرة بيضاء مطوية طيا شديدا، فنشرها فأخرج منها خاتما تحار أبصار الناظرين دونه، ثم حمل ابني فناوله صاحب الطست، وأنا أنظر إليه فغسله بذلك الإبريق سبع مرات، ثم ختم بين كتفيه بالخاتم ختما واحدا، ولفه في الحريرة، و استدار عليه خيطا من المسك الأذفر، ثم حمله فأدخله بين أجنحته ساعة. قال ابن عباس: كان ذلك رضوان خازن الجنان. قالت: وقال في أذنه كلاما كثيرا لم أفهمه، وقبّل بين عينيه، ثم قال: أبشر يا محمد، فما بقي لبني علم إلا وقد أعطيته، فأنت أكثرهم علما، وأشجعهم قلبا، معك مفاتيح النصرة، وقد ألبست الخوف والرعب، فلا يسمع أحد بذكرك إلا وجلّ فؤاده وخاف قلبه، وإن لم يرك يا رسول الله. قالت: ثم رأيت رجل قد

أقبل نحوه، حتى وضع فاه على فيه، فجعل يزقه كما تزق الحمام فرخها، فكنت أنظر إلى ابني يشير بإصبعه، يقول: زدني زدني، فزقه ساعة، ثم قال: أبشر يا حبيب الله، فما بقي لبنيّ حلم إلا وقد أوتيته، ثم احتمله فغيّبه عني، فجزع فؤادي، وذهل قلبي فقلت: ويح قريش، والويل لها، ماتت كلها، أنا في ليلتي وفي ولادتي، أرى ما أرى ويصنع بولدي ما يصنع، ولا يقربني أحد من قومي، إن هذا لهو العجب العجاب، قالت: فبين أنا كذلك إذا أنا به قد ردّ عليّ كالبدر، وريحه يسطع كالمسك، وهو يقول: خذيه، فقد طافوا به الشرق والغرب، وعلى مواليد النبيين أجمعين، والساعة كان عند أبيه آدم، فضمه إليه، وقبّل بين عينيه، وقال: أبشر حبيبي، فأنت سيد الأولين و الآخرين، ومضى، وجعل يلتفت، ويقول: أبشر يا عزّ الدنيا، وشرف الآخرة، فقد استمسكت بالعروة الوثقى، فمن قال بمقالتك، وشهد بشهادتك، حشر غدا يوم القيامة تحت لوائك، وفي زمرتك، وناولنيه، ومضى، ولم أره بعد تلك المرة.

زاد العباس رضي الله عنه في حديثه، قلت: يا آمنة، ما الذي رأيت في ولادتك من علامة هذا الصبي؟ فقالت: رأيت علما من سندس على قضيب من ياقوت، قد ضرب بين السماء و الأرض، ورأيت نورا ساطعا من رأسه قد بلغ السماء، ورأيت قصور الشام كلها شعلت نارا، ورأيت قربي سربا من القطا قد سجدت له، ونشرت أجنحتها، ورأيت نابغة شعيرة الأسدية، قد مرت وهي تقول: ما لقي الأصنام والكهان من ولدك هذا؟ هلكت شعيرة، و الويل للأصنام، ثم الويل لها، ورأيت شابا من أتم الناس طولا، وأشدهم بياضا، فأخذ المولود مني، فتفل في فيه، ومعه طاس من ذهب، فشق بطنه ثم أخرج قلبه فشقه شقا، فأخرج منه نكتة سوداء، فرمى بها، ثم أخرج صرة من حرير أخضر ففتحها، فإذا فيها شيء كالدرّة البيضاء، فحشاه به، ثم ردّه إلى مكانه، ثم مسح على بطنه، فاستيقظ، فنطق فلم أفهم ما قال، إلا أنه قال: أنت في أمان الله، وحفظ الله، وكلامه، قد حشوتك علما، وحلما، ويقينا، وإيمانا، وعقلا، وشجاعة، وأنت خير البشر، فطوبى لمن اتبعك، وآمن بك، وعرفك، والويل ثم الويل، قالها سبع مرات، لمن تخلف عنك، وخرج منها ولم يعرفك، ثم تفل فيه أخرى تفلة شديدة، ثم ضرب الأرض ضربة، فإذا هو بماء أشد بياضا من اللبن، فغمسه في ذلك الماء ثلاث غمسات، فما ظننت إلا أنه قد غرق، و ما من مرة يخرجه إلا رأيت ضوء وجهه كالشمس الطالعة، ولقد رأيت بريق وجهه يقع على قصور الشام كوقوع الشمس الحديث، ثم قال: أمرني ربي عز وجل أن أنفخ فيك بروح القدس، فنفخ فيه، فألبسه قميصا، فقال: هذا أمانك من آفات الدنيا، الحديث رواه أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن عبد الله بن جعفر، عن محمد بن أحمد بن أبي يحيى، عن

سعيد بن عثمان الكريزي، عن أبي أحمد الزبيري، عن سعيد بن مسلم مولى لبني مخزوم، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: سمعت أبي العباس يحدث، فذكره.

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!