موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


وصية نافعة نبوية

حدثن عبد الواحد بن إسماعيل بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمر بن عبد المجيد، عن أحمد بن محمد، عن أبي نصر بن علي، عن محمد بن أحمد، عن أبي الحسن الحافظ، عن ابن درستويه، عن علي بن عبد العزيز، عن أبي عبيد القاسم بن سلام، عن عبد الله بن المبارك، عن محمد بن أبي عدي، عن عبد الله بن مرّة، عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «توبوا إلى الله قبل أن تموتوا، وبادروا بالأعمال الصالحة قبل أن تشغلوا، وصلوا الذي بينكم وبين ربكم تسعدوا، وأكثروا الصدقة ترزقوا، وأمرو بالمعروف تخصبوا، وانهوا عن المنكر تنصروا. أيها الناس، أكيسكم أكثركم للموت ذكرا، وأحزمكم أحسنكم له استعدادا. الأوان من علامات العقل، التجافي عن داعي الغرور، والإنابة إلى دار الخلود، والتزود لسكنى القبور، والتأهب ليوم النشور» .

ومن باب الشكوى:

ومن عجب أني أحنّ إليهم وأسأل شوقا عنهم وهم معي

ومسكنهم عيني وهم في سوادها وتشتاقهم نفسي وهم بين أضلعي

ولنا نظم ما يسمى به الرجل زوجته:

إذا قمت أدعو في اللبانة زوجتي أنادي بأسماء لها في صحيفتي

خليلي عرسي جنتي وضعينتي رياضي وبيتي ظلتي وقعيدتي

ومما يكتب على القبر:

كنا على ظهرها والدهر في مهل والعيش يجمعنا والدار والوطن

ففرّق الدهر بالتصريف الفتنا فصار يجمعنا في بطنها الكفن

ومن ذلك أقول:

أقول و قد فاضت دموعي جمّة أرى الأرض تبقى والإخلاء تذهب

أخلاي لو غير الحمام أصابكم عتبت ولكن ما على الموت معتب

ومن ذلك:

عشت دهر في نعيم وسرور واغتباط

ثم صار القبر بيتي وثرى الأرض بساطي

ومن ذلك:

أيه الواقف بالقب‍ ر عشاء وسحر

إن في القبر عظاما باليات وعبر

حدثنا محمد بن إسماعيل، عن الجمال بن علي، عن ابن دينار، عن إسماعيل بن محمد، عن عبد العزيز بن أحمد، عن عبد الله بن محمد، عن أبي سعيد الثقفي، عن ذي النون، قال: بينما أنا أطوف بالبيت، وقد نامت العيون، وإذا بشخص قد حاذى باب الكعبة وهو يقول: رب عبدك المسكين الطريد الشريد، أسألك بالعصبة التي مننت عليهم، ومننت عليّ برؤيتهم، ألا أعطيتني ما أعطيتهم، وسقيتني ما أسقيتهم بكأس حبك، وكشفت عن قلوبهم أغطية الجهالة والحجب، فاكشف عن قلبي أغطية الجهالة والحجب، حتى تطير روحي بأجنحة الشوق إليك، وأناجيك في رياض بهائك. ثم بكى حتى سمعت لدموعه وقعا على الحصى. ثم ضحك قهقهة ومضى فتبعته، وأنا أقول: إما مجنون، وإما عارف.

فخرج من المسجد وأخذ نحو خرابات مكة، فالتفت فرآني، فقال: ارجع يا ذا النون، ألك شغل؟ قلت: من أنت؟ ومن القوم الذين سألت بحرمتهم؟ قال: قوم ساروا إلى الله سير من نصب المحبوب بين يديه، وتجرّدوا تجرّد من أخذته الربانية بحقوبه، وأججت النار من أجله، وقامت عليه قيامة الشقاء، وهو مطلوب.

وحدثن أبو محمد بن يحيى، عن ابن منصور، عن شجاع بن فارس، عن هناد، عن محمد بن علي، عن أحمد بن محمد، عن صالح بن محمد، عن حمزة البرقي، عن علي بن يعقوب، عن محمد بن حسين، عن ابن الشمطي، قال: حججت في سنة جديدة، فبينما أنا أطوف بالكعبة، إذ بصرت بجارية من أحسن الناس وجها، وهي تتعلق بأستار الكعبة وتقول: إلهي وسيدي أن أمتك الغريبة، وسائلتك الفقيرة، حيث لا يخفى عليك مكاني، ولا يستتر عليك سوء حالي، قد هتكت الحاجة حجابي، وكشفت الفاقة نقابي، وكشفت لها وجها عند الذل، و ذليلا عند المسألة طال، وعزّتك ما حجبه ماء الغنى، وصانه ستر الحياة، قد جمدت عني أكف المرزوقين، وضاقت بي صدور المخلوقين، فمن حرمني لم ألمه، ومن وصلني وكلته إلى مكافاتك. فدنوت منها، وقلت لها: من أنت،

و ممن أنت؟ فقالت: إليك عني، من قلّ ماله وذهبت رجاله كيف يكون حاله؟ ثم أنشدت:

بعض بنات الرجال أبرزها الد هر كما ترى وأحوجها

أبرزها من جليل نعمتها وابتزّها ملكها وأخرجه

وطالما كانت العيون إذا ما بدت تستشفّ هودجها

إن كان قد ساءها وأحزنها فطالما سرّها وأبهجه

الحمد لله ربّ معسرة قد ضمن الله أن يفرّجها

قال: فسألت عنها، فأخبرت أنها من ولد الحسين بن علي رضوان الله عليهما.

وأنشدن أبو الربيع بن خليل لأبي الفرج بن الجوزيّ الإمام الحافظ:

ي رفيقيّ قفا وانتظرا إن عيني لدموعي لا ترى

هل خبت نارهم أو وقدت أو جرى واديهم أو أقفر

إن قلبي فاته شرب الحمى فهو لا ينفعه أن يمطرا

آه من طيب ليال سلفت كان كل الدهر فيها سحر

ترى يرجع لي دهر مضى أترى ينفعني قولي ترى

وأنشدنا له أيضا:

هل عند ربع عفا خبر من الخبر من أين يعلم قفر دارس الأثر

دع ماء عينيك واحلل من مرادمه فإنما خلقت للدمع والسهر

خلفت قلبي في الأظعان إذ نزلت بالمأذمين زمان النفر بالنفر

ورحت تطلب في أرض العراق ضحى ما ضاع عند منى وأعجب لذا الحور

لما طرقت النقا كان الفؤاد معي فضلّ عني بين الضال والسمر

يا أرجل العيس يهنيك الرمال فما أعدو بوجدي غدا إلا على الأثر

عجبت من أرق في الحي أزعجني فجاد جفني قبل الغيم بالمطر

قصائدي بدء آيات وقد نزلت ريف العراق فنالت رقّة الحضر

طبع الرضي وعلم المرتضى جمعا في لفظ شعري وفحواه إلى عمر

وأنشدنا له أيضا:

إلى كم أسائل هذي المغاني لقد نطقت لو فهمت المعاني

فما لك شغل بما أنت فيه من الوجد عن ذكر ماضي الزمان

وكيف ووجدي لذكراك كأن أعاني لتذكاره ما أعاني

قفوا بي أحيي كثيب النقا فإن الكثيب لمن تعلمان

بكيت لمرّ زمان مضى فعين السماك أو المر زمان

أنيسي لرامة عهد الحمى دعاني فوجدي به قد دعاني

وأنشدنا له أيضا:

إذا جزت بالغور عرّج يمينا فقد أنجد الشوق عنا يمينا

وسلّم على بانة الواديين فإن سمعت أوشكت أن تبين

ومل نحو غصن بأرض النقا وما يشبه الأيك تلك الغصونا

وصح في مغانيهم أين هم وهيهات أموا طريقا شطون

وروّ ثرى أرضهم بالدموع وخلّ الضلوع على ما طوينا

أراك يشوقك وادي الأراك أللدّار تبكي أم الساكنين

سقى الله مربعنا بالحمى وإن كان أورث داء فينا

وعاد له فوق داء المحب رويدا رويدا بنا قد بلين

لمن تعذلين ألا تعذرين فلو قد نفعت دفعت الأمينا

إذا غلب الحب ضاع العتاب تعبت بقيت وأيقنت وأتعبت لو تعلمين

حكى بعض السادة، قال: خرجت حاجّا إلى بيت الله الحرام، فإذا أنا بسعدون المجنون قد تعلق بأستار الكعبة، يدعو ويتضرع، ويقول: من أولى بالتقصير مني وقد خلقتني ضعيفا؟ ومن أولى بالعفو منك وأنت مولاي؟ قال: فدنوت منه فإذا عليه حبة من صوف مرقعة بالأديم، وإذا على كمه الأيمن مكتوب:

عصيت مولاك يا سعيد ما هكذا تفعل العبيد

فراقب الله واخش منه يا عبد سوء غدا الوعيد

وعلى كمه الأيسر مكتوب:

يا من يرى باطن اعتقادي ومنتهى الأمر في فؤادي

أصلح فساد الأمور مني ولا تدع موضع الفساد

فقلت: يا سعدون، أنى لك هذه الحكمة والناس يزعمون أنك مجنون؟ فولّى وهو يقول:

زعم الناس أنني مجنون كيف أصحو ولي فؤاد مصون

ألف الحزن والبكا في الدياجي فهو بالله مشفق محزون

ثم غاب عني. حدثنا أحمد بن محمد كتابة، حدثنا محمد بن علي، ثنا علي بن محمد بن علي بن الطيب، حدثنا ابن الهادي، ثنا أحمد بن سلام، ثنا أحمد بن منيع، ثنا

أبو معاوية، عن سليمان بن إبراهيم، عن أبي صالح، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا خير في العيش إلا لعالم ناطق، أو مستمع واع. أيه الناس، إنكم في زمان هدنة، وإن السير بكم سريع، وقد رأيتم الليل والنهار كيف يبليان كل جديد، ويقرّبان كل بعيد، ويؤتيان كل موعود» ، فقال له بعض أصحابه: ي نبي الله، وما الهدنة؟ قال: «دار بلاء وانقطاع، فإذا التبست عليكم الأمور كقطع الليل المظلم، فعليكم بالقرآن، فإنه شافع مشفع، وشاهد مصدّق، فمن جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار، هو أوضح دليل إلى خير سبل، من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل» .

ومن وقائع بعض الفقراء إلى الله تعالى ما حدثنا به عبد الله ابن الأستاذ، قال: رأى في واقعته بعض أصحابنا الشيخ أبا مدين، وبعض الصوفية، فسأله عن همته، فقال: همتي به متعلقة، وحقيقتي بنور جلاله مشرقة، حضرته موضع أنسي، وملاحظة جماله عمرت حسي، فالمحسوسات متحركة بأمر الأمراء، والأمر صادر عن حكم القادر، فأحكامه سبحانه جارية على وفق سابقته في خلقه، وعلى حكم ما قدّره في الأزل، لا يتغير ولا يتبدل، فكل ناطق به نطق، وكل سامع به سمع، وكل بصير به أبصر، وكل باطش به بطش، فكل الحركات والسكنات له شاهده وما أمره فيها إلا واحده، فاختراعه للوجود من العدم تذكرة وبيان، ورحمة منه وفضل وامتنان، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟ ثم قال: اسمع، ليس الإنسان إلا أن يصفي قلبه، ويعلّق خاطره ويحضر لبّه، فيعثر على قول سيد البشر صلى الله عليه وسلم. من عرف نفسه عرف ربه. فهذا أقصى درجات السر والعلن، و إليه الإشارات من جانب الطور الأيمن. فإذا صحّت هذه المعرفة وصلت إلى المعروف، و إذا نظرت إلى غير هذا كنت المحير المتلوف، فهذه فروع تعرب لك عن أصولها، وجمل تنزل بك على فصولها، وتقرع سمعك بأطنابها. وأتوا البيوت من أبوابها فإتيان البيوت من أبوابها واجب والخلق حول البيت محجوب وغائب. فمن شأنه سبحانه ظهور الأسباب، وكل ما سواه جلّت قدرته حجاب. فكل من كشف له هذا الغطاء فقد أجزل له في العطاء.

ثم قال أبو مدين رضي الله عنه: يا من هو سري، ويا من هو جهري، ويا من به نفعي، ويا من به ضرّي. ويا من به أقيم، ويا من به أسري، فامنن عليّ بقرب تلمّ به فقري.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!