موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


353. الموقف الثالث والخمسون بعد الثلاثمائة

قال تعالى:﴿ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى﴾ [ لقمان: 31/ 29].

اعلم أن الموجودات ثلاثة لا رابع لها، موجود لا بداية له ولا غاية، وهو الله تعالى عزّ شأنه، فهو الأزلي الأبدي، وموجود له بداية ونهاية وهي الدني وما فيها، فهي لا أزليه ولا أبدية من حيث صور مافيها، لا من حيث جوهرها؛ وموجود له بداية ولا نهاية له، وهي الدار الآخرة وما فيها هي أبدية لا أزلية. أمّا بداية الدنيا فهي ثابتة شرعاً وعقلاً عند جمهور العقلاء، وأمّا نهايتها فهي ثابتة شرعاً وعقلاً عند بعض العقلاء والكتابيين، وهو الأجل المسمى الذي تجري إليه الأكوان الدنياوية. وأمّا بداية الآخرة فهي ثابتة شرعاً وعند الكتابيين وبعض العقلاء من وجه لا كما هي عند الإسلاميين، وأما عدم نهايتها، أعني الدار الآخرة فهو ثابت شرعاً، والمراد بعدم نهاية الدار الآخرة هو تجديد الآجال لما فيها. فإنّ الأكوان لها آجال في الدنيا والآخرة مع كون الآخرة لا نهاية لها ولما فيها فلا بد لكل مكون من غاية. والأشياء لا تتناهى وجوداتها فلا تنتهي غاياتها، فإن الله يجدّد في كل حين أشياء في كل شيء وكل شيء له غاية فتلك الغاية أجله المسمى. وهذا معنى ما ذكره العارف بالله تعالى عبد الكريم الجيلي في كتابه «الإنسان الكامل». في باب الأبد حيث قال: إن كل شيء من الممكنات له أبداً، فأبد الدنيا يحول الأمر إلى الأخرة، وأبد الآخرة يحول الأمر إلى الحق تعالى ولا بد أن يحكم بانقطاع الآباد، آباد أهل الجنة وآباد أهل النار، ولو دامت وطال الحكم ببقائها فإنّ بعدية الحق تلزمنا أن نحكم على ما سواه بالانقطاع، فليس لمخلوق أن يسايره في بقائه، انتهى.

فالمعنى واحد، غير أن عبارة الشيخ الجيلي فيها تسامح؛ فلذا أنكره واستعظمها منه الجم الغفير. وقال الشيخ الجيلي رضي الله عنه فيما كتبه على الباب الآخر من الفتوحات المكية ما نصّه: فلا تحمل كلام الشيخ رضي الله عنه من أنّ عمر الجنة والنار كذا وكذا سنة على ظاهره، بل ذاك من وقت مخصوص إلى وقت مخصوص. ولم كان العالم الأخراوي نسخة من باطن الإنسان وروحه إذ كل منهما نسخة الآخر فكانت الآخرة كالروح الإنسانية باقية ببقاء الله تعالى فلا تتوهم أن الجنة والنار تفنى بحال. وما ورد من أن النار تفنى و ينبت في محلها شجر الجرجير إنما ذلك من حيث أقوام مخصوصة، ففناؤها وزوالها فناء مقيد لا فناء مطلق. ولما كانت الدار الدني لها ابتداء وانتهاء كان لكل مكون فيها ابتداء وانتهاء. من جملة ذلك المراتب المعنوية كالولاية العامة التي هي عبارة عمن تولاه الله بنصرته في مجاهدته الأعداء الأربعة: النفس والهوى والشيطان والدنيا. والولاية الخاصة بخاصته الخاصة التي هي عبارة عن الورث المحمدي، وإن كان كل وليّ ونبيّ ورسول إنما يشرب من البحر المحمدي، فليس كل ولي وارثاً محمدياً، النبوّة الخاصة التي هي بواسطة الملك يوحي إلى النبي يراه أو ينزل على قلبه، والنبوة العامة المطلقة المعبر عن أهلها بالأفراد وبأنبياء الأولياء. فهنا ولاية عامة وولاية خاصة ونبوة عامة مطلقة ونبوة خاصة مقيدة.

فأما الولاية العامة والنبوة المطلقة العامة والنبوةالخاصة المقيدة نبوة التشريع فابتدأت بآدم عليه السلام فهو الولي النبي عامة مطلقة ونبوة خاصة بنبوة تشريع، فأما نبوة التشريع فقد ختمت بمحمد صلى الله عليه وسلم فلا نبيٌ بعده نبوة تشريع. وأما النبوة العامة المطلقة التي لا تشريع فيها، وهي كناية عن مقام القربة الذي بين الصديقية، والنبوة الخاصة نبوّة التشريع، وهي مقام الأفراد، فستختم بعيسى عليه السلام فلا ينالها أحد بعده، فهو آخر أهل مرتبته الفردية، فلا يوجد فرد بعده. فمهما قال الشيخ محي الدين في الفتوحات أو غيرها من كتبه، عيسى خاتم الولاية المطلقة أو خاتم الأولياء مطلقاً، فالمراد بذلك الولاية بمعنى النبوّة العامة المطلقة مقام الأفراد كالخضر عليه السلام والشيخ الأكبر محي الدين عليه السلام .

وأما الولاية العامة التي تكون بورث آحاد الأنبياء فستختم بخاتمة الأولاد الذي سيولد بالصين ويكون على قدم شيت كما أخبر بذلك الشيخ محي الدين كشفاً. وأما الولاية بمعنى الإرث المحمدي فقد ختمت بسيدنا الشيخ الأكبر محي الدين رضي الله عنه أخبر بذلك في كتبه تلويحاً وتصريحاً نظماً ونثراً؛ أمّا الولاية التي تحصل من ورث سائر الأنبياء فإنها باقية إلى ختم الأولياء ختم الأولياء فلا ولي فإنه قرب القيامة. ولما ذكر سيدنا الشيخ الأكبر في الفتوحات المكية ختمية الولاية المطلقة على عيسى عليه السلام والولاية الخاصة عليه رضي الله عنه وذكر في الفصوص أن خاتم الأولاد يكون على قدم شيث عليه السلام أشكل ذلك على بعض إخواننا، ويؤيد م قلناه ويوضح ما ذكرناه قوله رضي الله عنه في الجواب الثاني عشر من أجوبة أسئلة الترمذي رضي الله عنه فأمّا ختم الولاية على الإطلاق فهو عيسى عليه السلام فهو الولي بالنبوة المطلقة في زمان هذه الأمة وقد حيل بينه وبين نبوة التشريع والرسالة، فينزل في آخر الزمان وارثا خاتماً لا وليّ بعده نبوّة مطلقة. كما أن محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم النبوة، لا نبوة تشريع بعده وإن كان بعده مثل عيسى من أولي العزم من الرسل وخواص الأنبياء، ولكن زال حكمه من هذا المقام لحكم الزمان عليه الذي هو لغيره فينزل ولياً ذا نبوّة مطلقة يشركه فيا الأولياء المحمديون، فهو منا وهو سيدنا. فكان أول هذا الأمر نبي وهو آدم وآخره نبي وهو عيسى، أعني نبوّة الاختصاص، فيكون له يوم القيامة حشران حشر معنا وحشر مع الرسل وحشر مع الأنبياء. وأما ختم الولاية المحمدية فهي لرجل من العرب من أكرمها أصلاً ويداًَ، وهو في زماننا اليوم موجود، عرفته سنة خمس وتسعين وخمسمائة، ورأيت العلامة التي أخفاه الله فيه عن أعين عباده وكشفها لي بمدينة فاس حتى رأيت خاتم الولاية منه، وهو خاتم النبوة المطلقة، لا يعلمها كثير من الناس، يعني خاتم النبوة المطلقة مع الإرث المحمدي، وعيسى خاتم النبوة المطلقة فقط ليس مقروناً بالإرث المحمدي، ثم قال: وقد ابتلاه الله تعالى بأهل الإنكار عليه فيما يتحقق به من الحق في سره من العلم به. كما أن الله ختم بمحمد صلى الله عليه وسلم نبوة التشريع. كذلك ختم الله بالختم المحمدي الولاية التي تحصل من الإرث المحمدي، لا التي تحصل من سائر الأنبياء، فإن من الأولياء من يرث إبراهيم وموسى وعيسى، فهؤلاء يوجدون بعد هذا الختم المحمدي، وبعده فلا يوجد ولي على قلب محمد صلى الله عليه وسلم هذا معنى خاتم الولاية المحمدية . وأما ختم الولاية العامة الذي لا يوجد بعده ولي فهو عيسى عليه السلام انتهى. والحاصل: أن الشيخ الأكبر ختمت به الولاية التي هي الورث المحمدي فإنه كان من الأفراد الذين لهم النبوة المطلقة العامة مضافاً إليها الورث المحمدي، وبه ختم عليه السلام فلا يأتي بعده وارث محمدي. وكان لبعض الأفراد قبله الورث المحمدي. والمهدي المنتظر آخر الزمان يكون من الأفراد وليس له الورث المحمدي. وعيسى عليه السلام ختم الولاية المطلقة التي هي النبوة العامة. وكان لفظ الولاية عند الشيخ محي الدين هي علم بالغلبة على الولاية التي هي النبوة العامة فلذلك يطلقها من غير تقييد. فل يكون بعد عيسى ولي يحصل له مقام الفردية فلا يوجد فرد بعده، وخاتم الأولاد الذي أخبر به الشيخ الأكبر في الفصوص أنه يولد بالصين هو خاتم الولاية من حيث أنه ولاية، فلا ولي بعد أصلاً، وليس بعده إلا القيامة. قد زال الإشكال بغير مين وتبين الصبح لذي عينين، والحمد لله رب العالمين.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!