موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


277. الموقف السابع والسبعون بعد المائتين

ورد في صحيح البخاري وغيره: ((كان الله، ولم يكن شيء غيره، وكان عرشه على الماء ثم خلق الخلق، وقضى القضية، وكتب في الذكر كل شيء)).

سألني بعض إخواني إيضاح جواب السؤال الثاني والعشرين من أجوبة ختم الولاية محي الدين،  عن أسئلة الحكيم الترمذي رضي الله عنهما قول سيدنا (الجواب، سأل بلفظ في العامة يعطي البَدْءَ وفي الخاصة يعطي موجب النسخ في مذهب من يراه، فلنتكلّم على الأمرين معاً، ليقع الشرح باللسانين، فيعم الجواب).

يريد (رضي الله عنه) أن قول السائل: وأيّ شيء علم البدا؟! (بالقصر) يفهم منه أمران:

أحدهما البُدْء، ضبطه الشيخ (رضي الله عنه) بقلمه في النسخة التي بخط يده الشريفة، يضم الباء آخره همز، من بدأ الشيء أنشأه واخترعه.

قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ﴾[العنكبوت: 29/19].

وقال: كيف بدأ الخلق؟! كأن السائل يقول: أي شيء هو علم افتتاح الوجود للموجودات؟ وهو المعنى الذي يعرفه عامة الناس، من لفظة البدا (بالقصر)، ويسألون عن علمه.

ثانيهما: أي شيء هو علم البدا؟! (بالقصر) وهو أن يظهر له مالم يكن ظهر، بمعنى تبدّل رأيه، فترك الرأي الأوّل، وبدا له غيره، وهذا المعني للبدا، هو م يفهمه الخاصّة من لفظة البدا. ويسألون عن علمه، وهو المعبّر عنه بالنسخ، عند من يقول به، كالمحمديين إجماعاً، لأنه تبديل لا بدا، وخالفت اليهود فقالت: لا يجوز النسخ في الشرائع، لأنه بدا، وهو على الله محال.

قول سيّدنا: ((فاعلم أنَّ علم البدا علم عزيز، وأنه غير مقيّد))، يريد أنَّ علم البُدء (بضم الباء آخره همز) بمعنى افتتاح الوجود، علم عزيز منيع الحمى عن الإدراك والتصور، فإنه غير مقيّد بموجود دون موجود، ولا محدود بحدّ يكون له جنس وفصل، والموجودات لا نهاية لها، فلا حد ولا قيد لأشخاصها.

قول سيدنا: «وأقرب ما تكون العبارة عنه أنه يقال: البدء، افتتاح وجود الممكنات على التتالي والتتابع، لكون الذات الموجدة له اقتضت ذلك، من غير تقيد بزمان. إذ الزمان من جملة الممكنات الجسمانية». يريد رضي الله عنه أن العبارة عن علم البدء غامضة جداً، لأنه غير مقيّد ولا محدود. وأقرب ماتكون العبارة عنه للأفهام، تقريباً لا تحقيقاً،  أنه افتتاح الوجود، أي الموجودات، وهو كلّ ما سوى الحق تعالى على التتالي والتتابع إلى غير نهاية، لأنَّ المصير إلى الجنّة، و النَّار، وهما لا نهاية لهما، ولا لمن فيهما، شرعاً وكشفاً، لكون الذات الموجود، الموجدة لكل موجود اقتضت ذلك الإيجاد، وهي لا نهاية لها، فلا نهاية لما اقتضته اقتضاءً ذاتياً، لا بسبب خارج عنها، زائد عليها، من غير تقيد افتتاح الممكنات بزمان. لأن الزمان من جملة الممكنات الجسمانية، فإنه عند الحكيم عبارة عن حركة الفلك الأقصى، وعند المتكلم اقتران معلوم بمجهول، فافتتاح الوجود، بمعنى: بدء الوجود، لا في زمن. فلا يعقل الحق تعالى إلاَّ فاعلاً خالقاً، وكلّ عين كانت معدومة لعينها، معلومة له، ثم حدث له الوجود، بل أحدث فيها الوجود، بل كساها حلّة الوجود، فكانت هي، ثم الأخرى، ثم الأخرى، على التتالي والتتابع، من أوّل موجود مسند مستند إلى أوّلية الحق تعالى ـ وما ثم موجود آخر، بل وجود مستمر في الأشخاص، وليست الأشخاص في المخلوقات متناهية في الآخرة، إلاَّ في نوع خاص، وإن كانت الدنيا متناهية، فالأكوان جديدة ل نهاية لتكوينها، فأبدها دائم كالأزل، في حقّ الحقّ ثابت.

قول سيدنا: «فلا يعقل إلاَّ ارتباط ممكن بواجب لذاته»، يريد رضي الله عنه أنه لا شيء من الروابط التي تربط الأشياء بعضها ببعض، كائن بين الحق الخالق و المخلوقات، إلاَّ ارتباط ممكن لذاته، يصحّ وجوده كما يصحّ إبقاؤه في عدمه. فل يترجّح وجوده على عدمه إلاَّ بمرجّح واجب الوجود لذاته.

قول سيدنا: «فكان في مقابلة وجود الحق أعيان ثابتة موصوفة بالعدم أزلاً، وهو الكون الذي لا شيء مع الله فيه». يريده رضي الله عنه أنه لما ثبت أنه لا ارتباط بين الحق الخالق والمخلوقات إلاَّ من وجه واحد، وهو ارتباط ممكن لذاته واجب لذاته لا بداية لوجوده أزلاً؛ فكان في هذه الأزلية التي هي وصف سلبي، ينفي عنه تعالى، افتتاح الوجود أعيان ثابتة في مقابلة الوجود الحق موصوفة بالعدم والثبوت أزلاً، وهي حقائق الممكنات في العلم القديم، إذ الواجب لذاته يقابله الممكن لذاته، وهذه الأزلية المعبر عنها بالكون، المشار إليها في الحديث، هي الكون الذي لا شيء مع الله فيه موصوف بالوجود ولكنه موصوف بالثبوت، منفك عن الوجود، فإنه معلوم، والمعلوم لا يقال إنه مع العالم به. فالمعلوم عين العلم والعلم عين العالم، وهذه الحضرة المعّبر عنها: ((كان الله ولا شيء معه)).

هي حضرة أحدّيته الغنيّة عن العالمين، وعن أسماء الألوهية أيضاً.

قوله: «إلاَّ أن وجوده أفاض على هذه الأعيان على حسب ما اقتضته استعداداتها، فتكوّنت لأعيانها لا له» يريد رضي الله عنه أنَّ هذه الأعيان الثابتة أزلاً، المعدومة التي كانت في مقابلة وجود الحق أزلاً، أفاض الوجود المطلق وجوده المقيّد عليها، فكساها حلّة وجوده بجوده وإرادته واختياره، بخلاف مرتبة الثبوت، فإنَّ الأمر فيها اقتضاء ذاتي من غير تخلّل إرادة واختيار، وكان فيض وجوده عليها بحسب استعداداتها واقتضائها للوجود والأحوال، ونعوت وصفات تكون عليها حالة الوجود. وهذا الاستعداد الثبوتي غير مخلوق ولا مجعول، فإنه عدم. فتكوّنت الأشياء لأنفسها عند إفاضة الوجود عليها، تكوناً يسمّى وجوداً خارجياً، لا له تعالى، فإنه مشهودة معلومة له تعالى حالة عَدَمِهَا، كما هي حالة وجودها، لا فرق في ذلك عنده تعالى ، وإنما تكوينها وإيجادها لها، ولأجلها. فتعلم نفسها وأمثالها من الأعيان، وأما الحق تعالى فما يزداد علماً أصلاً، فهو عالم بها وبما يتجدد عليها إلى غير نهاية.

قول سيدنا: «من غير بينية تعقل أو توهّم» وقعت في تصوّرها الحيرة من الطريقين: من طريق الكشف ومن طريق الدليل الفكري، لما قدم رضي الله عنه أنَّ الحق تعالى كان ولا شيء معه، ثم أفاض وجوده على أعيان الممكنات فاتصفت بالوجود، خشي أن يتوهّم من هذا أنَّ بين تعقل الحق وبين إفاضة وجوده على الممكنات زمان وبينيّة، فقال: «من غير بينيّة ولا زمان يتعقل بالعقل». بمعنى: يدركها العقل بالنظر الفكري، أو تتوهّم بالوهم والتخيّل الصحيح الموافق، لا مطلق التوهّم، فإن الوهم يتخيل دائماً أن بين وجود الحق تعالى ووجود الممكنات زماناً يتقدم به الحق على إيجاد الممكنات، وليس الأمر كذلك، لأنَّ الزمان من جملة الممكنات دائماً، فتقدم الحق على الممكنات تقدّم فاعل على منفعل، فهو تقدم رتبة،  كتقدم أمس على اليوم، فإنه تقدّم بغير زمان، إذ هو الزمان، ولذا وقعت الحيرة في تصّور هذه المسألة من طريق الكشف، طريق أهل الله أصحاب علوم الفيض الإلهي، ومن طريق الدليل الفكري، طريق أهل النظر، أصحاب العلوم المكتسبة بالأدلة، وترتيب المقدمات. إذ ثمَّ أمور يتصّورها العقل وتنفلت من الخيال والوهم، وثمَّ أمور يتحقق بها الوهم وتثبت في الخيال ولا تثبت في العقل، وهذه المسألة لا يتصورها عقل ولا يضبطها خيال.

قول سيدنا: «والنطق عمّا يشهده الكشف بإيضاح معناه، يتعذّر، فإنَّ الأمر غير متخيل، فلا يقال: ولا يدخل في قوالب الألفاظ بأوضح مما ذكرناه».يريد رضي الله عنه أن العبارة الواضحة التي تصل إليها كل العقول عمَّا يشهده المكاشفون بحقائق الأشياء متعذر في هذه المسألة، فإنها غير متخيّلة حتى يمسك الخيال منها صورة يخبر عنها بعبارة، إذ ما يشهده المكاشف نوعان: نوع لا يتخيّل لأنه لا صورة له، فلا ينقال، ولا تمكن العبارة عنه، فلا يدخل تحت قوالب الألفاظ، فإن عالم الألفاظ أضيق وعالم المعاني أوسع، ونوع تمكن العبارة عنه بضرب الأمثال والاستعارات وأنواع المجاز، وأما العبارة عنه على ما هو عليه فمحال.

قول سيدنا رضي الله عنه : «وسبب عزة ذلك،  الجهلُ بالسبب الأول، وهو الذات الحق» يريد رضي الله عنه أن سبب عزة علم البدء ومنعه عن التصّور هو الجهل بذات الحق تعالى ـ فإنَّ ذاته تعالى لا تعلم عقلاً ولا كشفاً. والبدء وإن كان عن ذات واردة وقول: والإرادة والقول مستندان إلى الذات العليّة وهي مجهولة أبداً لغيره تعالى ـ ، وإن كانت تشهد من بعض وجوهها، فهي لا تعلم.

قول سيدنا: «ولما كانت سبباً، كانت إلهاً لمألوه لها حيث لا يعلم المألوه أنه مألوه». يريد رضي الله عنه أن الذات لما كانت سببًا أولاً للبدء، من حيث مرتبة الألوهية؛ فإن الألوهية مرتبة الذات، وهي عينها عيناً وغيرها عقلاً، كانت إلهاً لمألوه، فإن الإله إله أزلاً سواء أكان المألوه موجوداً أو مقدراً معدوماً، حيث لا يعلم المألوه أنه مألوه إلاَّ له. وذلك في موطن ثبوت المألوه معرّى عن الوجود، فإنه تعالى مسمّى أزلاً بالأسماء التي بها استحق الألوهة.

قول سيدنا: «فمن أصحابنا من قال: إن البدء كان عن نسبة القهر وقال بعض أصحابنا: بل كان عن نسبة القدرة». يريد رضي الله عنه بأصحابنا، أهل طريقنا،  طريق أهل الله، لا طريق أهل النظر من المتكلمين والحكماء، فمنهم من قال: إن البدء كان عن نسبة القهر، أي من حيث أنه تعالى موصوف بالقهار، فإن ما يسميه المتكلمون صفة، يسميه أهل الله نسبة، حيث لم يرد لفظ الصفة في حقه تعالى لا في الكتاب ولا في السنة، بل نزّه تعالى نفسه عن الصفة. ومعنى كون البدء ظهر عن صفة القهر هو أنه قهر الممكن على أن يكون مظهراً له تعالى، فإن قوله : «كن» أي : اقبل ظهوري بك. فليس الإمكان إلاَّ قبول ظهور الحق تعالى بالممكن. وقال بعض أصحابنا: بل كان البدء عن نسبة القدرة، أي من حيث أنه تعالى مسمّى بالقادر، وله نسبة القدرة، وهي المعنى الذي به يتأتّى إيجاد الممكن، وهو الذي دلَّ عليه العقل، وأجمع عليه النّظار.

قول سيدنا: «والشرع يقول عن نسبة أمر والتخصيص في عين ممكن دون غيره من الممكنات المميزة عنده»، يريد رضي الله عنه أن الشرع يقول: إن البدء كان عن نسبة أمر، إلهي،  وهو قوله تعالى «كن» من حيث كونه تعالى متكلماً، لا من حيث أنه قائل، كما أخبر عن نفسه بذلك في كلامه القديم بقوله: «إن نقول كن» والتوفيق بين هذا والذي قبله: إن القدرة تعلّقت بالممكن فأثرت فيه الإيجاد، وهو حالة معقولة بين العدم والوجود. والامتثال وقع بقوله «فيكون» والتخصيص بالإرادة واقع فيعين الممكن، والمراد وجوده دون غيره من الممكنات المميزة عنده في علمه تعالى، فالأمر بالكون لا يتوجّه إلاَّ على م خصّصته الإرادة بالكون، لا غيره.

قول سيدنا: «والذي وصل إليه علمنا من ذلك، ووافقنا الأنبياء عليه، إن البدء عن نسبة أمر فيه رائحة جبر» يريد رضي الله عنه أن كشفه أعطاه أن بدء المخلوقات وإظهارها من العدم إلى الوجود كان عن نسبة أمر، وهي أمره تعالى لمن يريد إظهاره من المعدوم بالكون والظهور، وهذا الكشف موافق لما جاءت به الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فإنهم أخبروا أنه تعالى قال: ﴿إِنَّمَا قَوْلُنَ لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ﴾[النحل: 16/ 40].

وإنما كانت فيه رائحة جبر، لأن صيغة الأمر تقتضي ذلك، وأعيان الممكنات حال ثبوتها وعدمها لو خيّرت لاختارت البقاء في الثبوت، فإنها في حالة الثبوت في مشاهدة ثبوتيّة، متلذذة بالتلذذ ثبوتي لا تعرف ألماًن فإذا وجدت تعرضت للخطر، فإنه لا تدري ما يحصل لها حالة اتصافها بالوجود.

قول سيدنا: «إذ الخطاب لا يقع إلاَّ على عين ثابتة معدومة عاقلة سميعة عالمة بما تسمع بسمع ماهو سمع وجود، ولا عقل وجود، ولا علم وجود، فالتبست عند هذ الخطاب بوجوده فكانت مظهراً له من اسمه الأول الظاهر وانسحبت هذه الحقيقة على هذه الطريقة على كل عين إلى ما لا يتناهى». يريد رضي الله عنه بهذه الجملة تعليل البدء بأنه كان على نسبة أمر بقول مسموع، فالخطاب بالأمر بالكون لا يرد إلاَّ على سميع، عاقل لما يسمع، عالم بما به أمر، فالأعيان الثابتة لها جميع الإدراكات، لكن في الثبوت ما هي إدراكات وجودية، حيث إن الأعيان الموصوفة بهذه الإدراكات ثبوتيّة لا وجوديّة. وإنما كانت لها جميع الإدراكات لأنها حيّة بحياة ثبوتيّة، ولول حياتها وإدراكها ما سمعت ولا امتثلت أمره بالكون بالكلام الذي يليق بجلاله تعالى ـ ، فإنها تميّزت عن العدم المحض، وكانت لها صورة في العلم، فسمّيت لذلك أعيان ثابتة وممكنات، فحصل لها التمييز من الاسم النور، والحياة من الاسم الحي، فالتبست بوجوده حين الأمر، لا بوجود آخر لا قديم ولا حادث. وهذا الحكم صادر من حضرة اسمه تعالى الأوّل، فإنَّ به ظهر كلّ أوّل من أشخاص من كلّ نوع، ثم ينزل الأمر إلى جزئيات العالم،  ومن حضرة اسمه تعالى الظاهر، فإنها أظهرت أحكام أسمائه تعالى في العالم، وأظهرت أحكام أعيان العالم في الوجود الذات، وهكذا هو الأمر والحكم في كل عين عين من أعيان الممكنات.

قول سيدنا: «فالبدء حالة مستصحبة قائمة لا تنقطع بهذا الاعتبار، فإن معطى الوجود لا يقيده ترتيب الممكنات فالنسب منه واحدة، فالبدء ما زال ولا يزال، فكل شيء من الممكنات له عين الأولية في البدء»، يريد رضي الله عنه أن البدء إنّم يعقل بالرتبة و الوجود، والمتقدم والمتأخر من الموجود سواء في الرتبة، فإنَّ جميع الممكنات ما وجد منها وما سيوجد في الرتبة الثانية من الوجود، والرتبة الأولى في الوجود هي له تعالى ، وهي التي أظهرت الرتبة الأثنية وأعطتها الوجود، ومعطي الوجود تعالى لا يقيده ترتيب الممكنات بالنسبة إلى بعضها بعضاً، وهي بالنسبة إليه لا ترتيب لها، فإنَّ نسبة كل ممكن إلى ذاته تعالى نسبة واحدة لا ترتيب ولا تقديم ولا تأخير. فلا يزال حكم البدء في كلّ عين عين من الممكنات، فلا يزال المبدئ مبدِئاً دائماً فهو تعالى مبدئ في حق كل عين عين يوجدها، وذاك الموجود مُبدأ (اسم مفعول).  

قول سيدنا: «ثم إذا نسبت، الممكنات بعضها إلى بعض تعيّن التقدم والتأخر، لا بالنسبة إليه سبحانه، فوقف علماء النظر مع ترتيب الممكنات حين وقفنا نحن مع نسبتها إليه». يريد رضي الله عنه أن التقدم والتأخر الذي توصف به الممكنات ليس ذلك بنسبتها إلى الحق تعالى ، وإنما ذلك بالنسبة إلى بعضها بعضاً، ومن هذ سمّي تعالى بالمقدم المؤخر، فما تقدم من تقدم على غيره من الممكنات إلاَّ بمرجح مقدم له تعالى. وما تأخر من تأخر على غيره إلاَّ بمرجح مؤخر، وهو الحق تعالى ، فوقف علماء النظر وعلماء الرسوم مع ترتيب الممكنات بعضها مع بعض، فجعلوا نسبة المبدي إنما هي مع أول مخلوق لا غير، حين وقف أهل الله العلماء به وبحقائق الأشياء على ماهي عليه، مع نسبة المخلوقات إليه تعالى، فقالوا: نسبة المبدي إليه تعالى هي مع كل مخلوق مخلوق، لا خصوصية لأول مخلوق عن آخر مخلوق في ذلك، لو كان للمخلوق آخر، ولا آخر.

قول سيدنا: «فالعالم كله عندنا ليس له تقيّد إلاَّ بالله خاصة، والله يتعالى عن الحدّ و التقييد، فالمقيد به تابع له في هذا التنزيه، فأوّلية الحق هي أوليته، إذ لا أوّلية للحق بغير العالم، لا تصحُّ نسبتها ولا نعته بها. بل هكذ جميع النسب الأسمائية كلها». يريد رضي الله عنه أنَّ العالم، وهو كل ما يطلق عليه السوى والغير ليس له تقييد ببعضه بعضاً، فإنه غير مفتقر إلى بعضه بعضاً في الإيجاد والظهور حقيقة، وإنما تقييده بالله تعالى فإنَّه موجده وممدّه بما به بقاء وجوده عليه، وحيث كان العالم لا تقييد له إلاَّ به تعالى، وهو تعالى يتعالى عن الحدّ والتقييد بشيء سوى ذاته، كان المقيد به تعالى، وهو العالم كلّه تابع له في التنزيه عن التقييد، إلاَّ أنه تعالى منزّه عن التقييد والحدّ مطلقاً، والعالم منزه عن التقييد بغير الحق تعالى، فلا يتقيد ببعضه بعضاً، ولما كان كلّ جزء وشخص من جزئيات العالم لا يتقيد إلاَّ بموجده ومبديه تعالى ـ. كانت له الأوّلية. فأوليته تعالى بغير العالم، فإنَّ الأوّلية من النسب. فلو زال العالم وجوداً أو تقديراً لم يقل أوّل ولا آخر، وكذا الظاهر والباطن، فما صحّت نسبة الأولية له إلاَّ بالعالم، بل هكذا جميع النسب، أعني أسماء الألوهة التي تطلب العالم ويطلبها. فما أعطاه تعالى الأسماء التي بأيدينا إلاَّ العالم.

قول سيدنا:

فالعبد ملك إذ قد تسمى

 

في عين حال بما تسمّى

والملك عبد في عين حال

إذا تسمّى بما أسمّى

فإنّه بي ولست أعني

 

عنّي لكوني أصمّ أعمى

عن كل عين سوى عياني

لكونه أظهرته الاسم

حاصل الأبيات: أن العبد الحقيقي قد يكون ملكاً (بفتح الميم وسكوت اللام، تخفيفاً لغة في الملك بكسر اللام) وذلك في عين حالة خاصة، وهي فيما إذا ت سمى العبد بما تسمى به السيد، ومن أسماء السيد: الآمر الناهي المجاب الممتثل أمره ونهيه. فإذا أمر العبد سيده فأجاب وامتثل ونهاه فانتهى ولم يفعل، فهو في هذه الحالة سيد. والسيد مأمور منهي، كما أ خبر بذلك عن نفسه في كتبه وعلى ألسنة رسله عليهم الصلاة و السلام والملك عبد الملك (بضم الميم) بقلم الشيخ رضي الله عنه أي ملك الملك، وه و من أسمائه تعالى، عند الحكيم الترمذي وكان من الأفراد رضي الله عنه أي قد يكون الحق تعالى الملك عبداً، في حال خاص،  وهو فيما إذا تسمّى تعالى بما تسمى به العبد، وهو كونه مأموراً منهياً، يدعى فيمتثلن وينهى فيترك. وهذا الحال من حضرات تنزلاته لعبيده، وإدخال نفسه تعالى معهم، وحكمه عليها بما حكم به عليهم، فإنَّ السيد الحقيقي يحافظ دائماً على ما يبقي عليه تسمية السيادة، ويسعى في حفظها بكلّ وجه، ويرعاها بكلّ عين، فيجيب عبده إذا دعاه ويمتثل أمره، ويرضيه بكل ما يحتاج إليه، وذلك لكون العالم أعطى الحق تعالى جميع أسماء الألوهة، وماهو إله إلاَّ بالأسماء، وهي عينه. فقول سيدنا: «فإنه بي» ترجمة عن العالم كلّه، فإنه ما ظهر كونه إلهاً إلاَّ بالأسماء والنسب. والأسماء والنسب ما ظهرت إلاَّ بالعالم. فلول العالم وجوداً أو تقديراً، ما كانت النسب الأسمائية، فما يكون إلهاً إلاَّ بها. ول يعني بقوله: «فإنه بي» من حيث عينه الثابتة، وحقيقته المعلومة. فإن ياء المتكلم في قوله: «عني» كناية عن العين والحقيقة، وهي في حالة الثبوت أصمّ أعمى عن كل كون ل شعور له إلاَّ بعينه خاصة، وبه تعالى. وإنما يعني بذلك حالة الإيجاد في مرتبة الحسّ، حيث صار مظهراً له تعالى، شاعراً بعينه وبغيره من الأعيان، وليس هو بمظهر حالة الثبوت. فهو تعالى إله بالعالم ، والعالم مظهر له، من حيث الوجود الحسّي.

قول سيدنا: «هذه طريقة البدء»، يريد رضي الله عنه أن ما تقدم هو جواب عن أحد مدلولي السؤال، وهو علم البدء، بمعنى افتتاح الوجود.

قول سيدنا: «وأمّا إذا أراد البدء، وهو أن يظهر له مالم يكن ظهر، هو مثل قوله: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ﴾[محمد: 47/ 31].وهو قوله: ﴿وَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ﴾[التوبة: 94]..«فيكون الحكم الإلهي بحسب ما يعطيه الحال، وقد كان قرّر الأمر بحال معين، بشرط الدوام لذلك الحال في توهمنا. فلما ارتفع الدوام الحالي، الذي لو دام أوجب دوام ذلك الأمر بدا من جانب الحقّ حكم آخر اقتضاه الحال، الذي بدا من الكون، فقابل البدء بالبدء»، يريد رضي الله عنه أن جواب المعني الثاني، مدلولي السؤال، وهو أي شيء هو علم البدء؟! وهو أن يظهر له أي لمن ظهر مالم يكن ظهر له من قبل، وهو مثل قوله: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ﴾. وهو العالم أزلاً وأبداً، أي ولنختبرنّكم بالتكاليف، حتى نعلم منكم من حيث ظهورنا بكم، في مرتبة وجودكم الحسي، ما علمناه منكم في مرتبة ثبوتكم. فالعلم واحدٌ لا يتعدّد ولا يتجدّد ولا يتغيّر تغيّر المعلوم. وإنَّما المعلوم هو الذي تتوارد عليه الأحوال، وتتبدّل عليه المواطن. فتختلف عليه الأحكام. لذلك فهو في ذلك مثل البدء في اختلاف الأحكام، وهو مثل قوله: ﴿وَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ﴾. وقد كان رآه في مرتبة ثبوته وهو معدوم، على نحو م تقدّم في قوله: «حتى نعلم فنحكم فيكم بحسب ما علمنا وما رأينا حالاً، لتبدّل أحوالكم. فيكون الحكم الإلهي المحكوم به، بحسب ما يعطيه الحال، أي حال المحكوم عليه. وقد كان تعالى قدر الحكم وأثبته بحال معّين خاصّ في جميع الأحوال، بشرط الدوام لذلك الحال المعين الخاص. ودوامه إنما هو في توهمنا لا في نفس الأمر وم عند الله، فإنه يعلم انتهاء تلك الحال. وبانتهائها ينتهي الحكم المشروط بها. إذ المشروط بشرط ينعدم بانعدامه. فلما ارتفع دوام الشرط وهو الحال، الذي لو دام أوجب دوام ذلك الحكم الإلهي، بدا وظهر من جانب الحق حكم آخر ناسخ للحكم المشروط دوامه بدوام الحال المعين، اقتضى هذا النسخ الحال الذي بدا من الكون الحادث، فقال تعالى البداء الذي ظهر من الكون بالبداء منه تعالى، وهو نسخ الحكم السابق. فإنَّ حدَّ النسخ عند علماء الرسوم هو انتهاء الحكم الشرعي الذي في تقدير أوهامنا استمراره لولاه، أمَّ على مذهب من يرى الأحكام الإلهية معلّلة بمصالح العباد، وهو الحق، فتختلف مصالح الأوقات فتختلف الأحكام بسببها، فما انتسخت الأحكام والشرائع واختلفت إلاَّ لاختلاف النسب، وما اختلفت النسب إلاَّ لاختلاف الأحوال، وما اختلفت الأحوال إلاَّ لاختلاف الأزمان، وأما على مذهب من يرى أن أفعال الحق تعالى غير معلّلة فيجوز أن يرفع تعالى حكماً ويضع غيره. وكما أن مدة بقاء الحادث معلومة عند الله، غير معلومة عندنا، كذلك الأحكام الإلهية، لها آجال معلومة عنده.

قول سيدنا: «فهذا معنى علم البدء على الطريقة الأخرى»، قال تعالى: ﴿وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ﴾[الزمر: 39/47].يقول صلى الله عليه وسلم «اتركوني ما تركتكم». وكانت الشرائع تنزل بقدر السؤال، فلو تركوا السؤال لم ينزل هذا القدر الذي شرع». ومعقول ما يفهم من هذا علم البداء لما كر رضي الله عنه معنى البداء، على الطريقة الثانية، ذكر له دليلاً على طريق الإشارة، وهو قوله: «وبدا لهم» أي ظهر لهم من الله حكم فيهم لم يكن حكم به فيهم في الدنيا، وماكانوا يظنونه، وذلك لاختلاف الحال والزمان والموطن، ويقول صلى الله عليه وسلم لأصحابه الكرام: «اتركوني لا تسألوني عن الشيء أحرام هو أم مباح؟!». وعن الواجب، هل هو مكرر أم لا؟!.. ماتركتكم ولم أبين لكم، ول نهيتكم، ولا أمرتكم، فأبقوا الِأشياء على أصولها حتى أكون أنا أبيّن لكم. وقد ورد في خبر آخر: «ومن أظلم ممن سأل عن شيء فحرم من أجل سؤاله».

وقد كانت الشرائع كلها من أوّل شريعة إلى آخرها تنزل بقدر السؤال قلة وكثرة، فلو ترك السائلون السؤال لم ينزل هذا القدر الذي شرع، وكانت الأحكام قليلة، ومعقول ما يفهم من الآية والأخبار النبوية: علم البداء بمعنى النسخ.

قول سيدنا: «وبعد أن علمت هذا فقد علمت علم الظهور وعلم الابتداء، فكأنك علمت علم ظهور الابتداء أو ابتداء الظهور، فإن كلّ نسبة مرتبطة بالأخرى» يريد رضي الله عنه أنك بعد علمك ما تقدم من بيان علم البداء، بمعنى افتتاح الوجود علمت علم الظهور، وهو ظهور العالم من الغيب الذي كان فيه على مرتبة الشهادة، وعلم الابتداء، وهو ابتداء خلق العالم، ولهذا سمّي تعالى بالمبدي. فكأنّك إذا علمته علمت ظهور الابتداء، وابتداء الظهور، إذ هما متلازمان، فإنّ كلّ نسبة مرتبطة بالأخرى، فنسبة ظهور العالم مرتبطة بنسبة ابتداء العالم.

قول سيدنا: «فإنَّ كان ظهور الابتداء فما حضرة الإخفاء التي منها ظهر هذا الابتداء، فلا شك أنه لم يكن يصحّ هذا الوصف إلاَّ له، فبه خفي وبه ظهر. فحالة ظهوره عن ذلك الخفاء هو المعبّر عنه بالابتداء». يريد رضي الله عنه أنه وإن كانت نسبة ظهور الابتدائي، ونسبة علم ابتداء الظهور مرتبطان، فإن السؤال يختلف عن لازم كلّ واحدة منهما. فإن كانت العبارة بظهور الابتداء، فقال ما حضرة الإخفاء التي منها ظهر هذا الابتداء؟! فإن الظهور في حقّ الممكن يستلزم تقدم اختفائه، بخلافه في حق الحق تعالى فإن عين كونه ظاهراً عين كونه باطناً خفياً. فلاشك أنه لم يكن يصحّ هذا الوصف بالظهور بعد الخفاء إلاَّ له، أي الممكن. ففي نفسه كان خفياً، لأنه كان معدوماً، والعدم عين المعدوم، ما هو شيء زائد عليه، وبه (أي بنسبه) ظهر. قال تعالى: «فيكون» أي بنفسه يكون ظاهراً. فما أسند الكون إلاَّ له، أي الشيء، فإن الكون ما هو شيء زائد على الكائن. والوهم يتخيّل أن الوجود والعدم صفتان راجعتان إلى الموجود والمعدوم، وإنما الوجود والعدم عبارتان عن إثبات عين الشيء أو نفيه. فليس الوجود والعدم من الأوصاف التي ترجع إلى الموصوف، كما يرجع الوصف بالسواد والبياض مثلاً إلى الموصوف به. فحالة ظهور العالم من الخفاء الذي هو العدم، إلى الظهور الذي هو الوجود هو المعبر عنه بظهور الابتداء.

قول سيدنا: «وإن كان ابتداء الظهور فهل له نسبة إلى القدم؟ إذ لم تكن له حالة الظهور، فما نسبة القدم إليه؟! قلنا: عينه الثابتة حال عدمه هي له نسبة أزلية، لا أوّل لها، وابتداء الظهور عبارة عمَّا اتصفت به من الوجود الإلهي، إذ كانت مظهراً للحقّ، فهو المعبر عنه بابتداء الظهور». يريد (رضي الله عنه) أنه إذا كانت العبارة بصيغة ابتداء الظهور، لزم منه أنَّ العالم كان له تقرر في الغيب ونسبة في القدم. فالممكنات إنما أقامها الحق من إمكانها، منها بها، والحق واسطة في ذلك، فيبسطها بما يقبضه منها قبل ابتداء ظهوره. فإنَّ حالة الظهور لم تكن له، ثمَّ كانت، فيقال في السؤال عن هذا: فما نسبة القدم إلى العالم قبل ابتداء الظهور؟! فيقال في الجواب: أعيان العالم الثابتة حال عدمه، وهي حقائق الممكنات في العلم، من حيث أن علمه عين ذاته تعالى، فهذه الأعيان هي للعالم نسب أزلية قديمة، لا أوّل له من حيث أنها معلومة العلم القديم الأزلي. ومهما ثبت قدم العلم ثبت قدم معلومه، من حيث عينه، لا من حيث اتصافه بالوجود، فإن علماً بلا معلوم غير معقول. وابتداء الظهور لهذه الأعيان الثابتة، من حيث ابتداء ظهور أحكامها في الوجود الحق، لا من حيث هي أعيان، فإنها ما شمّت رائحة الوجود، ولن تشمّه. وبعد هذا الاتصاف بالوجود الإلهي صارت مظهراً للحق، و الحق تعالى ظاهر متعيّن بها، فعبّر عن ذلك بابتداء الظهور. وماهي حالة ثبوتها مظاهر له تعالى.

قول سيدنا: «فإنَّ تعدّد الأحكام على المحكوم عليه مع أحدية العين إنم ذلك راجع إلى نسب واعتبارات. فعين الممكن لم تزل ولا تزال على حالها من الإمكان، فلم يخرجها كونها مظهراً حتى انطلق عليها الاتصاف بالوجود عن حكم الإمكان فيها، فإنه وصف ذاتي لها، والأمور لا تتغيّر عن حقائقها باختلاف الحكم عليها، لاختلاف النسب، أل ترى قوله: ﴿وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً﴾[مريم: 19/9]. وقوله: ﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ﴾[النحل: 16/40].فنفي الشيئية وأثبتها له، والعين هي العين ل غيرها». يريد (رضي الله عنه) أن قولنا: أي شيء هو علم الظهور للعالم؟! أو أي شيء هو علم الابتداء للعالم؟! مع وحدة حقيقة العالم، لا يلزم منه تعدد الحقيقة والعين. فإن تعدد الأحكام على المحكوم عليه، مع أحديّة العين المحكوم عليه بالأحكام المتعدّدة ذلك التعدد راجع إلى نسب واعتبارات متعدّدة للعين الواحدة. والنسب والاعتبارات، لا عين لها في الوجود الخارجي، وإنما هي أمور معقولة، فعين الممكن أي ممكن كان لم تزل أزلاً، ولا تزال أبداً على حالها من الإمكان، سواء وصفت بالعدم أو الوجود. فلم يخرجها كونها مظهراً له تعالى حتى انطلق عليها الاتصاف بالوجود، عن حكم الإمكان فيها. فإن الإمكان، وهو صحّة وجودها، وصحة إبقائها في العدم، وصف ذاتي لها.

واتصافها بالوجود عارض لها، وما بالذات لا يتغير ولا يزول بالعوارض، لم فيه من قلب الحقائق، وهو محال. فالحقائق أحديّة العين لا تتغير بسبب اختلاف الحكم عليها، لأنَّ اختلاف الحكم عليها إنما كان لاختلاف النسب والاعتبارات عليها، ل لاختلاف في عينها. ألا ترى قوله: ﴿وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً﴾[مريم: 19/9]. أي موجوداً. فنفى عنه الشيئية الوجوديّة. وقوله: ﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ﴾.فأثبت له الشيئية الثبوتيّة، وهي التي توجه عليها الأمر. والعين واحدة،  اختلفت عليه الأحكام باختلاف النسبة والاعتبار.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!