موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


271. الموقف الواحد والسبعون بعد المائتين

قال تعالى: ﴿وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَ وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً﴾[الإسراء:17 / 110].

أي لا تجهر بقراءتك في صلاتك كلها، ولا تخافت بقراءتك في صلاتك كلها، اطلب بين الجهر بالقراءة مطلقاً، والإسراء مطلقاً، سبيلاً، طريقاً، هو أن تسرّ بقراءتك في بعض صلاتك، وتجهر في بعضها. وهو ما ورد بيانه في السنّة. وكنت سئلت عن السر في ذلك على طريقة القوم، وماكان لي علم بذلك، فأجبت بنصف العلم: لا أدري، ثم ألقي عليَّ أن السرّ في ذلك هو أنه لماكان للأمر بطوناً ذاتياً وظهوراً أسمائياً كان متعيّناً على العبد أن يكون دائماً بين هذين الشهودين: البطون الذاتي والظهور الأسمائي. ولذا جعل الله للعبد عينين ظاهرة وباطنة، ينظر الباطن بالباطنة، والظاهر بالظاهرة، فيكون كالبرزخ بين الشهودين، فلا يستهلك في أحدهما دون الآخر، فيكون أعور. ولما كان الليل شبيهاً بظلمة الذات، التي هي بحر الظلمات، من توسّطه هلك بل ريب ولا شكّ، والجهر بالقراءة ظهور، شرعت القراءة جهراً للمصلّي ليلاً، حتى ل تغلب عليه ظلمة البطون، ويبقى له ارتباط ما بالظهور، فلم يفارق الظهور من كلّ وجه. ولولا هذا استولت عليه ظلمة البطون، فذهب في الذاهبين الذين غلبت عليهم الظلمة الذاتية ذوقاً، فارتفع عنهم التكليف لفقدهم النور الأسمائي والتمييز العقلي، الذي هو منوط التكليف ، وهلك في الهالكين الذين غلبت عليهم الوحدة الذاتية علماً مع بقاء العقل الذي به كانت التكاليف الشرعية، فصاروا إباحية فهلكوا، نعوذ بالله من الحور بعد الكور.

قيل لي في الواقعة: المعاصي و المخالفات، كلها من الذات، وهذا له وجهان، والذي يتعلّق بغرضنا هنا هو أنَّ من غلبة شهود الذات الأحدية، الغنيّة عن الأسماء وعن آثارها، مع العماء عن شهود مرتبتها التي منها أرسلت الرسل بالحلال و الحرام، ونزلت الكتب وشرعت الأحكام، كان ماكان من المخالفات في حق أقوام. وكذلك النهار شبيه بمرتبة الظهور الأسمائي، وهي أضواء ونجوم وشموس وأقمار، والأسرار بطون. فشرعت القراءة سّراً للمصلّي نهاراً، ليبقى له ارتباط ما بمرتبة البطون الذاتي، فلم يفارقها من كلّ وجه. فإن من استهلك في الكثرة النسبية، وهي الأسماء، وقف مع آثارها، وهي الكثرة الحقيقية، فكان أعور، أعطي الإسرار الذي هو بطون للنهار الذي هو ظهور، وأعطي الجهر الذي هو ظهور الليل، الذي هو بطون، ولما كانت صلاة المغرب والعشاء كالبرزخ حكماً، بين الليل الذي قلنا له شبه بالبطون الذاتي، لخفاء الأشياء بظهوره، وبين النهار الذي له شبه بالظهور الأسمائي، كان فيها الجمع بين الجهر والإسرار، لأن البرزخ يجمع بين ماهو برزخ بينهما، ففيه لكلّ واحد وجه. وكان الجهر مقدماً على الإسرار فيهما، لأن المصلي بصدد استقبال الليل، الذي قلنا فيه شبيه بالبطون الذاتي. والذات أصل لمرتبة الظهور، ومرتبة الظهور لها سطوة، فأمر المصلّي أن يستقبل تلك السطوة بالضّد، وذلك بقراءته جهراً في الركعتين الأوليين من المغرب والعشاء، والإسرار في الأواخر. بخلاف صلاة الصبح، كان جهرياً كلّها، لأنه تأتي الناس وقد كان الليل غشيهم بسكوته وبطونه وغيبته، فاحتاجوا إلى ما يردهم من الغيب، ويظهرهم من البطون، ويحرّكهم من السكون، فكانت كلّها جهرية، وشرع فيه تطويل القراءة لذلك.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!