موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


255. الموقف الخامس والخمسون بعد المائتين

قال تعالى، حكاية عن موسى أنه قال للخضر (عليه السلام): ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً﴾[الكهف: 18/ 66].

في الآية إشارة إلى أن الكبير قد لا يعلم بعض العلوم التي تكون عند الصغير، وذلك فيما يتعلق بالكوائن وحوادث العالم، لا في العلم الله تعالى فإن الأنبياء، أعني أصحاب النبوة الخاصة أعلم بالله من الأولياء، ولو كان الوليّ من أنبياء الأولياء، والخضر مختلف في نبوته عند الفقهاء، حتى قال الحافظ بن حجر: «ينبغي أن يكون الخضر نبياً، لئلا يكون غير النبي أعلم من النبي». وأمَّا أهل طريقنا رضوان الله عليهم فلا خلاف بينهم أنه غير نبيّ النبوّة الخاصة، نبوّة التشريع، وإنما هو من الأفراد الذين لهم نبوّة الولاية العامة، وهم أهل مقام القرية، الذي هو بين النبوّة الخاصة والصديقيّة. وأهل هذا المقام يأخذون علومهم من العين التي تأخذ منها الأنبياء أصحاب الشرائع، فلهم أن يخبروا عن الله تعالى كما أخبرت الأنبياء أصحاب الشرائع، إذ النبأ الخبر عن الله، لذلك سميت الأنبياء، فلهم أن يصفوه ويسمّوه كما سمّته الأنبياء، بما أحالته العقول وردّته، وهذا المقام ل يعرفه من الأولياء كلّهم إلاَّ الأفراد خاصة، فإذا رأيت في كلام بعض أهل هذ الطريق، أن الخضر نبي فإنّما يريد النبوّة العامة، التي هي نبوّة الولاية، ل النبوّة الخاصة التي هي نبوّة التشريع، وإذا رأيت في كلامهم أنه ليس نبيّ فإنم يريد نفي النبوّة الخاصة، نبوّة التشريع. فلا اختلاف في كلام أهل هذا الطريق. وقول الخضر لموسى (عليه السلام) عندما أزمعا على الافتراق: ((يا موسى، أنت على علم علمكه الله لا ينبغي لي أن أعلمه)).

يريد علم النبوّة الخاصة، فإن الخضر غير مستعد له، ولا مراد به؛ فإنَّ النبوّة الخاصة لها ذوق ومشرب خاص، فإنها دعوة الخلق من التجلّي الإلهي، الذي هم فيه وعليه، إلى تجلّ آخر، مضادّ لهذا التجلّي، الذي هم عليه وتحت قبضته؛ فإن الأنبياء يأتون ليدعوهم إلى خلاف ماهم عليه. والذي هم فيه وعليه تجلّ من تجليات الحق تعالى فإن عبادة الأوثان مثلاً، تجلّ منه تعالى عليهم، أي العابدين، فتأتي الأنبياء لردّ الناس عن ذلك التجلّي إلى تجلي التوحيد. فالأنبياء يضادّون التجلّي الحاضر أبداً، وهذا العلم لا ينبغي للخضر (عليه السلام) أن يعلمه. وقوله: ((أن على علم علمنيه الله لا ينبغي لك أن تعلمه)).

يريد علم النبوّة العامّة، نبوّة الولاية، فإنها موافقة التجلي الحاضر وخدمته إلى أن ينقضي وقته من غير معارضة له ولا منازعة. وانظر إلى القصص الثلاث التي حكاها الحق تعالى عن خضر (عليه السلام) ليس فيها شيء من معارضة حكم الوقت الحاضر ولا منازعة، وإنما هي أمور متوقعّة لا واقعة، فلا ينبغي لأنبياء النبوّة العامة معارضة التجلّي الحاضر ومضاداته ومنازعته والسعي في إزالته، فإنه عندهم من سوء الأدب. ومعارضة حكم الوقت عندهم من قوادح العبودية المحضة، وهم غير مأمورين بذلك، فل ينبغي لموسى أن يعلم هذا العلم فإنه مأمور بمضادة التجلي الحاضر، والسعي في تبديله بغيره، ولولا أن أنبياء النبوّة الخاصّة مأمورون بذلك لكان الأليق والأوفق بكمال عبوديتهم وأدبهم مع سيدّهم مقام أنبياء الأولياء، ولكن امتثال الأمر هو الأدب اللائق بهم صلوات الله عليهم أجمعين ـ.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!