موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


176. الموقف السادس والسبعون بعد المائة

قال تعالى: ﴿وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ﴾[يس: 36/ 81].

الخلاق؛ الكثير الخلق، والخلق قد يكون تقديراً مجرداً في النفس، وقد يكون مع إيجاد في المدارك الحسّية فيكون خلقاً بعد خلق، كما قال الشاعر:

ولأنت تفري ما خلقت         وبعض القوم يخلق ثم لا يفري

يريد: أنت توجد ما خلقت وقدّرت خارجاً للحِسّ، وبعض القوم يهمّ ويخلق، ويقدّر في نفسه، ولا يوجد خارجاً ما خلق وقدّره. فالحق تعالى خلاّق على الدوام، يوجد الأعراض التي هي صور فإنها كلها أعراض سيّاله، كما يقول الحكماء في الزمان، وكم تقول الأشاعرة: العرض لا يبقى زمانين، فإنها لو بقيت لاستغنت عن الحق تعالى وتعطّلت أسماء الأفعال، وتعطيل الأسماء محال. وليس للحق تعالى في هذا الخلق إلاَّ إعطاء الوجود لما تقتضيه حقائق الأشياء من الأحوال والأحكام، وإلاَّ فهي ثابتة في العلم كأعيانها، فما يكون من الحق لها إلاَّ الإيجاد، وهذا معنى قول سيدنا محي الدين: "الأشياء ما استفادت إلاَّ الوجود". وانقسام الخلق إلى تقدير في النفس، غير إيجاد، وإلى تقدير مع إيجاد، إنما هو بحسب المدارك والمشاعر الإنسانية؛ وأمَّا بحسب ما هو الأمر عليه فليس إلاَّ الوجود الحق، يظهر بتقاديره وتصاويره، التي يقدّرها ويصوّرها لنفسه في نفسه، ويظهر متعيّناً بها، كالتجريد عند علماء البديع.

قيل لي في الواقعة: أن محمد بن قايد الأواني ، كان لا يقول بالخلق الجديد، وكتب في ذلك رسالة سمّاها "الرشمة في بقاء النسخة" هكذا قيل لي. ومعنى هذا أنَّ ابن قايد فهم أو سمع: أن من الناس من يقول بالخلق الجديد، خاص بالصور المحسوسة، وأما الصور العقلية والخيالية و الروحانية فهي باقية أبديّة ل يلحقها زوال، فليس فيها خلق جديد، وهذه الصور هي النسخة الحقيقية، المنتسخة من الصورة الرحمانية، المرادة بقوله: ((إن الله خلق آدم على صورته)).

فهي باقية ببقاء النسخة المنتسخ منها، دون الصورة المحسوسة، وهذا هو مراد القائلين بالخلق الجديد، وحينئذٍ فلا خلاف بين ابن قايد وغيره من العارفين. وبعد هذه الوقعة، وقفت على كلام للقطب علي وفا(رضي الله عنه) في المعنى ففرحت به، قال: إذا كان وصف النقيض بالنقيض بديهي الاستحالة، والوجود ذات الوجود فعدم الموجود محال، وكذلك لو جعلت الوجود زائداً على ذات الموجود، لأنه ليس موجوداً إلاَّ بالوجود، فلو انعدم لقام به العدم، وإنما الحدوث والزوال نسب عدمية، الأول ظهور في الإدراك المقيّد بعد بطون عنه، والثاني عكسه، والباطن الظاهر ثابت في الحالتين، وهكذ ببعض صوره دون بعض، وبطونه بصورة منها، وظهوره بأخرى، كالماء يصير هواء وعكسه، والغذاء بخاراً وعكسه، تحليلاً وكوناً، فاللوازم والأمور الوجودية لا تبديل لها، بخلاف الحادثة ا. هـ.

(الْعَلِيمُ) الكامل العلم، بما يخلق ويوجده. فإنَّ العلم تابع للمعلوم في مرتبة التعيّن الأوّل، لأن المعلومات في هذه المرتبة غير متميزة عن الذات، ولاشكَّ أنَّ العلم متأخر عن الذات ب المرتبة، ضرورة تقدم الذات على صفتها. وإن كان علمه تعالى عين ذاته، ولكن تسميته علماً يقتضي تبعيّته، ويطلق عليه في هذه المرتبة "علماً فعلياً"، من حيث أنه مبدأ تحقيق المعلوم. وأمَّا في مرتبة التعيّن الثاني فالمعلوم تابع للعلم، لأن المعلوم متميّز عن الذات لنفسه في هذه المرتبة، ويطلق عليه "علماً انفعالياً" من حيث أنه مبدأ انكشاف العلوم عيناً قائماً متميّزاً، والانكشاف فرع التحقق، إذ لا ينكشف إلاَّ متحقّقاً في نفسه، والعلم واحد في المرتبتين، والتعدد نسبي.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!