موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الكبريت الأحمر في بيان علوم الشيخ الأكبر

وهو منتخب من كتاب لواقح الأنوار القدسية المختصر من الفتوحات المكية

تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


[الباب الثامن والتسعون ومائة في معرفة النفس بفتح الفاء]

و قال في الباب الثامن والتسعين ومائة في حديث: «إن نفس الرحمن يأتيني من قبل اليمن» . المراد بالنفس هو العماء الذي هو البخار المسمى بالحق المخلوق به السموات والأرض وما بينهما وليس هو الهواء ولهذا قال صلى اللّه عليه وسلم في صفة العماء الذي كان الحق تعالى فيه من غير حلول قبل أن يخلق الخلق: «ليس تحته هواء وليس فوقه هواء» . يعني: أن له صفة الفوق، والتحت، أما الفوق فمن كون الحق نسب إلى نفسه أنه فيه وأما التحت فمن حيث كون العلم فيه فلو كان العماء هواء لكان مخلوقا والحديث أثبت أن العماء كان قبل خلق الخلق فافهم ما تحته. وقال في قوله تعالى: لَمْ تَرَ أَنَّ اَللّٰهَ يُزْجِي سَحٰاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكٰاماً فَتَرَى اَلْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلاٰلِهِ [النور: 43] فَإِذٰا أَصٰابَ بِهِ مَنْ يَشٰاءُ مِنْ عِبٰادِهِ إِذٰا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ [الروم:48] . اعلم أن السحاب إنما يثقله الماء فإذا أثقل استبشر الناس بنزوله فينزل كما يصعد بما فيه من الحرارة فإذا أثقل اعتمد على الهواء فانضغط الهواء فأخذ سفلا فحك وجه الأرض فتقوت الحرارة في الهواء فطلب الهواء بما فيه من الحرارة القوية الصعود إلى الركن الأعظم فوجد السحاب متراكما فمنعه من العود فكاثفه فاشتعل الهواء فخلق اللّه من تلك الشعلة ملكا فسماه برقا فأضاء به الجو ثم انطفأ بقوة الريح كما ينطفئ السراج فزال ضوءه مع بقاء عينه فزال كونه برقا وبقي العين كونا يسبح اللّه ثم يصدع الوجه الذي يلي الأرض من السحاب فإذا مازجه كان كالنكاح فيخلق اللّه تعالى من ذلك الالتحام ملكا سماه رعدا فسبح بحمد اللّه فكان بعد البرق لا بد من ذلك فكل برق لا بد أن الرعد يعقبه لأن الهواء يصعد مشتعلا فيخلقه اللّه ملكا يسميه برقا وبعد هذا يصدع أسفل السحاب فيخلق اللّه الرعد فيسبح بحمد ربه لما أوجده وأطال في ذلك ثم قال: وقد خلق اللّه ملك الرعد من الهواء كما خلقنا تعالى من الماء، وذلك الصوت المسمى عندنا بالرعد يسبحه وفي ذلك الوقت يوجده اللّه فعينه نفس صورته ويذهب كما يذهب البرق وذوات الأذناب قال: وحقيقة الرعد تنشأ من هبوب الهواء فتصدع أسفل السحاب إذا تراكم فيصوت كما يصوت الثوب إذا شق فليتأمل، ويحرر. وقال: أرجى آية للمشرك ومَنْ يَدْعُ مَعَ اَللّٰهِ إِلٰهاً آخَرَ لاٰ بُرْهٰانَ لَهُ بِهِ [المؤمنون: 117] فمن نظر في الدلائل جهد الطاقة فأداه ذلك إلى تخيل شبهة أنها برهان فقد تعرض لفتح باب العذر عند اللّه قال: والمراد بالبرهان هنا في زعم الناظر وإلا فمن المحال أن يكون ثم دليل في نفس الأمر على إله آخر، فلم يبق إلا أن تظهر الشبهة بصورة برهان فيعتقد أنها البرهان وليس في قوته أكثر من هذا وأطال في ذلك بنحو ثلاثة أوراق. ثم قال: وإنما نكر إلها لأنه لم يكن ثم إذ لو كان ثم لتعين ولو تعين لم يتنكر فدل على أن من ادعى مع اللّه إلها آخر فقد نفخ في غير ضرم واستسمن ذا ورم لأنه ليس له حق يتعين ولا حق يتضح ويتبين فكان مدلول دعائه العدم المحض ولم يبق إلا من له الوجود المحقق وأطال في ذلك.

(قلت) : وهذا الكلام من أقوى دلالة على ضعف العمل بالمفهوم ثم إنه لا يتمشى إلا على مذهب من يقول إن المخطئ في الأصول لا وزر عليه كما لو أخطأ في الفروع وهو مذهب بعضهم خلافا للجمهور وقال: إذا تلوت القرآن فاعلم عمن تترجم فإن اللّه تعالى تارة يحكي قول عبده بعينه وتارة يحكيه على المعنى مثال الأول قوله: لاٰ تَحْزَنْ إِنَّ اَللّٰهَ مَعَنٰا [التوبة: 40] ومثال الثاني: قوله عن فرعون يٰا هٰامٰانُ اِبْنِ لِي صَرْحاً [غافر:36] فإنه إنما قال ذلك بلسان القبط فوقعت الترجمة عنه باللسان العربي والمعنى واحد فهذه الحكاية على المعنى فلتعلم الأمور إذ وردت حتى يعلم قول اللّه من قول يحكيه لفظ ومعنى كل لسان بما هو عليه فقول اللّه: وإِذْ أَخَذَ اَللّٰهُ مِيثٰاقَ اَلنَّبِيِّينَ لَمٰا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتٰابٍ وحِكْمَةٍ ثُمَّ جٰاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمٰا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ ولَتَنْصُرُنَّهُ قٰالَ أَقْرَرْتُمْ وأَخَذْتُمْ عَلىٰ ذٰلِكُمْ إِصْرِي قٰالُوا [آل عمران: 81] وانتهى قول اللّه ثم حكى قولهم مترجما عنهم أَقْرَرْنٰا [آل عمران:81] وكذلك قوله: وإِذٰا لَقُوا اَلَّذِينَ آمَنُوا قٰالُوا [البقرة: 14] : إلى هنا انتهى. قول اللّه: آمَنّٰا . حكاية قولهم: وإِذٰا خَلَوْا إِلىٰ شَيٰاطِينِهِمْ قٰالُوا [البقرة: 14] : إلى هنا قول اللّه: إِنّٰا مَعَكُمْ إِنَّمٰا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ [البقرة:14] حكاية قول المنافقين وقس على ذلك.

(و قال) : في قوله تعالى: وذَا اَلنُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغٰاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ [الأنبياء: 279  87] . أي: لن نضيق عليه وكذلك فعل اللّه تعالى ففرج اللّه عنه بعد الضيق ليعلم قدر ما أنعم اللّه تعالى عليه ذوقا ولذلك سمى قوله: لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ أَنْتَ سُبْحٰانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ اَلظّٰالِمِينَ [الأنبياء: 87] . توحيد الفم والتنفيس، لأنه تعالى نفس عن يونس بخروجه من بطن الحوت وكذلك عامل قومه بكشفه عنهم العذاب بعد ما رأوه نازلا بهم فآمنوا وأرضاه اللّه في أمته فنفعها إيمانها ولم يفعل ذلك مع أمة قبلها إذ كان غضبه للّه ومن أجلّ اللّه فأمد لهم في التمتع في مقابلة ما نالوه من الألم عند رؤية العذاب فخص اللّه أمته من أجله بما لم يخص به أمة قبلها قال الشيخ: وقد اجتمعت بجماعة من قوم يونس سنة خمس وثمانين وخمسمائة بالأندلس حيث كنا فيه وقست أثر رجل واحد منهم في الأرض فرأيت طول قدمه ثلاثة أشبار، وثلثي شبر. وقال: إنما كنت أذهب إلى تفضيل الملأ الأعلى من الملائكة على خواص البشر لأن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، أعطاني الدليل على ذلك في واقعة وقعت لي وكنت قبل هذه الواقعة لا أذهب في هذه المسألة إلى مذهب جملة واحدة.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!