موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

نظرية الجوهر الفرد:

مفهوم الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي للزمن والخلق في ستة أيّام

دراسة وتأليف: د. محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع باللغة الإنكليزية مخصص للدراسات حول نظرية الجوهر الفرد وازدواجية الزمان


الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية

الأصل الإلهي لأيّام الأسبوع


إذن بما أنّ الله تعالى موصوف بهذه الصفات السبع الأمهات (الحياة والعلم والإرادة والقدرة والسمع والبصر والكلام) فقد أوجد العالَم على هذه الصورة أيضاً موصوفاً بهذه الصفات السبع.[303] لذلك يستنتجُ ابن العربي أنّ كُلّ يوم من الأيّام السبعة من الأسبوع الأصلي الإلهي يجبُ أن يكُون مستنداً على إحدى هذه الصفات الإلهية الأساسية السبع.

وقد وضّحنا في الفصل الثّاني أنّ الزّمن بالنسبة لابن العربي هو شيء متوهّم يُستعملُ لمُقارنة الترتيب الزّمني للأحداث، فاليوم في الحقيقة هو مقياس لحركة الأفلاك التي يحيط بها الفلك الأطلس الذي يعرّف اليوم الطبيعي كما رأينا. والله تعالى هو الذييخلق الأحداث في هذا العالَم، من أجل ذلك كان هناك سبع حركات أساسية، أو أيّام،كلّ منها منشُؤُه إحدى هذه الصفات الإلهية السبع وهي التي تحكم عليه، كما هو موضّح في الجدول أدناه والذي يوضّح العلاقة أيضاً بين أيّام الأسبوع والكواكب وعدد من منازل القمر وحروف الأبجدية بالإضافة إلى بعض الرسل وأسماء الله الحسنى، ونحن لا يمكننا شرح هذه العلاقات الغيبيّة هنا ولكنّ ننوّه إلى أنّ ابن العربي ذكرها في الكثير من كتبه وخاصة في الباب 198 من الفتوحات المكية، فلتراجع هناك،[304] وإنّما نريد في هذا الكتاب التركيز على مفهوم الزّمن والأيّام على وجه الخصوص:

الرقم

1

2

3

4

5

6

7

الأيّام

الأحد

الاثنين

الثلاثاء

الأربعاء

الخميس

الجمعة

السبت

الصفة الإلهية

السمع

الحياة

البصر

الإرادة

القدرة

العلم

الكلام

الأنبياء

إدريس

آدم

هارون

عيسى

موسى

يوسف

إبراهيم

الكواكب

الشمس

القمر

المريخ

عطارد

المشتري

الزهرة

زحل

الأسماء الإلهية

النور

المبين

القاهر

المحصي

العالَم

المصوّر

الرب

الصلاة

الإمام

المأموم

العشاء

العصر

الظهر

المغرب

الصبح

منازل القمر

السماك

الإكليل

العوّا

زبانة

صرفة

غفر

خرتان

السماء

الرابعة

الأولى

الخامسة

الثانية

السادسة

الثالثة

السابعة

الأرض

الرابعة

السابعة

الثالثة

السادسة

الثانية

الخامسة

الأولى

الحروف

ن

د

ل

ط

ض

ر

ي

وكما ذكرنا من قبل فإنّ الزّمن الطبيعي ابتدأ مع حركة الفلك الأطلس وهو الفلك الأوّل في الطبيعة وهو يلي فلك الكرسي الذي وسع السموات والأرض، فيقول ابن العربي في هذا الباب 198 إنّ أوّل يوم في العالَم ظهر كان بأوّل درجة من الجوزاء ويُسمّى ذلك اليوم الأحد فلمّا انتهى ذلك الجزء المعيّن عند الله من هذا الفلك إلى مقارنةموضع القدم من الكرسي انقضت دورة واحدة هي المجموع قابلت أجزاء هذا الفلك كلَّها من الكرسي موضع القدم منه فعمّت تلك الحركة كل درجة ودقيقة وثانية وما فوقذلك في هذا الفلك فظهرت الأحياز وثبت وجود الجوهر الفرد المتحيّز الذي لا يقبل القسمة من حركة هذا الفلك، ثم ابتدأ عند هذه النهاية بانتقال آخر في الوسط أيضاً إلى أن بلغ الغاية مثل الحركة الأولى بجميع ما فيه من الأجزاء الأفراد التي تألّف منها لأنّه ذو كمّيّات، وتسمّى هذه الحركة الثانية يوم الاثنين، إلى أن كمل سبع حركات دورية كل حركة عينتها صفة إلهية. والصفات سبع لا تزيد على ذلك فلم يتمكن أن يزيد الدّهر على سبعة أيّام يوماً فإنّه ما ثَمّ ما يوجبه. فعاد الحكم إلى الصفة الأولى فأدارته ومشى عليه اسم الأحد؛ وكان الأَوْلى بالنظر إلى الدورات أن تكون ثامنة لكن لمّا كان وجودها عن الصفة الأولى عينِها لم يتغير عليها اسمها، وهكذا الدورة التي تليها إلى سبع دورات. ثم يبتدئ الحكم كما كان أوّل مرة عن تلك الصفة ويتبعها ذلك الاسم أبد الآبدين دنيا وآخرة بحكم العزيز العليم. فيوم الأحد عن صفة السمع فلهذا ما في العالَم إلاّ من يسمع الأمر الإلهي في حال عدمه بقوله "كن"، ويوم الاثنين وُجدت حركته عن صفة الحياة وبه كانت الحياة في العالَم فما في العالَم جزء إلا وهو حي، ويوم الثلاثاء وُجدت حركته عن صفة البصر فما في العالَم جزء إلا وهو يشاهد خالقه من حيث عينه لا من حيث عين خالقه، ويوم الأربعاء وُجدت حركته عن صفة الإرادة فما في العالَم جزء إلا وهو يقصد تعظيم موجده، ويوم الخميس وُجدت حركته عن صفة القدرة فما في الوجود جزء إلا وهو متمكّن من الثناء على موجده، ويوم الجمعةوُجدت حركته عن صفة العلم فما في العالَم جزء إلا وهو يعلم موجدَه من حيث ذاته لا منحيث ذات موجده،[305] ويوم السبت وُجدت حركته عن صفة الكلام فما في الوجود جزء إلا وهو يسبّح بحمد خالقه ولكن لا نفقه تسبيحه إنّ الله كان حليماً غفوراً [من سورة الإسراء، آية 44]، فما في العالَم جزء إلا وهو ناطقٌ بتسبيح خالقه عالِمٌ بما يسبّح به مما ينبغي لجلاله قادرٌ على ذلك قاصدٌ له على التعيين لا لسببٍ آخر، فمن وُجد عن سببِ مشاهدةِ عظمةِ موجدِه حيّ القلب سميعٌ لأمره. فتعينت الأيّام أن تكون سبعة لهذه الصفات وأحكامها فظهر العالَم حيّاً سميعاً بصيراً عالِماً مريداً قادراً متكلّماً، فعمله على شاكلته كما قال تعالى في سورة الإسراء: ﴿قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِ ... (84)﴾ والعالَم عملُه فظهر بصفات الحق؛ فإن قلت فيه إنّه حقٌّ صدقت فإن الله قال في سورة الأنفال: ﴿وَمَا رَمَيْتَ﴾، وإن قلت فيه إنّه خلقٌ صدقت فإنه قال: ﴿إِذْ رَمَيْتَ﴾ فعرّى وكسا وأثبت ونفى.[306]

هذه العلاقة بين الأيّام السبعة والصفات الإلهية الرئيسية السبع ليست علاقة اعتباطية، فنلاحظ أنّ الأحد، الذي هو اليوم الأوّل من الأسبوع (وفيه يبدأ الخلق)، كان عن صفة السمع وهذا لأنّ الله بدأ الخلق في هذا اليوم وأوّل صفة مطلوبة في الشيء الذي سيُخلق هي السمع، لكي يسمع أمر الله تعالى له في قوله له "كن"،[307] فيكون. فكما قلنا من قبل إنّ ابن العربي يصرّح بأنّ كلّ شيءٍ لا بدّ أنه يتّصف بنوعٍ من الوجود لكي يتمكن من أن يسمع كلام الله تعالى قبل أن يظهر في الوجود في هذا العالَم، لأن كلّ شيء له نوع من الوجود أو التعيين في علم الله المسبق قبل أن يخلقه في الحقيقة،[308] وبالتالي بعد سماع أمر الله تعالى يبدأ العالَم أو الكون اكتساب الوجود الحقيقي بعد أن كان موجوداً في علم الله، فيظهر العالَم في الوجود سميعاً حيّاً بصيراً مريداً قادراً عالِماً ومتكلّماً فيكتسب هذه الصفات واحدةً بعد الأخرى في سلسلة تبدأ بالسمع وتنتهي بالكلام.

وكذلك يشير ابن العربي أنّ سلسلة مماثلة من الصفات تحدث في المراحل الأولى لتطوير الجنين وحياة الطفل حيث يكتسب الإنسان الصفات الأولى الستّ قبل الولادة، بينما يكون الكلام بعد ذلك. كذلك يمكن مقارنة هذا الوصف مع خلق الله تعالى للعالَم ككلّ حيث خلق السموات والأرض وما بينهما في ستّة أيّام (من الأحد إلى الجمعة)،[309] ثمّ استوى على العرش (يوم السبت)، وذلك لأنّ يوم السبت يصدر عن صفة الكلام.[310] وكل ذلك في الحقيقة مختصر في قول الله تعالى أيضاً في سورة الرَّحمن: ﴿الرَّحْمَٰنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4)﴾، مما يشير إلى أنّ الكلام جاء في المرتبة الأخيرة، وكان تعليم القرآن وهو الفطرة قبل الخلق، ولذلك أيضاً نجد أنّ ابن العربي يؤكّد بأنّ الجنين الذي يولد بعد ستّة أشهر قمرية قد يعيش بشكل طبيعي لأنّ خلقه قد اكتمل في هذه الشهور الستّة التي هي في الحقيقة أيّام قمرية.

فابن العربي ينظر إلى خلق العالَم مثل خلق الجنين، يكتمل في ستّة أيّام وهي بالنسبة إلى العالَم ستّ جهات (فوق، أسفل، شمال، يمين، أمام، خلف)، وبعد ذلك في اليوم السابع (يوم السّبت) يظهر هذا الخلق المكتمل إلى الوجود ويستمرّ فيه حيث يتحوّل فيه من حال إلى حال، فلذلك يسميه يوم الأبد كما سنرى بعد قليل.


[303] الفتوحات المكية: ج2ص395س25، ج2ص438س19.

[304] الفتوحات المكية: ج2ص390-478، وانظر خاصة في الصفحة 473 وما يليها (الفصل التاسع عشر في الاسم الغني وتوجهه على إيجاد الفلك الأطلس...). وانظر كذلك في كتاب التنـزّلات الموصليّة.

[305] ويقول ابن العربي هنا: "وقيل إنما وجد عن صفة العلم يوم الأربعاء وهو صحيح فإنه أراد علم العين وهو علم المشاهدة والذي أردناه نحن إنما هو العلم الإلهي مطلقا لا العلم المستفاد وهذا القول الذي حكيناه أنه قيل ما قاله لي أحد من البشر بل قاله لي روح من الأرواح فأجبته بهذا الجواب فتوقف فألقي عليه أن الأمر كما ذكرناه". (الفتوحات المكية: ج2ص438س14)

[306] الفتوحات المكية: ج2ص438س7، وسوف نعود إلى شرح هذه المسألة (حق/خلق، هو/لا هو) في الفصل الخامس أثناء الحديث عن الوحدة والكثرة ووحدة الوجود.

[307] الفتوحات المكية: ج2ص401س28.

[308] الفتوحات المكية: ج2ص400س7.

[309] الفتوحات المكية: ج4ص1130.

[310] الفتوحات المكية: ج3ص108-109.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!