المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

مشرع الخصوص إلى معاني النصوص
للشيخ علاء الدين علي بن أحمد المهائمي
وهو شرح لكتاب النصوص للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي
النص السادس عشر
![]() |
![]() |
قال رضي اللّه عنه : [ نص شريف جدّا ] لما ذكر في النص السابق بحث الكمال ، وهو وصف فلا بدّ من معرفة الموصوف بحسب المراتب الحقيقية وشرع فيها .
وإنما كان شريفا لشموله الحقائق الموصوفة به أجمع ، وإنما كان شرفه جدّا لإفادة المعرفة التامة بالموصوفات والصفات .
قال الشيخ رضي اللّه عنه : [ حقيقة الحق عبارة عن صورة علمه بنفسه من حيث تعينه في تعلقه نفسه باعتبار يوحد العلم والعالم والمعلوم ] .
أي : الحقيقة التي يتميز بها الحق عما عداه تميزا ذاتيّا ، هي صورة علمه بنفسه ، أي إن فرضت مغايرة لذي الصورة ، كانت مطابقة له تعلق ذلك العلم بنفسه من حيث تعينه الضروري الذي يلزم تعقله لنفسه ، واحترز به عن تعقله نفسه من حيث الظهور في المظاهر أو من حيث تعقل الغير إياه ، وليس تعلق ذلك العلم بنفسه باعتبار زيادة الصورة على ذي الصورة وزيادة النسبة بينهما ؛ فإنه مثل هذا العلم يكون حجابا على المعلوم ، تعالى علم الحق عن ذلك ، على أنه يستلزم التعدد في رتبة التعين الأول ، وهي بسيطة من جميع الوجوه . بل باعتبار توحد العلم والعالم والمعلوم ، لعدم زيادة الصورة ونسبها على ذي الصورة ، واحترز بذلك عن تعقله نفسه في رتبة الأسماء .
قال رضي اللّه عنه : [ وصفته الذاتية التي لا تغاير ذاته ، أحدية جمع لا يتعقل وراءها جمعية ، ولا نسبة ولا اعتبار ] .
أي : والصفة الذاتية ذكرها ؛ لأن الذات إنما يعرف بها معرفة هي غاية ما يمكن من المعارف ، وهي التي لا تغاير الذات بحسب الصدق وإن غايرته بحسب المفهوم ، وإلا امتنع القول بالموصوف والصفة أحدية جمعية الوجود ومراتبه وأوصافه لا يتعقل وراءها جمعية لاجتماع أحدية الفرق ، والجمع فيها من غير منافاة بينهما ، بل يجمعهما من غير تقيد بهما ، ولا نسبة اختصاص لأحد الأمرين من الجمع والفرق ، بل بجمع الكل بلا تقيد بالجمع ، ولا اعتبار إطلاق فوقه ، بل بحيث يشمل الإطلاق والتقييد من غير أن يتقيد بالشمول .
قال الشيخ رضي اللّه عنه : [ والتحقق بشهود هذه الصفة ومعرفتها تماما ، إنما يكون بمعرفة أن الحق في كل متعين قابل للحكم عليه بأنه متعين بحسب الأمر المقتضي إدراك الحق فيه متعينا مع العلم ، بأنه غير محصور في التعين ، وأنه من حيث هو هو غير متعين ] .
................................................
( 1 ) يعني الصفة الذاتية .
أي : إنما يشاهد هذه الصفة شهودا حقيقيّا بحيث يصير عين اليقين أو حقه بمشاهدة أنه الحق ، ومعرفتها تماما بحيث يصير علم اليقين ، إما يكون بمعرفة أنه الحق في كل متعين رتبة أو فرعا أو شخصا قابل ؛ لأن يحكم عليه بالتعين ، لا بحسب ذاته بل بحسب الأمر المقتضي إدراك الحق فيه متعينا من الحواس أو العقول ، أو تجليه بحسب الأسماء المختصة بتلك المرتبة مع علم المشاهد والعارف بأنه غير محصول في التعين أصلا ، فضلا عن تعينه في تلك المتعين المخصوص بالمشاهدة أو المعرفة في الحال مع العلم بأنه من حيث هو غير متعين ، وإنما يتعين بحسب المراتب ، فهو على صرافة إطلاقه في حال تعينه ، فإذا عرف ذلك عرفها بأحدية جمع لا يتعقل وراءها شيء مما ذكر ، ولما جعل هذه الصفة ، لا تغاير الذات افتقر إلى بيانه .
فقال رضي اللّه عنه : [ وهذا هو صورة علمه بنفسه ، فيعرف ذاته متعينا بالنسبة إلى ظهوره في المتعينات بحسبها ، وبالنسبة إلى من لم يشهده ، وإلا في مظهر ، ويعرف سبحانه أنه من حيث هو هو غير متعين أيضا حال الحكم عليه بالتعين لقصور إدراك من لم يدركه إلا في مظهر ، وسواء اعتبر المظهر عين الظاهر أو غيره ] .
أي : كونه في كل متعين للحكم بأنه يتعين بحسب ما يقتضي إدراكه فيه ، كذلك مع العلم بأنه غير محصور فيه ، ولا متعين ، من حيث هو هو ، هي صورة علمه بنفسه ، بحيث كانت زائدة طابقت حقيقته ، فيعرف في علم نفسه ذاته متعينة بالنسبة إلى ظهوره في المتعينات بحسب استعداداتها وقابلياتها لتجليه مع كونه غير متعين ولا منحصرا فيه ، ويعرف ذاته أيضا متعينة بالنسبة إلى من لم يشهده إلا في مظهر ، فإن علم ذلك الشخص ظل ، فعلم الحق بعينه الثابت ، لكنه سبحانه يعرف مع ذلك لا من حيث تعلق علمه بعينه ، بل من حيثية غيرها أنه من حيث هو غير متعين ، ولو حال الحكم بالتعين .
وإنما لم يكن بتلك الحيثية ، علم الحق سبحانه بعينه ، لقصور إدراكه ، فلا يعلم بذلك العلم إلا من هو مدركه ؛ لأن العلم بالشيء تابع للمعلوم ، وسواء كان في قصور الإدراك اعتبار المظهر عين الظاهر كمن يرى اللّه مقيدا ببعض الأشياء الظاهر مع الانحصار فيه أولا ، بل يجعل في جميع المظاهر منحصرا فيه ، فيعلم من حيث تعلق علمه بهم بنفسه
...............................................
( 1 ) فالظاهر هو عين المظهر وذلك من حيث الوجود وغير من حيث التعينات .
كذلك ، ويعلم من حيثية أخرى أنه لا يتقيد بشيء من ذلك ، أي سواء كان اعتقادهم في غاية الفساد ، أو صوابا من وجه ، فإنه يعلم نفسه من حيث تعلق علمه بهم ، كما يعتقدون ، فافهم .
قال رضي اللّه عنه : [ وحقيقة الخلق عبارة عن صورة علم ربهم بهم وصفتهم الذاتية ، الفقر المثمر لمطلق الغناء ليس كل فقر ، فافهم ] .
أي : وحقيقة الخلق المميزة لهم عن الحق مع وحدة الوجود ، عبارة عن صورة تطابقهم منتقشة في علم ربهم بهم في المرتبة الثانية ، وهي الأعيان الثابتة ولا الشؤون ، فهي حقيقة تلك الأعيان لا حقيقة الخلق بنفسها ، وصفتهم الذاتية التي هي مقتضى ذواتهم بلا واسطة افتقارهم إلى اللّه في ثبوت حقائقهم المتعلقة له وفي وجوده ، وأوصافهم المثمرة المطلق الغني للحق في هذه الأمور .
أي : المعرفة لذلك المعنى والمظهرة اسم الفاعل ، ليس كل فقر من صفتهم الذاتية ، كافتقار الأسماء في ظهورها إلى المظاهر ، فافهم .
![]() |
![]() |