موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى العزلة
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 153 - من الجزء الثاني (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

وسابق الهمة العليا تحظ بمن *** سما بأسمائه الحسنى بلا عدد

واعلم بأنك محبوس ومكتنف *** بالنور حبسا جليا لا إلى أمد

[الأسماء الحسنى منها ما هو معقول ومنها ما هو منقول‏]

لا يعتزل إلا من عرف نفسه ومن عرف نفسه عرف ربه فليس له مشهود إلا الله من حيث أسماؤه الحسنى وتخلقه بها ظاهرا وباطنا وأسماؤه الحسنى سبحانه على قسمين أسماء يقبلها العقل ويستقل بإدراكها وينسبها ويسمى بها الله تعالى وأسماء أيضا إلهية لو لا ورود الشرع بها ما قبلها فيقبلها إيمانا ولا يعقلها من حيث ذاته إلا إن أعلمه الحق بحقيقة نسبة تلك الأسماء إليه كما علمها أنبياءه وأولياءه‏

[صاحب العزلة والأسماء الإلهية بشطريها: المعقول والمنقول‏]

فصاحب العزلة هو الذي يعتزل بما هو له من ربه من غير تخلق بما ينفرد به في زعم العقل من الأسماء الإلهية المشروعة التي لو لا الشرع ما سمي العقل الله بها فهي للحق وقد جبل الإنسان عليها وخلقه مجلى لها فهو المسمى بها ولا يتمكن له الاعتزال عن مثل هذه الأسماء الإلهية وبقي القسم الآخر من الأسماء الإلهية يعتزل عنها لما يطرأ عليه منها من الضرر كما قال ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ وقوله كَذلِكَ يَطْبَعُ الله عَلى‏ كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ فيعتزل عن مثل هذه الأسماء الإلهية لما فيها من الذم لمن تسمى بها وظهر بحكمها في العالم فالإنسان حقيقته أن يكون عائلا والعائل لا يكون متكبرا فإنه ظهر بما ليس هو له بنعت ولذلك‏

لا ينظر الله إليه وهو واحد من الثلاثة الشيخ الزاني والملك الكذاب والعائل المستكبر ذكره مسلم في صحيحه‏

[التخلق بالأسماء الإلهية ومزاحمة العبد الحق فيها]

فمن رأى التخلق بالأسماء الحسنى ومزاحمة الحق فيها لكونه خلق على الصورة فلا بد أن يظهر بها ويتلبس على الحد المشروع المحمود فهذه مزاحمة عبودية ربوبية وذلك لما رأى أن له أسماء هي له حقيقة ينفرد بها ورأى أن الحق زاحمه فيها كالضحك والفرح والتعجب والمحب والمتردد والكارة والناسي والاستحياء وما أشبه ذلك مما ورد ذكره في الكتاب والسنة إلى ما يداخل النشأة من يد ويدين وأيد ووجل وعين وأعين إلى ما يداخل النشأة من الأحوال من استواء ومعية ونزول وطلب وشوق وأمثال ذلك ورأى هذا المعتزل قبل اعتزاله أن الحق قد زاحمه في هذه النعوت التي ينبغي أن تكون للعبد كما هي في نفس الأمر عنده قال الأليق بي إن أعتزل بأسمائي عن أسمائه ولا أزاحمه فيها تكون عارية عندي إذ كانت العارية أمانة مؤداة وحامل الأمانة موصوف بالتعريف الإلهي بالظلم والجهل‏

[رجوع العبد إلى خصوصيته وقعوده في بيت شيئيته‏]

فاعتزل صاحب هذا النظر التخلق بالأسماء الحسنى وانفرد بفقره وذله وصغاره وعجزه وقصوره وجهله في بيته كلما قرع عليه الباب اسم الإلهي قيل له ما هنا من يكلمك فإذا انقدح له بهذا الاعتزال أن الله له نفي الأولية وأنه أزلي الوجود ونظر في كلامه سبحانه وفيما أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يوصله إلينا من صفاته وأسمائه لنعرفه بذلك ويخلع علينا بهذا التعريف خلع العلم تشريفا لنا فأعلمنا إن هذه الصفات التي زعمنا إنا نستحقها وأنها لنا حقيقة إن الأمر على خلاف ذلك إذ قد اتصف هو بها وتسمى بها ونحن ما كنا فلا فرق بين هذه الأسماء والتي اعتزلنا عنها فأما أن نعتزل عن الجميع وإما أن نتسمى بالجميع فقلنا له اعتزل عن الجميع واترك الحق إن شاء سماك بالأسماء كلها فأقبلها ولا تعترض وإن شاء سماك ببعضها وإن شاء لم يسمك ولا بواحد منها لِلَّهِ الْأَمْرُ من قَبْلُ ومن بَعْدُ فرجع العبد إلى خصوصيته وهي العبودة التي لم تزاحم الربوبية فتحلى بها وقعد في بيت شيئية ثبوته لا بشيئية وجوده ينظر تصريف الحق فيه وهو معتزل عن التدبير في ذلك فإن تسمى من هذه حالته بأي اسم كان فالله مسميه ما هو تسمى وليس له رد ما سماه به فتلك الأسماء هي خلع الحق على عباده وهي خلع تشريف فمن الأدب قبولها لأنها جاءته من غير سؤال ولا استشراف وقد أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بأخذ مثل هذا العطاء وترك ما استشرفت النفس إلى أخذه وتمنى ذلك بالاستطلاع إليه ووقف عند ذلك على أنه كان غاصبا لله فيما كان يزعم أنه له فإذا هو لله وهو قوله تعالى وإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فأخذ منه جميع ما كان يزعم أنه له إلا العبادة فإنه لا يأخذها إذ كانت ليست بصفة له فقال له تعالى لما قال وإِلَيْهِ إلى يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وهو أصله الذي خلق له وما خَلَقْتُ الْجِنَّ والْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ فالعبادة اسم حقيقي للعبد فهي ذاته وموطنه وحاله وعينه ونفسه وحقيقته ووجهه‏

[عزلة العلماء بالله والعزلة التي عند عامة الناس‏]

فمن اعتزل هذه العزلة فهي عزلة العلماء بالله لا هجران الخلائق ولا غلق الأبواب وملازمة البيوت وهي العزلة التي عند الناس أن يلزم الإنسان بيته ولا يعاشر ولا يخالط ويطلب السلامة ما استطاع بعزلته ليسلم من الناس ويسلم الناس منه فهذا طلب عامة أهل الطريق‏


مخطوطة قونية
3913
3914
3915
3916
3917
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 153 - من الجزء الثاني (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!