موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى ترك العزلة
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 154 - من الجزء الثاني (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

بالعزلة ثم إن ارتقى إلى طور أعلى من هذا فيجعل عزلته رياضة وتقدمة بين يدي خلوته لتالف النفس قطع المألوفات من الأنس بالخلق فإنه يرى الأنس بالخلق من العلائق والعوائق الحائلة بينه وبين مطلوبه من الأنس بالله والانفراد به فإذا انتقل من العزلة بعد إحكامه شرائطها سهل عليه أمر الخلوة هذا سبب العزلة عند خاصة أهل الله‏

[العزلة التي هي نسبة والعزلة التي هي مقام‏]

فهذه العزلة نسبة لا مقام والعزلة الأولى التي ذكرناها مقام مطلوب ولهذا جعلناها في المقامات من هذا الكتاب وإذا كانت مقاما فهي من المقامات المستصحبة في الدنيا والآخرة فللعارفين من أهل الأنس والوصال في العزلة من الدرجات خمسمائة درجة وثمان وثلاثون درجة وللعارفين الأدباء الواقفين مائة وثلاث وأربعون درجة وللملامية فيها من أهل الأنس خمسمائة درجة وسبع درجات وللملامية من أهل الأدب الواقفين معهم مائة واثنتي عشرة درجة والعزلة المعهودة في عموم أهل الله من المقامات المقيدة بشرط لا تكون إلا به وهي نسبة في التحقيق لا مقام إلا أنها تحصل عنها فوائد أقلها العصمة لها الدعوى صاحبها مسئول وعلتها سوء الظن بنفسك أو بمن اعتزلت عنهم وهذا كله في عزلة العموم وهي من عالم الجبروت والملكوت ما لها قدم في عالم الشهادة فلا تتعلق معارفها بشي‏ء من عالم الملك‏

(الباب الحادي والثمانون في ترك العزلة)

لا تفرحن بالاعتزال فإنه *** جهل وأين الله والأرواح‏

نور الإله أجل منك نفاسة *** ومع الجلال جليسه المصباح‏

لم يعتزل عن نور كون حادث *** وإلى التعلق ذاته ترتاح‏

لو أن نور الحق معتزل لما *** ظهر الوجود ودامت الأفراح‏

بالنور من فلك البهاء إذا بدا *** للناظرين أضاءت الأشباح‏

[مثير العزلة إنما هو خوف القواطع أو رجاء الوصلة]

اعلم أيدنا الله وإياك أن مثير العزلة إنما هو خوف القواطع عن الوصلة بالجناب الإلهي أو رجاء الوصلة بالعزلة به لما كان في حجاب نفسه وظلمة كونه وحقيقة ذاته يبعثها على طلب الوصلة ما هي عليه من الصورة الإلهية كما يطلب الرحم الوصلة بالرحمن لما كانت شجنة منه‏

[ارتباط الكون بالله وصف ذاتى للكون‏]

ثم إن العبد رأى ارتباط الكون بالله ارتباطا لا يمكن الانفكاك عنه لأنه وصف ذاتي له وتجلى له في هذا الارتباط وعرف من هذا التجلي وجوبه به وأنه لا تثبت لمطلوبه هذه الرتبة إلا به وأنه سرها الذي لو بطل لبطلت الربوبية ورآه في كل شي‏ء مثل ما هو عنده ونسبة كل شي‏ء إليه كنسبته هو إليه فلم يتمكن له الاعتزال‏

[النور والمشكاة والمصباح‏]

فتأدب مع قوله تعالى مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ أي صفة نوره صفة المصباح ولم يقل صفة الشمس فإن الإمداد في نور الشمس يخفى بخلاف المصباح فإن الزيت والدهن يمده لبقاء الإضاءة فهو باق بإمداد دهني من شجرة نسبة الجهات إليها نسبة واحدة منزهة عن الاختصاص بحكم جهة وهو قوله لا شَرْقِيَّةٍ ولا غَرْبِيَّةٍ وهذا الإمداد من نور السبحات الظاهرة من وراء سبحات العزة والكبرياء والجلال فما ينفذ من نور سبحات هذه الحجب هو نُورُ السَّماواتِ والْأَرْضِ ومثله كمثل المصباح والنور الذي في الدهن معلوم غير مشهود وضوء المصباح من أثره يدل عليه وعلى الحقيقة ما هو نور وإنما هو سبب لبقاء النور واستمراره فالنور العلمي منفر ظلمة الجهل من النفس فإذا أضاءت ذات النفس أبصرت ارتباطها بربها في كونها وفي كون كل كون فلم تر عمن تعتزل‏

[النشأتان الظاهرة والباطنة شاهدتان على النفس المدبرة]

وجعل هذا النور في مشكاة وزجاجة مخافة الهواء أن يجيره ويشتد عليه فيطفيه فكان مشكاته وزجاجته نشأته الظاهرة والباطنة فإنهما من حيث هما عاصمان فإنهما من الذين يُسَبِّحُونَ بحمد الله اللَّيْلَ والنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ وهما اللذان يشهدان على النفس المدبرة إذا أنكرت بين يدي الله فهما أهل عدالة قال تعالى شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وأَبْصارُهُمْ وهما من النشأة الباطنة وجلودهم وهي من النشأة الظاهرة فما من شخص يروم مخالفة حق إلا ونشأتاه تقولان له لا تفعل أيها الملك ولا تحوجنا أن نكون سببا في إهلاكك فإن الله إن استشهدنا شهدنا

أ لا ترى الرسول صلى الله عليه وسلم لما بلغ وأنذر ووعد وأوعد قال لقومه إنكم لتسئلون عني فما أنتم قائلون قالوا نشهد أنك بلغت ونصحت وأديت فقال اللهم اشهد

وقد سأل هود قومه مع شركهم فقال اشْهَدُوا أَنِّي بَرِي‏ءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ فاستشهدهم لعلمه أنهم لا بد أن يسألهم ونحن رعيتك ولا حركة لنا إلا بك فلا تحركنا إلا


مخطوطة قونية
3917
3918
3919
3920
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 154 - من الجزء الثاني (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!