موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة حال قطب كان منزله (والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه)
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 172 - من الجزء الرابع (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

فمن أبى فلخبث في طبيعته *** يدريه من يفتح الأبواب حين قرع‏

له بما في غيوب الطبع من عجب *** من صنعه في الذي أبداه حين صنع‏

كمن دعاه رسول الله حين دعا *** فجاءه بالذي قد كان قبل جمع‏

وجاءه غيره بشطر ما كسبت *** يداه والكل فيما في يديه طمع‏

ولو أكون لما قلنا بقولهما *** وقلت عبد دعاه ربه فسمع‏

وبادر الأمر لم ينظر إلى أحد *** ولا لمن ضر في تأخيره ونفع‏

[إن أهل العناية الإلهية الذين اعتنى الله بهم‏]

اعلم أيدنا الله وإياك بروح القدس أن هذا الذكر كان لنا من الله عز وجل لما دعانا الله تعالى إليه فأجبناه إلى ما دعانا إليه مدة ثم حصلت عندنا فترة وهي الفترة المعلومة في الطريق عند أهل الله التي لا بد منها لكل داخل في الطريق ثم إذا حصلت الفترة إما أن يعقبها رجوع إلى الحال الأول من العبادة والاجتهاد وهم أهل العناية الإلهية الذين اعتنى الله عز وجل بهم وإما أن تصحبه الفترة فلا يفلح أبدا فلما أدركتنا الفترة وتحكمت فينا رأينا الحق في الواقعة فتلا علينا هذه الآيات وهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالًا سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنا به الْماءَ الآية ثم قال والْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ فعلمت أني المراد بهذه الآية وقلت ينبه بما تلاه علينا على التوفيق الأول الذي هدانا الله به على يد عيسى وموسى ومحمد سلام الله على جميعهم فإن رجوعنا إلى هذا الطريق كان بمبشرة على يد عيسى وموسى ومحمد عليه السلام بين يدي رحمته وهي العناية بنا حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالًا وهو ترادف التوفيق سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ وهو أنا فَأَحْيَيْنا به الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وهو ما ظهر علينا من أنوار القبول والعمل الصالح والتعشق به ثم مثل فقال كَذلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتى‏ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ يشير بذلك إلى خبر

ورد عن النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في البعث أعني حشر الأجسام من أن الله يجعل السماء تمطر مثل مني الرجال‏

الحديث ثم قال والْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وليس سوى الموافقة والسمع والطاعة لطهارة المحل والَّذِي خَبُثَ وهو الذي غلبت عليه نفسه والطبع وهو معتنى به في نفس الأمر لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً مثل‏

قوله إن لله عبادا يقادون إلى الجنة بالسلاسل‏

وقوله ولِلَّهِ يَسْجُدُ من في السَّماواتِ والْأَرْضِ طَوْعاً وكَرْهاً فقلنا طوعا يا إلهنا

[إن الله ابتدأ إنشاء هذه النشأة في ضعف وافتقار]

واعلم أن الله تعالى لما خلق هذه النشأة الإنسانية لعبادته وأنشأها ابتداء في ضعف وافتقار فكانت عبادتها ذاتية وما زالت على ذلك إلى أن رزقها الله القوة وأظهر لها الأسباب الموجبة للقوة إذا استعملتها واحتجب الحق من ورائها فلم تشاهد إلا هي وغابت عن الحق تعالى فلم تشهده فناداها سبحانه من خلف تلك الأسباب بما كلفها به من الأعمال وسمي تلك الأعمال عبادة لتتنبه بذلك على أصلها فإنها لا تنكر عبوديتها لأن العبودة لها ذاتية ذوقا وبقي لمن مع معاينتها الأسباب التي تجد عندها دفع ضروراتها فهي تقبل عليها طبعا وترى الذي دعاها إليه غيبا فتعلم إن ثم ظاهرا وباطنا وغيبا وشهادة وتنظر في نفسها فتجدها مركبة من غيب وشهادة وأن الداعي منها إلى الحاجة غيب منها فإن تقوت عليها مناسبة الغيب على الشهادة كانت البلد الطيب الذي يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ فسارعت إلى إجابة الداعي وهي من النفوس الذين يُسارِعُونَ في الْخَيْراتِ وهُمْ لَها سابِقُونَ لأنها رأت الأسباب مختلفة وأي سبب حضر منها أغناها عن سبب آخر فعلمت أنها مفتقرة بالذات إلى أمر ما غير معين فتعتمد عليه وهي قد شاهدت الأسباب وعلمت قيام بعضها عن بعض وتستغني ببعضها عن بعض ويغيب في وقت فلا يقدر عليه ويحضر في وقت فخطر لها ما خطر لإبراهيم الخليل عليه السلام إني لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ ورأت أيضا أنها تخلق بعض أسبابها الموجبة استعمالها لدفع ضروراتها بما تتكلفه من الأعمال الموجبة لوجود ذلك السبب الذي تركن إليه فأنفت أن يتعبدها من له في وجوده افتقار إليها فأشبهها فأرادت الاستناد إلى غني لا افتقار له لعزة نفسها وشموخ أنفها وما جعل الله في طبعها من طلب العلو في الأرض والشفوف على الجنس فقالت أجيب هذا الداعي الغائب حتى أرى ما هو فلعله عين ما أطلبه فامتثلت أمر ما دعاها إليه وعملت عليه فأشرقت أرضها بِنُورِ رَبِّها فكانت البلد الطيب الذي يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ ونفس أخرى على النقيض منها رجحت الشهادة على الغيب‏


مخطوطة قونية
9226
9227
9228
9229
9230
9231
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 172 - من الجزء الرابع (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!