اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية
[إن الله ابتدأ إنشاء هذه النشأة في ضعف وافتقار]
واعلم أن الله تعالى لما خلق هذه النشأة الإنسانية لعبادته وأنشأها ابتداء في ضعف وافتقار فكانت عبادتها ذاتية وما زالت على ذلك إلى أن رزقها الله القوة وأظهر لها الأسباب الموجبة للقوة إذا استعملتها واحتجب الحق من ورائها فلم تشاهد إلا هي وغابت عن الحق تعالى فلم تشهده فناداها سبحانه من خلف تلك الأسباب بما كلفها به من الأعمال وسمي تلك الأعمال عبادة لتتنبه بذلك على أصلها فإنها لا تنكر عبوديتها لأن العبودة لها ذاتية ذوقا وبقي لمن مع معاينتها الأسباب التي تجد عندها دفع ضروراتها فهي تقبل عليها طبعا وترى الذي دعاها إليه غيبا فتعلم إن ثم ظاهرا وباطنا وغيبا وشهادة وتنظر في نفسها فتجدها مركبة من غيب وشهادة وأن الداعي منها إلى الحاجة غيب منها فإن تقوت عليها مناسبة الغيب على الشهادة كانت البلد الطيب الذي يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ فسارعت إلى إجابة الداعي وهي من النفوس الذين يُسارِعُونَ في الْخَيْراتِ وهُمْ لَها سابِقُونَ لأنها رأت الأسباب مختلفة وأي سبب حضر منها أغناها عن سبب آخر فعلمت أنها مفتقرة بالذات إلى أمر ما غير معين فتعتمد عليه وهي قد شاهدت الأسباب وعلمت قيام بعضها عن بعض وتستغني بب