موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة الأقطاب المدبّرين أصحاب الركاب من الطبقة الثانية
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 208 - من الجزء الأول (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

اليقظة وهناك تعبر الرؤيا فمن نور الله عين بصيرته وعبر رؤياه هنا قبل الموت أفلح ويكون فيها مثل من رأى رؤيا ثم رأى في رؤياه إنه استيقظ فيقص ما رآه وهو في النوم على حاله على بعض الناس الذين يراهم في نومه فيقول رأيت كذا وكذا فيفسره ويعبره له ذلك الشخص بما يراه في علمه بذلك فإذا استيقظ حينئذ يظهر له أنه لم يزل في منام في حال الرؤيا وفي حال التعبير لها وهو أصح التعبير وكذلك الفطن اللبيب في هذه الدار مع كونه في منامه يرى أنه استيقظ فيعبر رؤياه في منامه لينتبه ويزدجر ويسلك الطريق الأسد فإذا استيقظ بالموت حمد رؤياه وفرح بمنامه وأثمرت له رؤياه خيرا فلهذه الحقيقة ما ذكر الله في هذه الآية اليقظة وذكر المنام وأضافه إلينا بالليل والنهار وكان ابتغاء الفضل فيه في حق من رأى في نومه أنه استيقظ في نومه فيعبر رؤياه وهي حالة الدنيا والله يلهمنا رشد أنفسنا هذا من قوله تعالى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ فهذا تفصيل آيات المنام بالليل والنهار والابتغاء من الفضل وجعله آيات لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ أي يفهمون كما قال ولا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وهُمْ لا يَسْمَعُونَ أراد الفهم عن الله وقال فيهم صُمٌّ مع كونهم يسمعون بُكْمٌ مع كونهم يتكلمون عُمْيٌ مع كونهم يبصرون فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ فنبهتك على ما أراد بالسمع والكلام والبصر هنا

[الركبان أصحاب التدبير: شمائلهم وخصائصهم‏]

فهذه الطبقة الركبانية الثانية مأخذهم للأشياء على هذا الحد الذي ذكرناه في هذه الآية وإنما ذكرنا هذا المأخذ لنعرفك بطريقتهم فتتبين لك منزلتهم من غيرهم فلطائفهم بالآيات المنصوبة المعتادة وغير المعتادة قائمة ناظرة إلى نفوس العالم ناظرة إلى الوجوه العرضية التي إليها يتوجهون بسبب أغراضهم ناظرة إلى الحدود الإلهية فيما إليه يتوجهون لا يغفلون عن النظر في ذلك طرفة عين فغفلتهم التي تقتضيها جبلتهم إنما متعلقها منهم عما ضمن لهم فهم متيقظون فيما طلب منهم غافلون عما ضمن لهم حتى لا يخرجون عن حكم الغفلة فإنها من جبلة الإنسان وغير هذه الطائفة صرفتها الغفلة عما يراد منها فإن كان الذي يقع إليه التوجه طاعة نظروا في دقائق تحصيلها ونظروا إلى الأمر الإلهي الذي يناسبها والاسم الإلهي الذي له السلطان عليها فيفصل لهم الأمر الإلهي الآية التي يطلبونها فإن كانت الآية معتادة مثل اختلاف الليل والنهار وتسخير السحاب وغير ذلك من الآيات المعتادة التي لا خبر لنفوس العامة بكونها حتى يفقدوها فإذا فقدوها حينئذ خرجوا للاستسقاء وعرفوا في ذلك الوقت موضع دلالتها وقدرها وإنهم كانوا في آية وهم لا يشعرون فإذا جاءتهم وأمطروا عادوا إلى غفلتهم هذا حال العامة كما قال الله فيهم معجلا في هذه الدار هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ في الْبَرِّ والْبَحْرِ حَتَّى إِذا كُنْتُمْ في الْفُلْكِ وجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وفَرِحُوا بِها جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ وجاءَهُمُ الْمَوْجُ من كُلِّ مَكانٍ وظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ... فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ وإِذا هُمْ يَبْغُونَ في الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يقول الله لهم يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى‏ أَنْفُسِكُمْ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا وهكذا يقولون في النار يا لَيْتَنا نُرَدُّ قال تعالى ولَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ كما عاد أصحاب الفلك إلى شركهم وبغيهم بعد إخلاصهم لله فإذا نظرت هذه الطائفة إلى هذه الآيات أرسلوها مع أمرها الإلهي إلى حيث دعاها وإن كانت الآية غير معتادة نظروا أي اسم إلهي يطلبها فإن طلبها القهار وأخواته فهي آية رهبة وزجر ووعيد أرسلوها على النفوس وإن طلبها أعني تلك الآية الاسم اللطيف وأخواته فهي آية رغبة أرسلوها على الأرواح فأشرق لها نور شعشعاني على النفوس فجنحت بذلك النفوس إلى بارئها فرزقت التوفيق والهداية وأعطيت التلذذ بالأعمال فقامت فيها بنشاط وتعرت فيها من ملابس الكسل وتبغض إليها معاشرة البطالين وصحبة الغافلين اللاهين عن ذكر الله ويكرهون الملأ والجلوة ويؤثرون الانفراد والخلوة ولهذه الطبقة الثانية حقيقة ليلة القدر وكشفها وسرها ومعناها ولهم فيها حكم إلهي اختصوا به وهي حظهم من الزمان فانظر ما أشرف إذ حباهم الله من الزمان بأشرفه فإنها خير من ألف شهر فيه زمان رمضان ويوم الجمعة ويوم عاشوراء ويوم عرفة وليلة القدر فكأنه قال فتضاعف خيرها ثلاثا وثمانين ضعفا وثلث ضعف لأنها ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر وقد تكون الأربعة الأشهر مما يكون فيها ليلة القدر فيكون التضعيف في كل ليلة قدر أربعة وثمانين ضعفا فانظر ما في هذا الزمان من الخير وبأي زمان خصت هذه الطائفة والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ انتهى الجزء الثامن عشر والحمد لله‏


مخطوطة قونية
833
834
835
836
837
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 208 - من الجزء الأول (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!