اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية
[الركبان أصحاب التدبير: شمائلهم وخصائصهم]
فهذه الطبقة الركبانية الثانية مأخذهم للأشياء على هذا الحد الذي ذكرناه في هذه الآية وإنما ذكرنا هذا المأخذ لنعرفك بطريقتهم فتتبين لك منزلتهم من غيرهم فلطائفهم بالآيات المنصوبة المعتادة وغير المعتادة قائمة ناظرة إلى نفوس العالم ناظرة إلى الوجوه العرضية التي إليها يتوجهون بسبب أغراضهم ناظرة إلى الحدود الإلهية فيما إليه يتوجهون لا يغفلون عن النظر في ذلك طرفة عين فغفلتهم التي تقتضيها جبلتهم إنما متعلقها منهم عما ضمن لهم فهم متيقظون فيما طلب منهم غافلون عما ضمن لهم حتى لا يخرجون عن حكم الغفلة فإنها من جبلة الإنسان وغير هذه الطائفة صرفتها الغفلة عما يراد منها فإن كان الذي يقع إليه التوجه طاعة نظروا في دقائق تحصيلها ونظروا إلى الأمر الإلهي الذي يناسبها والاسم الإلهي الذي له السلطان عليها فيفصل لهم الأمر الإلهي الآية التي يطلبونها فإن كانت الآية معتادة مثل اختلاف الليل والنهار وتسخير السحاب وغير ذلك من الآيات المعتادة التي لا خبر لنفوس العامة بكونها حتى يفقدوها فإذا فقدوها حينئذ خرجوا للاستسقاء وعرفوا في ذلك الوقت موضع دلالتها وقدرها وإنهم كانوا في آية وهم لا يشعرون فإذا جاءتهم وأمطروا عادو