موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة أقطاب النيات وأسرارهم وكيفية أصولهم ويقال لهم النياتيين
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 209 - من الجزء الأول (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

(الباب الثالث والثلاثون في معرفة أقطاب النيات وأسرارهم وكيفية أصولهم ويقال لهم النياتيون)

(بسم الله الرحمن الرحيم)

الروح للجسم والنيات للعمل *** تحيا بها كحياة الأرض بالمطر

فتبصر الزهر والأشجار بارزة *** وكل ما تخرج الأشجار من ثمر

كذاك تخرج من أعمالنا صور *** لها روائح من نتن ومن عطر

لو لا الشريعة كان المسك يخجل من *** أعرافها هكذا يقضي به نظري‏

إذا كان مستند التكوين أجمعه *** له فلا فرق بين النفع والضرر

فالزم شريعته تنعم بها سورا *** تحلها صور تزهو على سرر

مثل الملوك تراها في أسرتها *** أو كالعرائس معشوقين للبصر

[النيات والأعمال‏]

روينا من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إنما الأعمال بالنيات وإنما لامرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه‏

رواه عمر بن الخطاب رضي الله عنه‏

[النية واحدة من حيث ذاتها مختلفة ومتعددة من حيث منوياتها]

اعلم أن لمراعاة النيات رجالا على حال مخصوص ونعت خاص أذكرهم إن شاء الله وأذكر أحوالهم والنية لجميع الحركات والسكنات في المكلفين للأعمال كالمطر لما تنبته الأرض فالنية من حيث ذاتها واحدة وتختلف بالمتعلق وهو المنوي فتكون النتيجة بحسب المتعلق به لا بحسبها فإن حظ النية إنما هو القصد للفعل أو تركه وكون ذلك الفعل حسنا أو قبيحا وخيرا أو شرا ما هو من أثر النية وإنما هو من أمر عارض عرض ميزه الشارع وعينه للمكلف فليس للنية أثر البتة من هذا الوجه خاصة كالماء إنما منزلته أن ينزل أو يسبح في الأرض وكون الأرض الميتة تحيا به أو ينهدم بيت العجوز الفقيرة بنزوله ليس ذلك له فتخرج الزهرة الطيبة الريح والمنتنة والثمرة الطيبة والخبيثة من خبث مزاج البقعة أو طيبها أو من خبث البزرة أو طيبها قال تعالى يُسْقى‏ بِماءٍ واحِدٍ ونُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى‏ بَعْضٍ في الْأُكُلِ ثم قال إِنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ فليس للنية في ذلك إلا الإمداد كما قال تعالى يُضِلُّ به كَثِيراً ويَهْدِي به كَثِيراً يعني المثل المضروب به في القرآن أي بسببه وهو من القرآن فكما كان الماء سببا في ظهور هذه الروائح المختلفة والطعوم المختلفة كذلك هي النيات سبب في الأعمال الصالحة وغير الصالحة

[الهدى والضلال‏]

ومعلوم أن القرآن مهداة كله ولكن بالتأويل في المثل المضروب ضل من ضل وبه اهتدى من اهتدى فهو من كونه مثلا لم تتغير حقيقته وإنما العيب وقع في عين الفهم كذلك النية أعطت حقيقتها وهو تعلقها بالمنوي وكون ذلك المنوي حسنا أو قبيحا ليس لها وإنما ذلك لصاحب الحكم فيه بالحسن والقبح وقال تعالى إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ أي بينا له طريق السعادة والشقاء ثم قال إِمَّا شاكِراً وإِمَّا كَفُوراً هذا راجع للمخاطب المكلف فإن نوى الخير أثمر خيرا وإن نوى الشر أثمر شرا فما أتى عليه إلا من المحل من طيبه أو خبثه يقول الله تعالى وعَلَى الله قَصْدُ السَّبِيلِ أي هذا أوجبته على نفسي كان الله يقول الذي يلزم جانب الحق منكم أن يبين لكم السبيل الموصل إلى سعادتكم وقد فعلت فإنكم لا تعرفونه إلا بإعلامي لكم به وتبييني‏

[طريقا السعادة والشقاء والإيجاب الإلهي‏]

وسبب ذلك أنه سبق في العلم إن طريق سعادة العباد إنما هو في سبب خاص وسبب شقائهم أيضا إنما هو في طريق خاص وليس إلا العدول عن طريق السعادة وهو الايمان بالله وبما جاء من عند الله مما ألزمنا فيه الايمان به ولما كان العالم في حال جهل بما في علم الله من تعيين تلك الطريق تعين الإعلام به بصفة الكلام فلا بد من الرسول قال الله تعالى وما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ولا نوجب على الله إلا ما أوجبه على نفسه وقد أوجب التعريف على نفسه بقوله تعالى وعَلَى الله قَصْدُ السَّبِيلِ مثل قوله وكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ وقوله كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى‏ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ وعلى الحقيقة إنما وجب ذلك على النسبة لا على نفسه فإنه يتعالى أن يجب عليه من أجل حد الواجب الشرعي فكأنه لما تعلق العلم الإلهي أزلا بتعيين الطريق التي فيها سعادتنا ولم يكن للعلم بما هو علم صورة التبليغ وكان‏


مخطوطة قونية
839
840
841
842
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 209 - من الجزء الأول (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!