موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة الخواطر
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 565 - من الجزء الثاني (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

وأما في المباح فلمة الشيطان خاصة وما له منازع إلا النفس وإنما كان للنفس المباح دون غيره لأنها جبلت على جلب المنافع ودفع المضار والأمر أبدا يتقدم النهي في لمة الملك والشيطان فصاحب الأمر في الشر هو الشيطان فله التقدم وصاحب الأمر في الخير إنما هو الملك فله التقدم فلا يرد نهي إلا بعد أمر ولا عكس في مثل هذا في هذه الحضرة وأصله في الإنسان من آدم عليه السلام فإن الأمر تقدمه بسكنى الجنة والأكل منها حيث شاء ثم نهاه عن قرب شجرة مشار إليها إن تقربها فوقع التحجير والنهي في قوله حَيْثُ شِئْتُما لا في الأكل فما حجر عليه الأكل وإنما حجر عليه القرب منها الذي كان قد أطلقه في حيث شئتما فما أكلا منها حتى قربا فتنا ولا منها فأخذا بالقرب لا بالأكل وكان له بعد المؤاخذة الإلهية ما أعطته خاصية تلك الشجرة لمن أكل من ثمرها من الخلد والملك الذي لا يبلى وكان ذريته فيه لما وقع منه ما وقع ثم أهبط للخلافة وحواء للنسل لأنها محل التكوين فخرجت الذرية بعد أن تاب الله عليه بكله وذريته فيه وأسعد الله الكل فله النعيم في أي دار كان منهم ما كان بعد عقوبة وآلام تقوم بهم دنيا وآخرة فأما الدنيا فالكل لا بد من ألم أدناه استهلال المولود حين ولادته صارخا لما يجده عند المفارقة للرحم وسخانته فيضر به الهواء عند خروجه من الرحم فيحس بالألم فيبكي فإن مات فقد أخذ بحظه من البلاء ثم يعيش فلا بد له في الحياة الدنيا من الآلام فإن الحيوان مجبول على ذلك فإذا نقل إلى البرزخ فلا بد من ألم السؤال فإذا بعث فلا بد له من ألم الخوف على نفسه أو على غيره فإذا دخل الجنة ارتفع ذلك عنه أعني حكم الآلام وصحبه النعيم دائما وإذا دخل النار صحبه الألم ما شاء الله فإذا نفذت مشيئته فيه بما كان من الآلام أعقبه فيها نعيما بالعناية التي أدركته وهو في صلب أبيه آدم لما تاب عليه ليأخذ حظه من الألم واللذة كما أخذ أبوه فله نصيب من توبة أبيه وبقيت أسماء الانتقام في حق من شاء الله من سوى هذا المسمى إنسانا تحكم بحسب حقائقها فإن رحمته ما سبقت غضبه إلا في هذه النشأة الإنسانية وأما ما عداها فمن كون رحمته وسعت كل شي‏ء لا من السبق فللإنسان دون غيره الرحمة الواسعة والرحمة السابقة فتطلبه الرحمة من وجهين وليس لغير الإنسان هذا الحكم من الرحمة فهي أشد عناية بالإنسان منها بغيره ثم نرجع إلى ما كنا بصدده من معرفة الخواطر فنقول وبعد أن أعلمتك بحقائقها فتختلف آثارها في النفس باختلاف من يتعرض لها في طريقها فإن لم يتعرض لها أحد ممن ذكرنا فذلك خاطر العلم لا يكون خاطر عمل البتة وهو الخاطر الرباني وخواطر الأعمال والتروك تكون ملكية وشيطانية ونفسية لا غير ذلك وكُلٌّ من عِنْدِ الله فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً فأحرى قديما فألهمها فجورها عملا أو تركا لمجيئه على يد شيطان وتقواها عملا أو تركا لمجيئه على يد ملك فمن راقب خواطره من طرقها فقد أفلح فإنه يعلم من يأخذها ومن يتعرض إليها من القاعدين لها كل مرصد ومن غفل عن طرقها وما شعر بها حتى وجدها في المحل كما تجدها العامة عمل بمقتضاها وهو عمل الجاهل بالشي‏ء فإن كان خيرا فبحكم المصادفة وإن كان شرا فكذلك لأن الخاطر الأول الذي أتاه بالعلم بمن يأتي بعده من الخواطر وعلى يد من يأتيه لم يشعر به ولا علمه ولا شاهده ففاته حكمه فلما فجئته هذه الخواطر العملية على حين غفلة وعدم تيقظ ومراقبة لطرقها عمل بمقتضاها فكان خيره وشره مصادفة ورأيت ابن الحجازي المحتسب بمدينة فاس ولم يكن صاحب علم بالشريعة يوفقه الله لإصابة الحكم وأعرف من صلاحه أنه ما فاتته تكبيرة الإحرام خلف الإمام في الصلوات كلها بجامع القرويين إلى أن مات فكانت أحكامه في حسبته تجري على السداد إلها ما من الله فكان يقول إني لأعجب من أمري ما اشتغلت بعلم أحكام الشريعة وأو أفق حكم الشرع في جميع أحكامي ولم يقدر أحد من علماء الشريعة يأخذ عليه في حكم لم يقل به مجتهد هذا وحده رأيته من عامة الناس معتنى به ولم يكن من أهل الطريق بل كان حريصا

على الدنيا مكبا عليها كسائر عامة الناس لكن كان منور الباطن ولا يشعر بذلك والخواطر كلها خطابات إلهية ما هي تجليات ولهذا ينشئها الله صورا تحدث في العماء الذي هو النفس الإلهي فمن شهدها ولا يرزقه الله علما بما ذكرناه يتخيل أن الخواطر تجل إلهي لما يرى من الصورة وهذا هو السبب في تسميتها خواطر وإنها لا تثبت كما لا تثبت صورة الحرف في الوجود بعد نطق اللسان به فما له سوى زمان النطق به ثم‏


مخطوطة قونية
5601
5602
5603
5604
5605
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 565 - من الجزء الثاني (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!