«جنات عدن» إقامة مبتدأ خبره «يدخلونها تجري من تحتها الأنهار لهم فيها ما يشاءُون كذلك» الجزاء «يجزي الله المتقين».
إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (128)
[ الفرق بين الوارث المحمدي وباقي ورثة الأنبياء عليهم السلام ]
-الوجه الأول -من جمع الإحسان والتقوى كان اللّه معه ، ومن أحسن إلى نفسه بأداء الزكاة كان متقيا أذى شح نفسه فهو من المتقين ، ومن المحسنين من يعبد اللّه كأنه يراه ويشهده ، ومن شهوده للحق علمه بأنه ما كلفه التصرف إلا فيما هو للحق وتعود منفعته على العبد ، منة وفضلا ، مع الثناء الحسن له على ذلك ، فإن عمل ما كلفه اللّه به لا يعود على اللّه من ذلك نفع ، وإن لم يعمل لا يتضرر بذلك ، والكل يعود على العبد ، فالزم الأحسن إليك تكن محسنا إلى نفسك
- الوجه الثاني -إن اللّه مع المحسنين كما هو مع المتقين ، والإحسان عيان وفي منزل كأنه عيان .
(17) سورة الإسراء مكيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
------------
(128) الفتوحات ج 1 /
549 - ج 4 /
360
وقوله : ( جنات عدن ) بدل من [ قوله ] : ( دار المتقين ) أي : لهم في [ الدار ] الآخرة ( جنات عدن ) أي : إقامة يدخلونها ( تجري من تحتها الأنهار ) أي : بين أشجارها وقصورها ، ( لهم فيها ما يشاءون ) كما قال تعالى : ( وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون ) [ الزخرف : 71 ] وفي الحديث : " إن السحابة لتمر بالملأ من أهل الجنة وهم جلوس على شرابهم ، فلا يشتهي أحد منهم شيئا إلا أمطرته عليهم ، حتى إن منهم لمن يقول : أمطرينا كواعب أترابا ، فيكون ذلك " .
( كذلك يجزي الله المتقين ) أي : كذلك يجزي الله كل من آمن به واتقاه وأحسن عمله .
قوله تعالى {وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا} أي قالوا : أنزل خيرا؛ وتم الكلام. و {ماذا} على هذا اسم واحد. وكان يرد الرجل من العرب مكة في أيام الموسم فيسأل المشركين عن محمد عليه السلام فيقولون : ساحر أو شاعر أو كاهن أو مجنون. ويسأل المؤمنين فيقولون : أنزل الله عليه الخير والهدى، والمراد القرآن. وقيل : إن هذا يقال لأهل الإيمان يوم القيامة. قال الثعلبي : فإن قيل : لم ارتفع الجواب في قوله{أساطير الأولين} [
النحل : 24] وانتصب في قوله {خيرا} فالجواب أن المشركين لم يؤمنوا بالتنزيل، فكأنهم قالوا : الذي يقوله محمد هو أساطير الأولين. والمؤمنين آمنوا بالنزول فقالوا : أنزل خيرا، وهذا مفهوم معناه من الإعراب، والحمد لله. قوله تعالى {للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة} قيل : هو من كلام الله عز وجل. وقيل : هو من جملة كلام الذين اتقوا. والحسنة هنا : الجنة؛ أي من أطاع الله فله الجنة غدا. وقيل {للذين أحسنوا} اليوم حسنة في الدنيا من النصر والفتح والغنيمة {ولدار الآخرة خير} أي ما ينالون في الآخرة من ثواب الجنة خير وأعظم من دار الدنيا؛ لفنائها وبقاء الآخرة. {ولنعم دار المتقين} فيه وجهان : قال الحسن : المعنى ولنعم دار المتقين الدنيا؛ لأنهم نالوا بالعمل فيها ثواب الآخرة ودخول الجنة. وقيل : المعنى ولنعم دار المتقين الآخرة؛ وهذا قول الجمهور. وعلى هذا تكون {جنات عدن} بدلا من الدار فلذلك ارتفع. {جنات عدن} بدلا من الدار فلذلك ارتفع. وقيل : ارتفع على تقدير هي جنات، فهي مبينة لقوله {دار المتقين}. أو تكون مرفوعة بالابتداء، التقدير : جنات عدن نعم دار المتقين. {يدخلونها} في موضع الصفة، أي مدخولة. وقيل {جنات} رفع بالابتداء، وخبره {يدخلونها} وعليه يخرج قول الحسن. والله أعلم. {تجري من تحتها الأنهار} تقدم. {لهم فيها ما يشاءون} أي مما تمنوه وأرادوه. {كذلك يجزي الله المتقين} أي مثل هذا الجزاء يجزي الله المتقين.
جنات إقامة لهم، يستقرون فيها، لا يخرجون منها أبدًا، تجري من تحت أشجارها وقصورها الأنهار، لهم فيها كل ما تشتهيه أنفسهم، بمثل هذا الجزاء الطيب يجزي الله أهل خشيته وتقواه الذين تقبض الملائكةُ أرواحَهم، وقلوبُهم طاهرة من الكفر، تقول الملائكة لهم: سلام عليكم، تحية خاصة لكم وسلامة من كل آفة، ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون من الإيمان بالله والانقياد لأمره.
{ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ ْ} أي: مهما تمنته أنفسهم وتعلقت به إرادتهم حصل لهم على أكمل الوجوه وأتمها، فلا يمكن أن يطلبوا نوعا من أنواع النعيم الذي فيه لذة القلوب وسرور الأرواح، إلا وهو حاضر لديهم، ولهذا يعطي الله أهل الجنة كل ما تمنوه عليه، حتى إنه يذكرهم أشياء من النعيم لم تخطر على قلوبهم.
فتبارك الذي لا نهاية لكرمه، ولا حد لجوده الذي ليس كمثله شيء في صفات ذاته، وصفات أفعاله وآثار تلك النعوت، وعظمة الملك والملكوت، { كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ ْ} لسخط الله وعذابه بأداء ما أوجبه عليهم من الفروض والواجبات المتعلقة بالقلب والبدن واللسان من حقه وحق عباده، وترك ما نهاهم الله عنه.
ثم فسرها فقال : ( جنات عدن يدخلونها تجري من تحتها الأنهار لهم فيها ما يشاءون كذلك يجزي الله المتقين )
(جَنَّاتُ) خبر لمبتدأ محذوف تقديره هي والجملة مستأنفة (عَدْنٍ) مضاف إليه (يَدْخُلُونَها) مضارع وفاعله ومفعوله والجملة حالية (تَجْرِي) مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل (مِنْ تَحْتِهَا) متعلقان بتجري والها مضاف إليه (الْأَنْهارُ) فاعل والجملة حالية (لَهُمْ) متعلقان بالخبر المقدم (فِيها) متعلقان بحال محذوفة (ما) موصولية مبتدأ مؤخر (يَشاؤُنَ) مضارع مرفوع والجملة صلة (كَذلِكَ) ذا اسم إشارة ومتعلقان بصفة لمفعول مطلق محذوف (يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ) مضارع ولفظ الجلالة فاعله والمتقين مفعوله والجملة مستأنفة.
Traslation and Transliteration:
Jannatu AAadnin yadkhuloonaha tajree min tahtiha alanharu lahum feeha ma yashaoona kathalika yajzee Allahu almuttaqeena
Gardens of Eden which they enter, underneath which rivers flow, wherein they have what they will. Thus Allah repayeth those who ward off (evil),
Ebedi Adn cennetleridir yurtları, oraya girerler, kıyılarından ırmaklar akar, ahiret eviyse elbette daha da hayırlı ve çekinenleri böyle mükafatlandırır.
Les jardins du séjour (éternel), où ils entreront et sous lesquels coulent les ruisseaux. Ils auront là ce qu'ils voudront; c'est ainsi qu'Allah récompense les pieux.
'Adn-Dschannat werden sie betreten, die von Flüssen durchflossen werden. In ihnen bekommen sie, was sie sich wünschen. Solcherart vergilt ALLAH den Muttaqi,
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة النحل (An-Nahl - The Bee) |
ترتيبها |
16 |
عدد آياتها |
128 |
عدد كلماتها |
1845 |
عدد حروفها |
7642 |
معنى اسمها |
(النَّحْلُ): الْحَشَرَةُ الْمَعْرُوفَةُ، وَمُفْرَدُهَا النَّحْلَةُ، تُقَالُ لِلذَّكَرِ وَالأُنْثَى |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذِكْرِ مُفْرَدَةِ (النَّحْلِ)، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (النَّحْلِ)، وتُسَمَّى سُورَةَ (النِعَم) |
مقاصدها |
التَّذْكِيرُ بِنِعَمِ اللهِ تَعَالَى الْكَثِيرَةِ، وَشُكْرِ الْمُنْعِمِ سُبْحَانَهُ، وَالتَّحْذِيرُ مِنَ الْكُفْرِ بِهَا |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِها سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
لَم يَصِحَّ حَدِيثٌ أَو أَثَرٌ خَاصٌّ فِي فَضلِ السُّورَةِ سِوَى أَنَّهَا مِنَ المِئِينِ |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (النَّحْلِ) بِِآخِرِهَا:
الأَمْرُ بِالتَّقْوَى والْحَدِيثُ عَنْ مَعِيَّةِ اللهِ تَعَالَى لِلْمُتَّقِينَ، فقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱتَّقُونِ ٢﴾،
وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا:
﴿إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّٱلَّذِينَ هُم مُّحۡسِنُونَ ١٢٨﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (النَّحْلِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الحِجْرِ):
خُتِمَتِ (الحِجْرُ) بِتَوجِيهِ النَّبِيِّ ﷺ بِمُدَاوَمَةِ العِبَادَةِ حتَّى يَنْقَضِيَ أَجَلُهُ، فَقَالَ: ﴿وَٱعۡبُدۡ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأۡتِيَكَ ٱلۡيَقِينُ ٩٩﴾، وَافتُتِحَتِ (النَّحْلُ) بِقَضَاءِ أَمْرِ اللهِ وَعَدَمِ اسْتِعْجَالِهِ؛ فَقَالَ: ﴿أَتَىٰٓ أَمۡرُ ٱللَّهِ فَلَا تَسۡتَعۡجِلُوهُۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ ١﴾. |