المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

مشرع الخصوص إلى معاني النصوص
للشيخ علاء الدين علي بن أحمد المهائمي
وهو شرح لكتاب النصوص للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي
النص الرابع عشر
![]() |
![]() |
قال رضي اللّه عنه : [ نص جليل ] ، لما ذكر في النص السابق اتحاد الحق بالكل حتى كمل علمه به مع عدم اتحاد الكل به ، حتى عجزوا عن معرفته باعتبار العينات فضلا عن الإطلاق سبب هذه الجلالة الساترة للاتحاد ، ولذلك سمي النص جليلا ، وهو أن الاتحاد في
الإطلاق لما غلب ، لم يظهر فيه الكثير ، وإن كان له وجه النهاية اتحد بها والتقييد ، وإن كان له وجه إلى الإطلاق ، لكنه لم يغلب فيه ، فلم يظهر فيه بل ظهرت الكثرة لكونها فعلية فيه ، لكن بقدر ما ظهرت الوحدة فيه ، يعرف الإطلاق لا كما يعرفه المطلق
.
قال رضوان اللّه عليه : [ اعلم أن ليس في الوجود موجود يوصف بالإطلاق إلا وله وجه إلى التقييد ، ولو من حيث تعينه في تعقل متعقل ما أو متعقلين ، وكذلك ليس في الوجود موجود محكوم عليه بالتقيد إلا وله وجه إلى الإطلاق ، ولكن لا يعرف ذلك إلا من عرف الأشياء معرفة تامة بعد معرفة الحق ، ومعرفة كل ما يعرفه به ، ومن لم يشهد هذا المشهد ذوقا لم يتحقق بمعرفة الحق والخلق ] .
أي : كل موجود من الحق والخلق ، موصوف بالإطلاق ، فله وجه إلى التقييد لا محالة ، أي : متصف بالتقييد ، أو قابل للاتصاف به - وإن لم ينحصر فيه - ومن هاهنا اتحد الحق بالخلق والخلق بالحق ، وبعض الخلق ببعض .
وأقله أن يتقيد المطلق بتعينه في تعقل متعقل ما ، فإن تعقل الشيء يقتضي تعينه بمثال يميزه عما سواه ، ذاتيّا أو عرضيّا ولو بحسب فرد ، فيتقيد به على إطلاقه بنفسه ، أو في تعقل جمع من المتعقلين ، فإنه يتعين في كل مثال لا يكون عين الآخر بالشخصية ، سيما إذا تغايرت الأمثلة بالنسبة إلى أذهانهم ، وكذا كل محكوم عليه بالتقييد من الموجودات .
وإنما قال ؛ لأن المطلق يمتنع الحكم عليه ما لم يعرف له وصف ، فإذا عرف حكم به عليه سيما إذا انحصر فيه له وجه إلى الإطلاق ، وإن كان منحصرا في القيد ؛ لأن القيد وصف موضعه المطلق ، ويجوز أن يعرف ذلكم الوصف ، فيرجع إلى الأصل .
ولا يجوز رفع ذلك الموصوف ، لامتناع قيام الوصف بدونه ، فالموجود من كل مقيد هو الوجود المطلق الحق الواجب بذاته ، فالموصوف يتقيد بصفات المظاهر ، ولكن لا يعرف ذلك إلا من عرف الأشياء معرفة تامة ، إنها ماهيات معدومة انضمت إلى الوجود فاتصف بمراياها ، فصارت أوصافه قيودا ، والماهيات العدمية ليست صفة له ، وإلا اتصف الموجود بالمعدوم الذي هو ضده ، ولا موصوفه وإلا اتصف الموجود بالمعدوم ، بل الموصوف هو الوجود المطلق ، والصفات هي القيود اللاحقة به عند إضافته إلى الماهيات ،
..............................................
( 1 ) أي أن الماهيات الأعيان الثابتات باقية على عدميتها ، والحق تعالى يظهر بأحكامها .
أي : الظاهرة عند ذلك بعد ما كانت مندمجة في الذات المطلقة ، وإنما لا يعرف ذلك إلا بمعرفة أن الحق هو الوجود المطلق ، ولا يعرف ذلك إلا بمعرفة أنه موجود بالذات ، واجب غير قابل الاتصاف بالعدم والانقلاب إليه ، ولا من الأمور العقلية التي لا تحقق لها في الخارج بل الكل متحقق به ، وهو متحقق بذاته ، وأنه لا وجود لغيره .
ثم قال رضي اللّه عنه : ( ومن لم يشهد هذا المشهد . . ) بأن الوجود هو المطلق ، وإن ظهر بالقيود باعتبار نسبة إلى المظاهر ، وأن الحقائق معدومة لم يتحقق بمعرفة الحق الذي ذكرنا أنه الوجود المطلق ، وأطلق بأنه الماهيات التي نسب إليها الوجود ، فليس الحق من عوارض الماهيات أو معروضاتها ، فلا يتكثر بتكثرها ولا يتعين . ولا الخلق موجود بأنفسهم ، بل به ، فهم على مستقر العدم والحق كما لم يزل لا شيء معه في القدم ، فافهم .
![]() |
![]() |