الذخائر والأعلاق في شرح ترجمان الأشواق
للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
تحقيق الدكتور محمد حاج يوسف
50- القصيدة الخمسين وهي ثلاثة أبيات من البحر الطويل
وقال رضي الله عنه:
1 | وَغَادِرَة قَدْ غَادَرَتْ بِغَدَائِرٍ | *** | شَبِيهِ الْأَفَاعِي مَنْ أَرَادَ سَبِيلَ |
2 | سَلِيماً وَتَلْوِي لِينَهَا فَتُذِيبُهُ | *** | وَتَتْرُكُهُ فَوْقَ الْفَرَاشِ عَلِيلَ |
3 | رَمَتْ بِسِهَامِ الْلَّحْظِ عَنْ قَوْسِ حَاجِبٍ | *** | فَمن أي شِقٍّ جِئْتَ كُنْتَ قَتِيلَ |
شرح الأبيات الثلاثة:
قوله "وغادرة": يشير إلى صفة مكر به،تركت بفنون علومها الغيبية، التي هي من حضرة الهيبة والجلال، من أراد الوصول إليه لذيعا من حبها. وقوله: "وتلوي لينها"، يريد نظرة عطف من الجانب الأيمن، فتذوب لتلك النظرة، كما قتلته أيضاً من خلفٍ بغدائرها.
وقوله: "وتتركه فوق الفراش عليلا"؛ الفراش سريره الطبيعي المعبّر عنه بالجسم. وقوله: "رمت بسهام اللحظ عن قوس حاجب"؛ يقول: وهو أيضا قتيل بما حصل له من المناظر العلى عند الشهود بالوسائط وغير الوسائط. وقوله: "فمن أي شِقّ"، يقول: من أي ناحية جئت، "كنتَ قتيلا"، يقول: لها الأثر فيك من أي ناحية جئتها جانبا أو أماما، أي: مقابلة أو مدابرة، (فهي تقتل) بالملاحظة من أمام، واللفت من جانب، والضفائر من خلف، وكلُّها للمحبِّ أبواب مهلكة، فلا راحة.