من اللاء لم يحجبن إلا بقيته | *** | فقلت له القنوى فقال هي الذلفا1 |
لقد طلعت في العين بدرا مكملا | *** | وفي جيدنا عقدا وفي ساعدي وقفا2 |
فقلت لها: من أنت؟ قالت: جهلتني | *** | أنا نفسك الغرّا تجلّت لكم لطفا3 |
فاعرضت عنها كي أفوز بقربها | *** | وطأطأت رأسي ما رفعت لها طرفا |
وقد شغفت حبا بذاتي وما درت | *** | وقد ملئت تيها وقد حشيت ظرفا |
وثارت جياد الريح جودا وهمة | *** | وما سبقت ريحا تهبّ ولا طرفا |
وجاء الإله الحقّ للفصل والقضا | *** | على الكشف والأملاك صفا له صفا |
عن الحكم عن أعياننا وهو علمه | *** | وما غادروا مما علمت به حرفا4 |
لذلك كانت حجة اللّه تعتلي | *** | على الخصم شرعا أو مشاهدة كشفا5 |
وهبّ نسيم القرب من جانب الحمى | *** | فأهدى لنا من نشر عنبره عرفا6 |
حبست على من كان مني كأنه | *** | فؤادي وأعضائي لشغلي به وقفا |
وما برحت أرساله في وجودنا | *** | على حضرتي تترى بما أرسلت عرفا |
وأرواحه تزجي سحائب علمه | *** | إلى خلدي قصدا فيعصفها عصفا |
يشف لها برق بإنسان ناظري | *** | وميض سناه كاد يخطفه خطفا7 |
ويعقبه صوت الرعود مسبحا | *** | ليزجرها رحمي فيقصفها قصفا |
يخرج ودق الغيث من خلل بها | *** | فتصبح أرض اللّه كالروضة الأنفا8 |
شممت لها ريحا بأعلام راية | *** | كريّا حمياها إذا شربت صرفا |
ولما تدانت للقطاف غصونها | *** | تناولت منها كالنبيّ لهم قطفا |
ولما تذكرت الرسول وفعله | *** | على مثل هذا لم أزل أطلب الحلفا |
وراثة من أحيى به اللّه قلبه | *** | ولو كنت كنت الوارث الخلف الخلفا |
ألا إنني أرجو زوال غوايتي | *** | وأرجو من اللّه الهداية والعطفا |
إذا ما بدا لي الوجه في عين حيرتي | *** | قررت بها عينا وكنت بها الأحفى |
1) الذّلفاء: صغيرة الأنف. القنواء: من كان في أنفها ارتفاع في أعلاه واحد يداب في وسطه.
2) العقد: عقد السر، وهو ما يعتقد العبد بقلبه بينه وبين اللّه تعالى أن يفعل كذا أو لا يفعل كذا.
3) لطف: يريد تأييد الحق ببقاء السرور ودوام المشاهدة واستقراء الحال في درجة الاستقامة.4) الأعيان الثابتة: حقائق الممكنات في علم الحق تعالى.
5) الكشف: الاطلاع على ما وراء الحجاب من المعاني الغيبية والأمور الحقيقية المشاهدة: تعني المحاضرة والمداناة. وقيل: هي رؤية الحق ببصر القلب من غير شبهة.6) العرف: الرائحة العطرة.
7) السّنا: الضوء.8) الودق: المطر. الروضة الأنف: التي لم ترع.