موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: مكتبة الشيخ عبد الكريم الجيلي

الإسفار عن رسالة الأنوار فيما يتجلى لأهل الذكر من الأسرار

تأليف الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي)

والمتن للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

 

 


[خاتمة ] - خاتمة فإذا تجلى لك هذا العالم علمت الانعكاسات ودوام الدائمات وخلود الخوالد

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

خاتمة لهذا المبحث اعلم أن الأقطاب الصالحين إذا سمعوا بأسماء معلومة لا يدعون هناك إلا بالعبودية إلى الاسم الذي يتولاهم قال تعالى: وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ [ الجنّ: الآية 19 ] فسماه عبد اللّه وإن كان أبوه قد سماه محمدا وأحمد فالقطب أبدا يختص بهذا الاسم الجامع فهو عبد اللّه هناك، ثم أنهم يفضل بعضهم بعضا مع اجتماعهم في هذا الاسم الذي يطلبه المقام، فيختص بعضهم باسم ما غير هذا الاسم من باقي الأسماء الإلهية، فيضاف إليه وينادى به في غير هذا المقام القطبية كموسى عليه الصلاة والسلام اسمه عبد الشكور، وداود عليه السلام اسمه الخاص به عبد الملك، ومحمد صلى اللّه عليه وسلم عبد الجامع، وما من قطب إلا وله اسم يخصه زائد على الاسم العام الذي له الذي هو عبد اللّه، سواء كان القطب نبيّا في زمان النبوة المقطوعة أو وليّا في زمان شريعة محمد صلى اللّه عليه وسلم، وكذلك الإمامان لكل واحد منهما اسم يخصه ينادي به كل إمام في وقته هنالك، فالإمام الأيسر وهو الذي يخلف القطب ونظره إلى الملكوت اسمه عبد الملك، والإمام الأيمن وهو الذي يخلف عبد الملك ونظره إلى الملك اسمه عبد ربه، هكذا قال الشيخ رضي اللّه تعالى عنه.

( فإذا تجلى لك هذا العالم ) أي عالم القلب ( علمت ) من روحانية الشمس حقيقة ( الانعكاسات ) ما هي سواء كانت معنوية أو حسية ( و ) علمت من إدريس عليه السلام سبب ( دوام الدائمات ) من أي نوع كانت ( و ) هكذا ( خلود الخوالد ) لأنه متحقق بسر

"***"

وترتيب الموجودات وسريان الوجود فيها، وأعطيت الحكم الإلهية والقدرة على حفظها والأمانة على تبليغها إلى أهلها، وأعطيت الرمز والإجمال والقوة على الستر والكشف.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الديمومية والخلود كما عرفت ( و ) علمت حكمة ( ترتيب الموجودات ) ( و ) كيفية ( سريان الوجود ) الحقّ ( فيها وأعطيت الحكم الإلهية ) المتعلقة بإيجاد العالم وبقائه والترتيب الواقع فيه ( و ) أعطيت ( القدرة على حفظها ) أي حفظ الحكم الإلهية فإنه ما كل أحد يقدر على ذلك ( و ) أعطيت ( الأمانة على تبليغها إلى أهلها وأعطيت الرمز والإجمال والقوة على الستر والكشف ) وغير ذلك مما يطول ذكره، وتعلم أن كل أمر علمي يكون في اليوم المتعلق بالشمس أعني يوم الأحد فمن روحانية إدريس عليه الصلاة والسلام، وكل أثر علوي يكون في عنصري الهواء والنار في ذلك اليوم فمن سباحة الشمس ونظرها، وما يكون من أثر في عنصري الماء والتراب في ذلك اليوم فمن حركة الفلك الرابع، وتعلم حقيقة البدل الذي يستمد من حقيقة إدريس عليه السلام وكيف يحفظ اللّه به الإقليم الرابع، وتعلم علم أسرار الروحانيات، وعلم النور والضياء، وعلم البرق والشعاع، وعلم كل جسم مستنير ولماذا استنار وما المزاج الذي أعطاه هذا القبول كالحباحب من الحيوان وكأصول شجر التين من النبات وكحجر المهى والياقوت وبعض لحوم الحيوان، وعلم الكمال في المعدن والنباتات والحيوان والإنسان والملك، وعلم الحركة المستقيمة حيث ظهرت في حيوان أو نبات، وعلم معالم التأسيس وأنفاس الأنوار، وعلم خلع الأرواح المدبرات وإيضاح الأمور المبهمات وحل المشكل من المسائل الغامضة، وعلم النغمات الفلكية والدولابية وأصوات آلات الطرب من الأوتار وغيرها، وعلم المناسبة بينها وبين طباع الحيوان وما للنبات منها، وعلم ما إليه تنتهي المعاني الروحانية والروائح العطرية، وما المزاج الذي عطرها ولماذا يرجع وكيف ينقلها الهواء لإدراك الشمس وهل هو جوهر أو عرض، ويكون الناظر إليك في هذه السماء الاسم النور وهو ربها والاسم السميع وهو رب يوم الأحد وحرف النون ومنزلة السماك وسورة القصص هكذا قال الشيخ رضي اللّه تعالى، وقال رضي اللّه عنه بعد ما أوردناه من كلامه فيما جرى بينه وبين يوسف عليه السلام:

ثم ودعته وانصرفت إلى إدريسي عليه السلام فسلمت عليه فرد وسهل ورحب وقال: مرحبا بالوارث المحمدي، فقلت له: كيف أبهم عليك الأمر على ما وصل

"***"

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

إلينا فما علمت علم الطوفان علما لا تشك فيه والنبي صلى اللّه عليه وسلم واقف مع ما يوحى به إليه، فقال: «وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون» فهذا مما أوحي به إلي، فقلت له:

وصلني عنك أنك تقول بالخرق، فقال: فلو لا الخرق ما رفعت مكانا عليّا، فقلت:

فأين مكانك من مكانتك، فقال: الظاهر عنوان الباطن، قلت: بلغني أنك ما طلبت من قومك إلا التوحيد لا غير، قال: وما فعلوا ؟ فإني كنت نبيّا أدعو إلى كلمة التوحيد لا إلى التوحيد فإن التوحيد ما أنكره أحد قلت: هذا غريب. ثم قلت: يا واضع الحكمة الاجتهاد في الفروع مشروع عندنا وأنا لسان علماء الزمان. قال وفي الأصول مشروع فإن اللّه تعالى أجل من أن يكلف نفسا إلا وسعها، قلت: فلقد كثر الاختلاف في الحق والمقالات فيه، قال: لا يكون إلا كذلك فإن الأمر تابع، قلت:

فرأيتكم معاشر الأنبياء ما اختلفتم فيه فقال: لأننا ما قلناه عن نظر وإنما قلناه عن إلّ واحد، فمن علم الحقائق علم أن اتفاق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أجمعهم على قول واحد في اللّه بمنزلة قول واحد من أصحاب النظر. فقلت: فهل الأمر في نفسه كما قيل لكم فإن أدلة العقول تحيل أمورا مما جئتم به في ذلك. فقال: الأمر كما قيل لنا وكما قال من قال فيه، فإن اللّه عند قول كل قائل، ولهذا ما دعونا الناس إلا إلى كلمة التوحيد لا إلى التوحيد، ومن تكلم في الحق من نظره ما تكلم في محظور فإن اللّه شرع لعباده توحيد المرتبة. وما ثم إلا من قال بها قلت: فالمشركون قال ما أخذوا إلا بالوضع من كونهم كذبوا في أوضاعهم واتخذوها قربة ولم ينزلوها منزلة صاحب تلك الرتبة الأحدية. قلت: فإني رأيت في واقعتي شخصا بالطواف أخبرني أنه من أجدادي وسمّى لي نفسه فسألته عن زمان موته فقال لي: أربعون ألف سنة فسألته عن آدم عليه السلام لما تقرر عندنا في التاريخ من مدته فقال لي: عن أي آدم تسأل عن آدم الأقرب فقال: صدق إني نبي اللّه ولا أعلم للعالم مدة يقف عندها بجملتها إلا أنه بالجملة لم يزل خالقا ولا يزال دنيا وآخرة والآجال في المخلوق بانتهاء المدد لا في الخلق فالخلق مع الأنفاس يتجدد فما أعلمناه علمناه ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء فقلت: فما بقي من ظهور الساعة ؟ فقال: اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون. قلت: فعرفني بشرط من شروط اقترابها.

فقال:

وجود آدم من شروط الساعة. قلت: فهل كان قبل الدنيا دار غيرها ؟ قال: دار الوجود واحدة والدار ما كانت دنيا إلا بكم، ولا الآخرة ما تميزت عنها إلا بكم

"***"

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وإنما الأمر في الأجسام أكوان واستحالات وإتيان وذهاب لم تزل ولا تزال. قلت ما ثم قال: ما تدري وما لا تدري. قلت: فأين الخطأ من الصواب ؟ قال: الخطأ أمراضا، والصواب هو الأصل فمن عرف اللّه وعرف العالم وعرف أن الصواب هو الأصل المستصحب الذي لا يزال، وأن الخطأ بتقابل النظرين ولا بد من التقابل فلا بد من الخطأ، فمن قال بالخطأ قال بالصواب، وجعل الخطأ من الصواب قلت: من أي صفة صدر العالم. قال: من الجود. قلت: هكذا سمعت بعض الشيوخ يقول قال: صحيح ما قال. قلت: وإلى ماذا يكون المآل بعد انتقالنا من يوم العرض قال رحمة اللّه وسعت كل شيء قلت أي شيء قال النسبتان فالباقي أبقاه برحمته والذي أوجده أوجده برحمته. ثم قال: محال المعاني أرض ثابتة في وجودها والعوارض تتبدل عليها بالأمثال والأضداد. قلت: ما الأمر الأعظم. قال: العالم به أعظم انتهى كلام الشيخ رضي اللّه تعالى عنه.


 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!