موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: مكتبة الشيخ عبد الكريم الجيلي

الإسفار عن رسالة الأنوار فيما يتجلى لأهل الذكر من الأسرار

تأليف الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي)

والمتن للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

 

 


[مطلب في بيان تلطّف الكثيف وتكثّف اللطيف ]

وأقيم لك دولاب تعاين فيه صور الاستحالات، وكيف يصير الكثيف لطيفا، واللطيف كثيفا، وما أشبه ذلك.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ارتباط الاسم بهذه الصورة، والفرق بين الشخصين المذكورين معلوم فما كل من رأى علم ما رأى، فهذه اللوائح الحالية لمن أراد معرفتها على الاختصار والاقتصاد واللّه تعالى الهادي. انتهى كلام الشيخ رضي اللّه تعالى عنه.

واعلم أنك إذا رفعت لك اللوائح اللوحية أو الحالية ( وخوطبت بالمخاوف ) فإنما تخاطب بها من حقيقة يحيى عليه الصلاة والسلام، لأنه كان مظهر الجلال والقبض كما يعلم من أخباره ( وتنوّعت لك الحالات ) التي هي عين اللوائح من وجه، فإنما تنوعت من هذه الأسماء، وقد علمت فيما تقدم أن الأحوال لا توهب لأربابها إلا من هذه السماء سواء كانت جلالية مثل القبض والهيبة والخوف أو جمالية مثل البسط والأنس والرجاء، فالأحوال الجلالية إنما تظهر من حقيقة يحيى عليه الصلاة والسلام لأنه حامل سر الجلال، والأحوال الجمالية إنما تظهر من حقيقة عيسى عليه السلام لأنه حامل سر الجمال، وقد ورد في الحديث ما معناه أن يحيى وعيسى عليهم الصلاة والسلام تفاوضا فقال يحيى لعيسى كالمعاتب له لبسطه: كأنك قد أمنت مكر اللّه وعذابه، فقال عيسى: كأنك أيست من فضل اللّه ورحمته، فمن حقيقة عيسى ويحيى تتنوع لك الحالات الجلالية والجمالية في حالة إقامتك في هذه السماء، فتارة تكون فيها في حالة القبض وأخواتها من حقيقة يحيى عليه السلام، وتارة تكون فيها في حالة البسط من حقيقة عيسى عليه السلام.

مطلب في بيان تلطّف الكثيف وتكثّف اللطيف ( و ) إذا ( أقيم لك دولاب ) معنوي ( تعاين فيه صور الاستحالات ) الحسية والمعنوية ( وكيف يصير الكثيف ) مثل الماء والتراب وجسد الإنسان ( لطيفا ) مثل النار والهواء والمجرد ( واللطيف ) مثل النار والهواء والملك ( كثيفا ) مثل الماء والتراب والإنسان ( وما أشبه ذلك ) فإنما يقام لك من حضرة عيسى عليه السلام، لأنه وجد عن هذه الحقيقة لما تجسد الروح الأمين لأمه، فكان ذلك عبارة عن تكثف اللطيف، ثم رفعه اللّه تعالى إليه فكان ذلك عبارة عن تلطف الكثيف، ثم ينزل من السماء وهو عبارة عن تكثف اللطيف، ثم يموت وهو عبارة عن تلطيف الكثيف، وهذا دولاب دائر من لطيف إلى كثيف ومن كثيف إلى لطيف، فافهم فإنه من لباب المعرفة. واعلم

"***"

وإن لم تقف مع هذا رفع لك نور متطاير الشرر، فتطلب الستر عنه، فلا تخف


 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!