موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: مكتبة الشيخ عبد الكريم الجيلي

الإسفار عن رسالة الأنوار فيما يتجلى لأهل الذكر من الأسرار

تأليف الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي)

والمتن للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

 

 


[مطلب في كيفية انسلاخ الروح والتحاقه بالملأ الأعلى ]

فتحفظ من طوارق الخيالات الفاسدة أن تشغلك عن الذكر.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الدنيا وكل دار يكونون فيها فإذا لم يبق في الدنيا منهم أحد لم يبق للدنيا سبب حافظ يحفظها اللّه تعالى من أجله فتزول وتخرب، وكم من قائل اللّه باق في ذلك الوقت لكن ما هو ذاكر في الاستحضار، الذي ذكرناه فلهذا لم يعتبر اللفظ دون الاستحضار فإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا لأنهم لم يسمعوا ذكر شركائهم واشمأزت قلوبهم، هذا مع علمهم بأنهم هم الذين وضعوها آلهة ولهذا قال: قل سموهم فإنهم إن سموهم قامت الحجة عليهم فلا يسمى اللّه إلا اللّه ( فتحفظ من طوارق الخيالات الفاسدة أن تشغلك عن الذكر ).

مطلب في كيفية انسلاخ الروح والتحاقه بالملأ الأعلى فإن المطلوب منه الحضور مع المذكور، واعلم أن النفس الناطقة التي هي الأمر العاقل المدرك من الإنسان هي التي تستحضر المذكور وتتوجه إليه حالة الذكر، فبسبب إعراضه عن الهيكل وأحواله بلزوم الخلوة وتعطيل القوى ودوام التوجه والمراقبة تنسلخ عن الهيكل وتلتحق بالملأ الأعلى، وليس انسلاخها عنه إلّا نفس التفاتها إلى حقيقتها بواسطة الإعراض عنه لأنها لما تعلقت به وغرقت في بحر محبته واشتغلت بتدبيره وعشقت ما حصل لها بواسطته من طريق الحواس غفلت عن نفسها حتى أنها لم تثبت إلا إياه لشدة اتحادها به وصح بحقها قول أنا من أهوى ومن أهوى أنا، فإذا أعرضت عنه واشتغلت بما هو خارج عن عالم الأجسام بل عن عالم الإمكان بظهور قبائحه عندها وتحققها بأنه من الغابرين، وتحكم هذا فيها امتازت عنه من حيث الشعور لأن اتحادها به ما كان إلا من حيث الشعور ولا يتحكم هذا فيها إلا إذا ثابرت عليه وصار ملكة لها، وهو لا يصير ملكة لها إلا إذا لم تتوجه إلى غيره ولا تلتفت إليه أصلا وتدوم على ذلك بحيث يستغرقها هذا التوجه ويأخذها عن غيره، وعند ذلك تمتاز عن الهيكل وتدبره باختيارها وتصير نسبة سائر الأجسام إليها كنسبته إليها ولهذا تؤثر في أي جسم أرادت مثل ما تؤثر فيه، وإذا وصلت إلى هذه المرتبة وارتقت عن شهود الأجسام ولوازمها ولم يبق لها شهود إلا إمكانها وأحكمت التوجه إلى من هو خارج عن عالم الإمكان في هذه الحالة وتحكم سلطانه فيها أدى ذلك إلى انحجاب أماكنها عنها لاستغراقها في الواجب بالتوجه إليه فاتحدت به مثل اتحادها السابق بالهيكل وقالت: أنا الحق وسبحاني ما أعظم شأني، وما هذا إلا لمغلوبية شعورها فإنها لم تتحد بالواجب سبحانه وتعالى بل استغرقت في التوجه إليه

"***"


 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!