موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: مكتبة الشيخ عبد الكريم الجيلي

الإسفار عن رسالة الأنوار فيما يتجلى لأهل الذكر من الأسرار

تأليف الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي)

والمتن للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

 

 


[ مطلب في الورع ] - ثم الورع.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

والروحية ( وصيامك ) الحسّي والمعنوي ( وتقواك ) على كل ما ينبغي لك ( و ) طلب كل ( ما يفرض عليك طلبه خاصة لا تزيد على ذلك شيئا ) أصلا فإن العمر قصير وصرف الوقت إلى الأولى أولى ( و ) تحصيل ما يجب عليك تحصيله ( هو أول باب السلوك ) وهذا كلام مجمل يحوي على جملة من العلوم والمعارف إن علمتها وعملت بمقتضاها سعدت سعادة الأبد ( ثم ) بعد تحصيل هذا العلم الذي أشرنا إليه يجب عليك ( العمل به ) فإن العلم بلا عمل لا نتيجة له إلا الخسران. وقد ورد أن العالم الذي لا يعمل بعلمه يعذب قبل عباد الوثن.

( ثم ) بعد ذلك يجب عليك ( الورع ).

مطلب في الورع ( الورع ) وهو أصل هذا الأمر الذي تطلبه، فإياك أن تتهاون به، قال الشيخ رضي اللّه تعالى عنه: الورع اجتناب، وهو في الشرع اجتناب الحرام والشبهة لا اجتناب الحلال. قال عليه الصلاة والسلام في هذا الباب: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» «1». وهذا عين ما قلناه، وهذا الحديث من جوامع الكلم وفصل الخطاب.

وقال بعضهم: ما رأيت أسهل علي من الورع كل ما حاك له شيء في نفسي تركته عملا بهذا الحديث.

فأما الحرام النص فمأمور باجتنابه لأنه ممنوع تناوله في حق من منع منه لا في عين الممنوع فإن ذلك الممنوع بعينه قد أبيح لغيره على صفة ليست فيمن منع منه إباحته لك تلك الصفة بإباحة الشرع، فلهذا قلنا لا في عين الممنوع فإنه ما حرم شيء لعينه جملة واحدة، ولهذا قال إلا ما اضطررتم إليه فعلمنا أن الحكم بالمنع وغيره أن مبناه على حال المكلف وفي مواضع على اسم الممنوع فإن تغير الاسم لتغير قام بالمحرم تغير الحكم على المكلف في تناوله إما بهجة الإباحة أو الوجوب، وكذلك إن تغير حال المكلف الذي خوطب بالمنع من ذلك الشيء واجتناب لأجل تلك الحالة فإنه يرتفع عنه هذا الحكم ولا بد، وإذا كان الأمر على هذا فما ثم عين محرمة لنفسها، وأما اجتناب الشبهة فالشبهة هي التي لها وجه إلى الحرام ووجه إلى الحلال على السواء من غير تغليب فليس اجتنابها، بأولى من تناولها ولا تناولها بأولى من اجتنابها فالورع بترك تناولها ترجيحا لجانب الحرمة في ذلك

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

( 1 ) هذا الحديث سبق تخريجه.

"***"


 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!