موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: مكتبة الشيخ عبد الكريم الجيلي

الإسفار عن رسالة الأنوار فيما يتجلى لأهل الذكر من الأسرار

تأليف الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي)

والمتن للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

 

 


[ مطلب إذا أردت الدخول إلى حضرة الحق ]

فإذا فهمت هذا، فاعلم وفقنا اللّه وإياك: أنك إذا أردت الدخول إلى حضرة الحق، والأخذ منه بترك الوسائط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أن تعكس القضية ( فإن زمان مشاهدتك ) في الدنيا ( لو كنت فيه صاحب عمل ) جسماني ( ظاهر وتلقي علم ) من اللّه ( باللّه ) روحاني ( باطن كان ) ذلك ( أولى بك لأنك تزيد ) به ( حسنا وجمالا في روحانيتك الطالبة ) مشاهدة ( ربها بالعلم الذي تلقته منه بالأعمال والتقوى وتزيد به حسنا في نفسانيتك الطالبة جنتها ) بالأعمال.

( فإن اللطيفة الإنسانية ) الروحانية ( تحشر على صورة علمها ) الذي اكتسبته في حال تدبير جسدها، وترى ربّها على الصورة التي حشرت عليها ( والأجسام تحشر على صورة عملها ) الذي اكتسبته في حال حياتها ولا يحصل لها من الجنة إلا على قدر أعمالها ( من الحسن والقبح وهكذا ) حالك أيها المشاهد بالنسبة إلى كل مشاهدة وعلم كما قررناه سابقا ( إلى آخر نفس ) يكون لك في الدنيا ( فإذا انفصلت ) بالموت الطبيعي ( من عالم التكليف وموطن المعارج والارتقاءات ) الذي هو موطن الدنيا واتصلت بعالم الآخرة ( فحينذ تجني ) في الدار الآخرة ( ثمرة ) أعمالك وعلومك التي هي عبارة عن ( غرسك ) الذي غرسته في دار الدنيا وثمرة الأعمال الجنة وثمرة العلم المشاهدة.

( فإذا أفهمت هذا ) وأبيت إلا طلب المشاهدة وحالة الفناء والاستهلاك في الحق بطريق المحق في دار الدنيا واستعجلت ذلك، ( فاعلم وفقنا اللّه وإياك ) لما فيه صلاحنا.

مطلب إذا أردت الدخول إلى حضرة الحق ( أنك إذا أردت الدخول إلى حضرة الحق ) برفع التعينات الوهمية وسلب الإضافات الاعتبارية وخلع الملابس الكونية بالمجاهدات والرياضات الجسمانية والروحانية ( و ) أردت ( الأخذ منه بترك الوسائط ) أعلم أن الأخذ عن اللّه تعالى على

والأنس به.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ثلاثة أنواع، الأول: الأخذ عن مخلوق أخذ عن اللّه كما أخذ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم القرآن عن جبريل عليه السلام، بل كما أخذ اللوح عن القلم فإن جبريل يأخذ عن إسرافيل وهو عن اللوح وهو عن القلم وهو عن اللّه، وكما أخذت الصحابة رضوان اللّه تعالى عليهم عن رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وسلّم ما أخذه عن ربه في الوقت الذي له مع اللّه الذي لا يسعه فيه ملك مقرب ولا نبي مرسل.

الثاني: الأخذ عن اللّه تعالى من حيث الوجه الخاص سواء كان من ذات الأخذ أو من غيرها.

الثالث: الأخذ عن اللّه بعد قطع سلسلة الوسائط بالمعراج التحليلي الروحاني والوصول إلى أحدية الجمع، والرجوع إلى الوطن الأصلي الذي هو عبارة عن برزخ البرازخ وكمال الصحو بعد كمال المحو فافهم ولا تتوهم واللّه تعالى أعلم.

مطلب الأنس باللّه ( و ) أردت ( الأنس به ) الذي باللّه قال الشيخ رضي اللّه تعالى عنه: اعلم أن الأنس عند القوم ما تقع به المباسطة من الحق للعبد، وقد تكون هذه المباسطة على الحجاب وعلى الكشف، والأنس حال القلب من تجلّي الجلال، وهو عند أكثر القوم من تجلي الجمال، وهو غلط من جملة ما غلطوا فيه، لأن لهم أغاليط في العبارة لعدم التمييز بين الحقائق، فما كل أهل اللّه رزقوا التمييز والفرقان مع الشهود الصحيح، وللأنس باللّه تعالى علامة عند صاحبه فإنه موضع يغلط فيه كثير من أهل الطريق، فيجدون أنسا في حال ما يكون عليه فيتخيل أن ذلك أنس باللّه تعالى، فإذا فقد ذلك الحال فقد الأنس باللّه، فعندنا وعند الجماعة أن أنسه كان بذلك الحال لا باللّه لأن الأنس باللّه تعالى إذا وقع لم يزل موجودا عنده في كل حال،

ولذلك تقول:

القوم من أنس باللّه في الخلوة وفقد ذلك الأنس في الملأ فإنه بالخلوة لا باللّه واعلم أنه لا يصح الأنس باللّه عند المحققين، وإنما يكون الأنس باسم إلهي خاص لا باسم اللّه، فالعالم كله ذو أنس باللّه ولكن بعضه لا يشعر أن الأنس الذي هو عليه هو باللّه لأنه لا بدّ أن يجد أنسا بأمر ما بطريق الدوام وبطريق الانتقال بالأنس بأمر آخر، وليس لغير اللّه تعالى في الأكوان حكم فأنسه لم يكن إلا باللّه وإن كان لا يعلم، والذي ينظر فيه أنه أنس به فذلك صورة من صور تجليه ولكن قد يعرف وقد ينكر فيستوحش العبد من عين ما يأنس به ولا يشعر لاختلاف الصور، فما فقد أحد الأنس باللّه ولا استوحش أحد إلا من اللّه، والأنس مباسطة والاستيحاش انقباض، وأنس العلماء باللّه

"***"

أنه لا يصح لك ذلك، وفي قلبك ربانية لغيره، فإنك محكوم لمن حكم عليك سلطانه، هذا لا شك فيه.


 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!