موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: مكتبة الشيخ عبد الكريم الجيلي

الإسفار عن رسالة الأنوار فيما يتجلى لأهل الذكر من الأسرار

تأليف الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي)

والمتن للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

 

 


[ مطلب في الاستهلاك في الحق ]

فإن السادة منا أنفوا من ذلك لما فيه من تضييع الوقت، نقص المرتبة، ومعاملة الموطن بما لا يليق به.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

في الحكم الإلهي معنى قوله: إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ [ العنكبوت: الآية 6 ] وفي الرتبة الأخرى في قوله: أحببت أن أعرف «1».

مطلب في الاستهلاك في الحق ( والاستهلاك في الحق ) هذا عطف تفسير الفناء ( بطريق المحق عن العالمين ) قال الشيخ رضي اللّه تعالى عنه: المحق ظهورك في الكون به بطريق الاستخلاف والنيابة عنه فلك التحكّم في العالم، ومحق المحق ظهورك بطريق الستر عليه والحجاب فأنت تحجبه في محق المحق فيقع شهود الكون عليك خلقا بلا حق لأنهم لا يعلمون أن اللّه أرسلك سترا دونهم حتى ينظروا إليه، فمحق المحق يقابل المحق ما هو مبالغة في المحق وإنما هو مثل عدم العدم، فإذا أقيم العبد في خروجه عن حضرة الحق إلى الخلق بطريق التحكيم فيهم من حيث لا يشعرون وقد يشعرون في حق بعض الأشخاص من هذا النوع كالرسل صلوات اللّه وسلامه عليهم الذين جعلهم اللّه تعالى خلفائه في الأرض يبلغون إليهم حكم اللّه فيهم، وأخفى ذلك في الورثة فهم خلفاء من حيث لا يشعر بهم، واعلم أن محق المحق أتم عند أهل اللّه في الدنيا، والمحق أتمّ في الآخرة، ومحق المحق لا يفوز به إلا أخص أهل اللّه وهو للعقول المنورة، والمحق يفوز به الخصوص وهو للنفوس المنورة جعلنا اللّه ممن محق محقه فانفرد به حقه، ونحن لا نقول بالمشاهدة والفناء والاستهلاك في الحق بالمحق في دار الدنيا.

( فإن السادة منا ) معاشر الأولياء ( أنفوا من ذلك ) أي استنكفوا منه، ويقال أنف منه أنفا وأنفة استنكف ومنه قوله تعالى: لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ [ النّساء: الآية 172 ] ( لما فيه من تضييع الوقت ) الذي لا ينبغي أن يصرف إلا في المجاهدة والمراقبة، وتحصيل العلوم الإلهية بالتقوى ولما فيه من ( نقص المرتبة ) في دار الآخرة عند الرؤية والمحق لأن رؤية الحق سبحانه في دار الآخرة لا تكون إلا على قدر العلم باللّه الحاصل في الدنيا، فالدنيا لتحصيل العلم بالمجاهدة والآخرة دار

----------------------------------

( 1 ) يشير الجيلي إلى الحديث الشريف: «كنت كنزا لا أعرف، فأحببت أن أعرف، فخلقت خلقا فعرّفتهم بي فعرفوني». ( العجلوني، كشف الخفاء، حديث رقم 2014، طبعة دار الكتب العلمية ).

"***"


 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!