موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة مقام الإخلاص
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 221 - من الجزء الثاني (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

[الاسم الأحد ينطلق على كل شي‏ء مع كونه نعتا إلهيا]

اعلم أن الاسم الأحد ينطلق على كل شي‏ء من ملك وفلك وكوكب وطبيعة وعنصر ومعدن ونبات وحيوان وإنسان مع كونه نعتا إلهيا في قوله قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ وجعله نعتا كونيا في قوله ولا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً وما من صنف ذكرناه من هؤلاء الأصناف الذين هم جميع ما سوى الله وقد حصرناهم إلا وقد عبد منهم أشخاص فمنهم من عبد الملائكة ومنهم من عبد الكواكب ومنهم من عبد الأفلاك ومنهم من عبد العناصر ومنهم من عبد الأحجار ومنهم من عبد الأشجار ومنهم من عبد الحيوان ومنهم من عبد الجن والإنس‏

[المخلص في العبادة التي هي له ذاتية أن لا يقصد بها إلا من أوجده‏]

فالمخلص في العبادة التي هي ذاتية له أن لا يقصد إلا من أوجده وخلقه وهو الله تعالى فتخلص له هذه العبادة ولا يعامل بها أحدا ممن ذكرناه أي لا يراه في شي‏ء مما ذكرناه لا من حيث عين ذلك الشي‏ء ولا من حيث نسبة الأحدية له فإن الناظر أيضا له أحدية فليعبد نفسه فهو أولى له ولا يذل لاحدية مثله إذ ولا بد من ذلته لغير أحدية خالقه فيكون أعلى همة ممن ذل لاحدية مخلوق مثله‏

[ما من مخلوق إلا وفيه نفس دعوى ربوبية]

وما من شي‏ء من المخلوقات إلا وفيه نفس دعوى ربوبية لما يكون عنه في الكون من المنافع والمضار فما من شي‏ء في الكون إلا وهو ضار نافع فهذا القدر فيه من الربوبية العامة وبها يستدعي ذلة الخلق إليه أ لا ترى الإنسان على شرفه على سائر الموجودات بخلافته كيف يفتقر إلى شرب دواء يكرهه طبعا لعلمه بما فيه من المنفعة له فقد عبده من حيث لا يشعر كرها وإن كان من الأدوية المستلذة لمزاج هذا المريض وهو قد علم إن استعماله ينفعه فقد عبده من حيث لا يشعر طوعا ومحبة وكذا قال الله ولِلَّهِ يَسْجُدُ من في السَّماواتِ والْأَرْضِ طَوْعاً وكَرْهاً وخذ الوجود كله على ما بينته لك‏

[الافتقار إلى جلب المنافع والحاجة إلى دفع المضار أدى النفوس الضعيفة إلى عبادة الأشياء]

فإنه ما من شي‏ء في الكون إلا وفيه ضرر ونفع فاستجلب بهذه الصفة الإلهية نفوس المحتاجين إليه لافتقارهم إلى المنفعة ودفع المضار فأداهم ذلك إلى عبادة الأشياء وإن لم يشعروا ولكن الاضطرار إليها يكذبهم في ذلك فإن الإنسان يفتقر إلى أخس الأشياء وأنقصها في الوجود وهو مكان الخلأ عند الحاجة يترك عبادة ربه بل لا يجوز له في الشرع أداؤها وهو حاقن فيبادر إلى الخلأ ولا سيما إذا أفرطت الحاجة فيه واضطرته بحيث تذهب بعقله ما يصدق متى يجد إليه سبيلا فإذا وصل إليه وجد الراحة عنده وألقى إليه ما كان أقلقه فإذا وجد الراحة خرج من عنده وكأنه قط ما احتاج إليه وكفر نعمته واستقذره وذمه وهذا هو كفر بالنعمة والمنعم‏

[الدين الخالص هو الدين المستخلص من أيدى ربوبية الأكوان‏]

ولما علم الله ما أودعه في خلقه وما جعل في الثقلين من الحاجة إلى ما أودع الله في الموجودات وفي الناس بعضهم لبعض قال فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً أي لا يشوبه فساد ولا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً أي لا يذل إلا لله لا لغيره وأمر أن نعبده مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وقال أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ وهو الدين المستخلص من أيدي ربوبية الأكوان فإذا لم ير شيئا سوى الله وأنه الواضع أسباب المضار والمنافع لجأ إلى الله في دفع ما يضره ونيل ما ينفعه من غير تعيين سبب فهذا معنى الإخلاص‏

[المخلصون- بفتح اللام- والمخلصون- بكسر اللام-]

ولا يصح وجود الإخلاص إلا من المخلصين بفتح اللام فإن الله إذا اعتنى بهم استخلصهم من ربوبية الأسباب التي ذكرناها فإذا استخلصهم كانوا مخلصين بكسر اللام وإنما أضاف إليهم الإخلاص ابتلاء ليرى هل يحصل لهم امتنان بذلك على الحق أم لا وقد وجد في قوله يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا فإن منوا بذلك وبخوا ونبهوا بقوله بَلِ الله يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في دعواكم إنكم مؤمنون فعراهم من هذه الصفة أن تكون لهم كسبا

[ينبغي للعاقل أن لا يأمن مكر الله في إنعامه‏]

فينبغي للعاقل أن لا يأمن مكر الله في إنعامه فإن المكر فيه أخفى منه في البلاء وأدنى المكر فيه إن يرى نفسه مستحقا لتلك النعمة وأنها من أجله خلقت فإن الله ليس بمحتاج إليها فهي لي بحكم الاستحقاق هذا أدنى المكر الذي تعطيه المعرفة ويسمى صاحبه عارفا في العامة وهو في العارفين جاهل إذ قد بينا فيما قبل إن الأشياء إنما خلقت له تعالى لتسبح بحمده وكان انتفاعنا بها بحكم التبعية لا بالقصد الأول ففطر العالم كله على تسبيحه بحمده وعبادته ودعا الثقلين إلى ذلك وعرف أن لذلك خلقهم لا لأنفسهم ولا لشي‏ء من المخلوقات مع ما في الوجود من وقوع الانتفاع بها بعضها من بعض وقال تعالى في الحديث الغريب الصحيح من عمل عملا أشرك فيه غيري فأنا منه بري‏ء وهو للذي أشرك‏

فطلب من عباده إخلاص العمل له فمنهم من أخلصه له جملة واحدة فما أشرك في العمل بحكم القصد فما قصد به إلا الله ولا أشرك في العمل نفسه بأنه الذي عمل بل عمله خلق لله فالأول عموم والثاني خصوص وهو غاية الإخلاص ولا يصح إخلاص إلا مع عمل أعني في عمل فإنه لا بد من شي‏ء يكون مستخلصا


مخطوطة قونية
4199
4200
4201
4202
4203
4204
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 221 - من الجزء الثاني (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!