موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة مقام الاستقامة
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 217 - من الجزء الثاني (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

[ما ثم إلا من هو مستقيم لأنه ما ثم إلا من هو الحق آخذ بناصيته‏]

اعلم وفقك الله أن الله أخبر عن نبيه ورسوله عليه السلام في كتابه أنه قال إِنَّ رَبِّي عَلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ فوصف نفسه بأنه على صراط مستقيم وما خطأ هذا الرسول في هذا القول ثم إنه ما قال ذلك إلا بعد قوله ما من دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها فما ثم إلا من هو مستقيم على الحقيقة على صراط الرب لأنه ما ثم إلا من الحق آخذ بناصيته ولا يمكن إزالة ناصيته من يد سيده وهو على صراط مستقيم ونكر لفظ دابة فعم فأين المعوج حتى تعدل عنه فهذا جبر وهذه استقامة فالله يوفقنا لإنزال كل حكمة في موضعها فهنالك تظهر عناية الله بعبده‏

[الشرعة المجعولة والمنهاج المرسوم‏]

لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً ومِنْهاجاً وهي أحكام الطريقة التي في قوله ومِنْهاجاً فكلها مجعولة بجعل الله فمن مشى في غير طريقه التي عين الله له المشي عليها فقد حاد عن سواء السبيل التي عين الله له المشي عليها كما أن ذلك الآخر لو ترك سبيله التي شرع الله له المشي عليها وسلك سبيل هذا سميناه حائدا عن سبيل الله والكل بالنسبة إلى واحد واحد على صراط مستقيم فيما شرع له‏

[الشريعة الاسلامية والشرائع النبوية والنواميس الحكمية]

ولهذا خط رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم خطا وخط عن جنبتي ذلك الخط خطوطا فكان ذلك الخط شرعه ومنهاجه الذي بعث به وقيل له قل لأمتك تسلك عليه ولا تعدل عنه وكانت تلك الخطوط شرائع الأنبياء التي تقدمته والنواميس الحكمية الموضوعة ثم وضع يده على الخط وتلا وأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فأضافه إليه ولم يقل صراط الله ووصفه بالاستقامة وما تعرض لنعت تلك الخطوط بل سكت عنها ثم قال فَاتَّبِعُوهُ الضمير يعود على صراطه ولا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ يعني شرائع من تقدمه ومناهجهم من حيث ما هي شرائع لهم إلا إن وجد حكم منها في شرعي فاتبعوه من حيث ما هو شرع لنا لا من حيث ما كان شرعا لهم فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ يعني تلك الشرائع عن سبيله أي عن طريقه الذي جاء به محمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم ولم يقل عن سبيل الله لأن الكل سبيل الله إذ كان الله غايتها ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ به لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أي تتخذون تلك السبيل وقاية تحول بينكم وبين المشي على غيره من السبل‏

[الملائكة أولياء المستقيمين في الحياة الدنيا وفي الآخرة]

وهو قوله إِنَّ الَّذِينَ قالُوا من أي شرع كان إذا كان له الزمان والوقت رَبُّنَا الله ثُمَّ اسْتَقامُوا على طريقهم التي شرع الله لهم المشي عليها تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ وهذا التنزل هو النبوة العامة لا نبوة التشريع تتنزل عليهم بالبشر أَلَّا تَخافُوا ولا تَحْزَنُوا فإنكم في طريق الاستقامة ثم قالوا لهم هؤلاء المبشرون من الملائكة نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ في الْحَياةِ الدُّنْيا أي نحن كنا ننصركم في الحياة الدنيا في الوقت الذي كان الشيطان يلقي إليكم بلمته العدول عن الصراط الذي شرع لكم المشي عليه فكنا ننصركم عليه باللمة التي كنتم تجدونها في وقت التردد بين الخاطرين هل يفعل أو لا يفعل نحن كنا الذين نلقي إليكم ذلك في مقابلة إلقاء العدو فنحن أيضا أولياؤكم في الآخرة بالشهادة لكم إنكم كنتم تأخذون بلمتنا وتدفعون بها عدوكم فهذه ولايتهم في الآخرة وولايتهم أيضا بالشفاعة فيهم فيما غلب عليهم الشيطان في لمته فيكون العبد من أهل التخليط فتشفع الملائكة فيه حتى لا يؤاخذ بعمل الشيطان فهذا معنى قوله وفي الْآخِرَةِ ولَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ من شهادتنا لها وشفاعتنا فيها في هذا الموطن ولَكُمْ (فِيها) ما تَدَّعُونَ من الدعة نُزُلًا من غَفُورٍ رَحِيمٍ بشهادتنا وشفاعتنا حيث قبلها فأسعدكم الله بها فستركم في كنفه وأدخلكم في رحمته هذا معنى الاستقامة المتعلقة بالنجاة

[الاستقامة التي تطلبها حكمة الله السارية في الكون‏]

وأما الاستقامة التي تطلبها حكمة الله فهي السارية في كل كون قال تعالى مصدقا لموسى عليه السلام أَعْطى‏ كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلْقَهُ فكل شي‏ء في استقامة حاصلة فاستقامة النبات أن تكون حركته منكوسة واستقامة الحيوان أن تكون حركته أفقية وإن لم يكن كذلك لم ينتفع بواحد منهما لأن حركة النبات إن لم تكن منكوسة حتى يشرب الماء بأصولها لم تعط منفعة إذ لا قوة له إلا كذلك وكذلك الحيوان لو كانت حركته إلى العلو وقام على رجلين مثلنا لم يعط فائدة الركوب وحمل الأثقال على ظهره ولا حصلت به المنفعة التي تقع بالحركة الأفقية فاستقامته ما خلق له فهي الحركة المعتبرة التي تقع بها المنفعة المطلوبة وإلا فالنبات والحيوان لهما حركة إلى العلو وهو قوله والنَّخْلَ باسِقاتٍ فلو لا الحركة ما نما علوا وإنما غلبنا عليه الحركة المنكوسة للمنفعة المطلوبة فافهم ذلك‏

[الحركة في الوسط ومن الوسط وإلى الوسط]

فإن المتكلمين في هذا الفن ما حرر والكلام في حقيقة هذه الحركات فالحركة في الوسط مستقيمة لأنها أعطت حقيقتها كحركة الأرض وحركة الكرة والحركة من الوسط حركة العروج والحركة إلى الوسط حركة النزول فحركة النزول ملكية وإلهية وحركة العروج حركة بشرية وكلها مستقيمة فما ثم إلا استقامة لا سبيل إلى المخالفة فإن المخالفة


مخطوطة قونية
4183
4184
4185
4186
4187
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 217 - من الجزء الثاني (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!