موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة الفتنة والشهوة وصحبة الأحداث والنسوان وأخذ الأرفاق منهن ومتى يأخذ المريد الأرفاق
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 190 - من الجزء الثاني (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

أقوى فهكذا ينبغي أن تكون شهوة أهل الله‏

[صحبة الأحداث وأهل البدع‏]

وأما صحبة الأحداث وهم المردان وأهل البدع الذين أحدثوا في الدين من التسنين المحمود الذي أقره الشارع فينا فينظر العارف في المردان من حيث إنه أملس لا نبات بعارضيه كالصخرة الملساء فإن الأرض المرداء هي التي لا نبات فيها فذكره مقام التجريد وأنه أحدث عهد بربه من الكبير وقد راعى الشرع ذلك في المطرف كلما قرب من التكوين كان أقرب دلالة وأعظم حرمة وأوفر لدواعي الرحمة به من الكبير البعيد عن هذا المقام وأما كونهم أحداثا لهذا المعنى لأنهم حديثو عهد بربهم وفي صحبتهم تذكر حدثهم ليتميز قدمه تعالى به فهو اعتبار صحيح وطريق موصلة وأما إن كان من أحداث التسنين فيؤيده قوله تعالى ما يَأْتِيهِمْ من ذِكْرٍ من رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ وما يَأْتِيهِمْ من ذِكْرٍ من الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ فذم من لم يتلقاه بالقبول فهكذا نظر العارفين فيه وأما المريدون والصوفية فحرام عليهم صحبة الأحداث لاستيلاء الشهوة الحيوانية عليهم بسبب العقل الذي جعله الله مقابلا لها فلو لا العقل لكانت الشهوة الطبيعية محمودة

[حنين العارفين إلى النساء وفي أخذ الإرفاق منهن‏]

وأما النسوان فنظر العارفين فيهن وفي أخذ الإرفاق منهن فحنين العارفين إليهن حنين الكل إلى جزئه كاستيحاش المنازل لساكنيها التي بهم حياتها ولأن المكان الذي في الرجل الذي استخرجت منه المرأة عمره الله بالميل إليها فحنينه إلى المرأة حنين الكبير وحنوه على الصغير وأما أخذ الإرفاق منهن فإنه يأخذه منهن لهن كما أخذه رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم حين أمرهن أن يتصدقن لأنه يسعى في خلاصهن لما رآهن أكثر أهل النار فأشفق عليهن حيث كن منه فهو شفقة الإنسان على نفسه ولأنهن محل التكوين لصورة الكمال فحبهن فريضة واقتداء به عليه السلام‏

قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم حبب إلي من دنياكم ثلاث النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة

فذكر النساء أ ترى حبب إليه ما يبعده عن ربه لا والله بل حبب إليه ما يقر به من ربه ولقد فهمت عائشة أم المؤمنين ما أخذ النساء من قلب رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم حين خيرهن فاخترنه فأراد الله تعالى جبرهن وإيثارهن في الوقت ومراعاتهن وإن كان بخلاف مراد رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم فقال لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ من بَعْدُ ولا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ من أَزْواجٍ ولَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ فأبقى عليه رحمة به لما جعل في قلبه من حب النساء ملك اليمين وهذه من أشق آية نزلت على رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم فقالت عائشة ما كان الله ليعذب قلب نبيه صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم والله ما مات رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم حتى أحل له النساء فمن عرف قدر النساء وسرهن لم يزهد في حبهن بل من كمال العارف حبهن فإنه ميراث نبوي وحب إلهي فإنه‏

قال صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم حبب إلي‏

فلم ينسب حبه فيهن إلا إلى الله تعالى فتدبر هذا الفصل تر عجبا

[الميزان المشروع موضوع لوزن أفعال العباد]

وأما المريدون الذين هم تحت حكم الشيوخ فهم بحكم أشياخهم فيهم فإن كانوا شيوخا حقيقة مقدمين من عند الله فهم أنصح الناس لعباد الله وإن لم يكونوا فعليهم وعلى أتباعهم الحرج من الله لأن الله قد وضع الميزان المشروع في العالم لتوزن به أفعال العباد والأشياخ يسألون ولا يقتدى بأفعالهم إلا إن أمروا بذلك في أفعال معينة قال تعالى فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ وهم أهل القرآن أهل الله وخاصته وأهل القرآن هم الذين يعملون به وهو الميزان الذي قلنا ولا ينبغي أن يقتدي بفعل أحد دون رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم فإن أحوال الناس تختلف فقد يكون عين ما يصلح للواحد يفسد به الآخر إن عمل به والعلماء الذين يخشون الله أطباء دين الله المزيلون علله وأمراضه العارفون بالأدوية فإذا كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم قد اختلف الناس في أفعاله هل هي على الوجوب أم لا فكيف بغيره مع قول الله تعالى لَقَدْ كانَ لَكُمْ في رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ وقوله فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله وهذا كله ليس بنص منه في وجوب الاتباع في أفعاله فإنه صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم قد اختص بأشياء لا يجوز لنا اتباعه فيها ولو اقتدينا به فيها كنا عاصين مأثومين‏

[وجوب اجتناب كل أمر يؤدى إلى شغل القلب بغير الله‏]

فينبغي لكل مؤمن ويجب على كل مدع في طريق الله إذا لم يكن من أهل الكشف والوجود والخطاب الإلهي وممن لا يكون يطفي نور معرفته نور ورعه أن يجتنب كل أمر يؤدي إلى شغل القلب بغير الله فإنه فتنة في حقه ويجب عليه إن يغلب عقله على شهوته بل يسعى في قطع المألوفات وترك المستحسنات الطبيعية وما يميل الطبع البشري ويجتنب مواضع التهم وصحبة المبتدعين في الدين ما لم يأذن به الله وهم الأحداث وكذلك صباح الوجوه من المردان مجالسة والنساء وأخذ الإرفاق فإن القلوب تميل إلى كل من أحسن إليها والطبع يطلبهم والقوة الإلهية على دفع الشهوات النفسية ما هي‏


مخطوطة قونية
4068
4069
4070
4071
4072
4073
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 190 - من الجزء الثاني (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!