موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة الفتنة والشهوة وصحبة الأحداث والنسوان وأخذ الأرفاق منهن ومتى يأخذ المريد الأرفاق
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 189 - من الجزء الثاني (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

( (بسم الله الرحمن الرحيم))

(الباب الثامن ومائة في معرفة الفتنة والشهوة وصحبة الأحداث والنسوان وأخذ الإرفاق منهن ومتى يأخذ المريد الإرفاق)

لا تصحبن حدثا إن كنت ذا حدث *** ولا نساء وكن بالله مشتغلا

واحذر من الفتنة العمياء أن لها *** حكما قويا على القلب الذي غفلا

وشهوة النفس فاحذرها فكم فتكت *** بسيد قلبه عن ربه عفلا

ولا يرى أخذا رفقا من امرأة *** إلا الذي من رجال الله قد كملا

[الفتنة اختبار وحيرة وهداية]

اعلم أيدك الله أن الفتنة الاختبار يقال فتنت الفضة بالنار إذا اختبرتها قال تعالى أَنَّما أَمْوالُكُمْ وأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ أي اختبرناكم بهما هل تحجبكم عنا وعما حددنا لكم أن تقفوا عنده وقال موسى عليه السلام إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها من تَشاءُ أي تحير وتَهْدِي من تَشاءُ

[من أعظم فتن الإنسان خلقه على الصورة]

ومن أعظم الفتن التي فتن الله بها الإنسان تعريفه إياه بأن خلقه على صورته ليرى هل يقف مع عبوديته وإمكانه أو يزهو من أجل مكانة صورته إذ ليس له من الصورة إلا حكم الأسماء فيتحكم في العالم تحكم المستخلف القائم بصورة الحق على الكمال وكذلك من تأييد هذه الفتنة

قول النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم يحكيه عن ربه إن العبد إذا تقرب إلى الله بالنوافل أحبه فإذا أحبه كان سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به وذكر اليد والرجل‏

الحديث وإذا علم العبد أنه بهذه المثابة يسمع بالحق ويبصر بالحق ويبطش بالحق ويسعى بالحق لا بنفسه وبقي مع هذا النعت الإلهي عبدا محضا فقيرا ويكون شهوده من الحق وهو بهذه المثابة كون الحق ينزل إلى عباده بالفرح بتوبتهم والتبشيش لمن يأتي إلى بيته والتعجب من الشاب الذي قمع هواه واتصافه بالجوع نيابة عن جوع عبده وبالظمإ نيابة عن ظمأ عبده وبالمرض نيابة عن مرض عبده مع علمه بما تقتضيه عزة ربوبيته وكبريائه في ألوهيته فما أثر هذا النزول في جبروته الأعظم ولا في كبريائه الأنزه الأقدم كذلك العبد إذا أقامه الحق نائبا فيما ينبغي للرب تعالى يقول العبد ومن كمال الصورة التي قال إنه خلقني عليها أن لا يغيب عني مقام إمكاني ومنزلة عبوديتي وصفة فقري وحاجتي كما كان الحق في حال نزوله إلى صفتنا حاضرا في كبريائه وعظمته فيكون الحق مع العبد إذا وفى بهذه الصفة يثنى عليه بأنه نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ حيث لم تؤثر فيه هذه الولاية الإلهية ولا أخرجته عن فقره واضطراره ومن تجاوز حده في التقريب انعكس إلى الضد وهو البعد من الله والمقت فاحذر نفسك فإن الفتنة بالاتساع أعظم من الفتنة بالحرج والضيق‏

[الشهوة آلة للنفس تعلو أو تسفل بحسب موضوعها]

وأما الشهوة فهي آلة للنفس تعلو بعلو المشتهي وتستفل باستفال المشتهي والشهوة إرادة الالتذاذ بما ينبغي أن يلتذ به واللذة لذتان روحانية وطبيعية والنفس الجزئية متولدة من الطبيعة وهي أمها والروح الإلهي أبوها فالشهوة الروحانية لا تخلص من الطبيعة أصلا وبقي من يلتذ به فلا يلتذ إلا بالمناسب ولا مناسبة بيننا وبين الحق إلا بالصورة

[التذاذ الإنسان بكماله هو أشد الالتذاذ]

والتذاذ الإنسان بكماله أشد الالتذاذ فالتذاذه بمن هو على صورته أشد التذاذ برهان ذلك أن الإنسان لا يسرى في كله الالتذاذ ولا يفنى في مشاهدة شي‏ء بكليته ولا تسري المحبة والعشق في طبيعة روحانيته إلا إذا عشق جارية أو غلاما وسبب ذلك أنه يقابله بكليته لأنه على صورته وكل شي‏ء في العالم جزء منه فلا يقابله إلا بذلك الجزء المناسب فلذلك لا يفنى في شي‏ء يعشقه إلا في مثله‏

[الشهوة التي هي مطلب العارفين الوارثين‏]

فإذا وقع التجلي الإلهي في عين الصورة التي خلق آدم عليها طابق المعنى المعنى ووقع الالتذاذ بالكل وسرت الشهوة في جميع أجزاء الإنسان ظاهرا وباطنا فهي الشهوة التي هي مطلب العارفين الوارثين أ لا ترى إلى قيس المجنون في حب ليلى كيف أفناه عن نفسه لما ذكرناه وكذلك رأينا أصحاب الوله والمحبين أعظم لذة وأقوى محبة في جناب الله من حب الجنس فإن الصورة الإلهية أتم في العبد من مماثلة الجنس لأنه لا يتمكن للجنس أن يكون سمعك وبصرك بل يكون غايته إن يكون مسموعك ومدركك اسم مفعول وإذا كان العبد مدرك بحق هو أتم فلذته أعظم وشهوته‏


مخطوطة قونية
4062
4063
4064
4065
4066
4067
4068
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 189 - من الجزء الثاني (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!