موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منازلة ما ترى إلا بحجاب
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 19 - من الجزء الرابع (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

[تجلى الحق تعالى في الصور وتحوله فيها]

ورد في الصحيح تجلى الحق في الصور وتحوله فيها وهو مرادنا بالحجاب ثبت عقلا وشرعا وكشفا والكشف يعطي ما يعطي الشرع سواء وإن الحق لا يقبل التغيير فأما بالعقل فالأدلة في ذلك معروفة ليس هذا الكتاب موضعها فإنه مبني على الشرع وعلى ما يعطيه الكشف والشهود فإن العقول تقصر عن إدراك الأمر على ما يشهد به الشرع في حقه وأما الشرع فقوله لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ فلو تغير في ذاته لم يصدق هذا الحكم وهو صدق فاستحال أن يتغير في ذاته والحق يقول إن الله قال على لسان عبده سمع الله لمن حمده وقال كنت سمعه وبصره‏

فالصور التي تقع عليها الأبصار والصور التي تدركها العقول والصور التي تمثلها القوة المتخيلة كلها حجب يرى الحق من ورائها وينسب ما يكون من هذه الصور من الأعمال إلى الله تعالى كما قال والله خَلَقَكُمْ وما تَعْمَلُونَ فلم يزل الحق غيبا فيما ظهر من الصور في الوجود وأعيان الممكنات في شيئية ثبوتها على تنوعات أحوالها مشهودة للحق غيبا أيضا وأعيان هذه الصور الظاهرة في الوجود الذي هو عين الحق أحكام أعيان الممكنات من حيث ما هي عليه في ثبوتها من الأحوال والتنوع والتغيير والتبديل تظهر في هذه الصور المشهودة في عين الوجود الحق وما تغير الحق عما هو عليه في نفسه كما إن الهباء ما تغير عن كونه هباء مع قبوله لجميع الصور فهي معان في جوهره والمعاني المنسوبة إلى تلك الصور والأعراض والصفات من باب قيام المعنى بالمعنى فلا تزال الحجب مسدلة وهي أعيان هذه الصور فلا يرى إلا من وراء حجاب كما لا يكلم إلا من وراء حجاب فإذا رآه الرائي كفاحا فما يراه إلا حتى يكون الحق بصره فيكون هو الرائي نفسه ببصره في صورة عبده فأعطته الصورة المكافحة إذ كانت الحاملة للبصر ولجميع القوي فتشهده في الصورة عينا من الاسم الظاهر إذ هو بصرك وكفاحا وتشهده من الاسم الباطن علما إذ هو بصر آلتك التي أدركت بها ما أدركت وإنما قلنا كفاحا لما ورد في الخبر النبوي الذي خرجه الترمذي وغيره في سياق هذه اللفظة عينها ثم إن صاحب الرؤيا إذا رأى ربه تعالى كفاحا في منامه في أي صورة يراه فيقول رأيت ربي في صورة كذا وكذا ويصدق ويصدق مع قوله تعالى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ فنفى عنه المماثلة في قبوله التجلي في الصور كلها التي لا نهاية لها لنفسه فإن كل من سواه تعالى ممن له التجلي في الصور لا يتجلى في شي‏ء منها لنفسه وإنما يتجلى فيها بمشيئة خالقه وتكوينه فيقول للصورة التي يتجلى فيها من هذه صفته كن فتكون الصورة فيظهر بها من له هذا القبول من المخلوقين كالأرواح والمتروحنين من الأناسي كقضيب البان وشبهه يقول الله تعالى في أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ فسواه وعدله على مزاج يقبل كل صورة إذا شاء الحق وجعل التركيب لله لا له وفي نسبة الصور لله يقال في أي صورة شاء ظهر من غير جعل جاعل فلا يلتبس عليك الأمر في ذلك ولما لم يكن له تعالى ظهور إلى خلقه إلا في صورة وصوره مختلفة في كل تجل لا تتكرر صورة فإنه سبحانه لا يتجلى في صورة مرتين ولا في صورة واحدة لشخصين ولما كان الأمر كذلك لم ينضبط للعقل ولا للعين ما هو الأمر عليه ولا يمكن للعقل تقييده بصورة ما من تلك الصور فإنه ينتقض له ذلك التقييد في التجلي الآخر بالصورة الأخرى وهو الله في ذلك كله لا يشك ولا يرتاب إلا إذا تجلى له في غير معتقده فإنه يتعوذ منه كما ورد في صحيح الأخبار فيعلم إن ثم في نفس الأمر عينا تقبل الظهور في هذه الصور المختلفة لا يعرف لها ماهية أصلا ولا كيفية وإذا حكم ولا بد بكيفية فيقول الكيفية ظهورها فيما شاء من الصور فتكون الصور مشاءة وكل مشاء معدوم بلا شك فما ظهر لك إلا حادث في عين قديم فما رأيت إلا حادثا مثلك لأنك ما رأيت إلا صورة يقيدها نظرك ببصر هو الحق في عين هو الحق أعني في العين التي ظهرت في تلك الصورة فهو مدرك عينا في الآخرة والنوم وعلما وشرعا وغير مدرك علما ولا نشك إيمانا وكشفا لا عقلا إن بهويته أدرك المدرك جميع ما يدرك سواء أدرك جميع ما يدرك أو بعضه على أي حالة يكون استعداد المدرك اسم مفعول فالبصر من المدرك اسم فاعل هوية الحق لا بد من ذلك وهكذا جميع ما ينسب إلى هذه الآلات من القوي ما هي سوى هوية الحق إذ يستحيل خلاف ذلك فالآلات ومحلها أحكام أعيان الممكنات في عين الوجود الحق وهو لها كالروح للصورة التي لا يمسك عليها ذلك النظام إلا هو ولا تدرك تلك الصورة شيئا إلا به حسا وخيالا والكل بحمد الله خيال في نفس الأمر لأنه لا ثبات لها دائما على حال واحدة والناس نيام وكل ما يراه النائم قد عرف ما يرى وفي أي‏

حضرة يرى فإذا ماتوا انتبهوا من هذا النوم في النوم فما برحوا


مخطوطة قونية
8577
8578
8579
8580
8581
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 19 - من الجزء الرابع (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!