موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منزل جثت الشريعة بين يدى الحقيقة تطلب الاستمداد من الحضرة المحمدية وهو المنزل الذى يظهر فيه اللواء الثانى من ألوية الحمد الذى يتضمن تسعة وتسعين اسما إلهيًّا
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 151 - من الجزء الثالث (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

هيهات أنت مقيد بخلافة *** أين السراح وباب كونك يفتح‏

والقلب خلف مغالق مجبولة *** ضاعت مفاتحها فليست تفتح‏

لا تفرحن بشرح صدرك إنه *** شرح لتعلم إن قيدك أرجح‏

[تكلم الناس في الشريعة والحقيقة]

اعلم أيدك الله أيها الولي الحميم أن الناس تكلموا في الشريعة والحقيقة قال الله تعالى لنبيه صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم آمرا وقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً يريد من العلم به من حيث ما له تعالى من الوجوه في كل مخلوق ومبدع وهو علم الحقيقة فما طلب الزيادة من علم الشريعة بل كان يقول اتركوني ما تركتكم وعلم الشريعة علم محجة وطريق لا بد له من سالك والسلوك تعب فكان يريد التقليل من ذلك وغاية طريق الشريعة السعادة الحسية وليست الحقيقة غايتها في العموم فإن من الناس من ينال الحقيقة في أول قدم يضعه في طريق الشريعة لأن وجه الحق في كل قدم وما كل أحد يكشف له وجه الحق في كل قدم والشريعة المحكوم بها في المكلفين والحقيقة الحكم بذلك المحكوم به والشريعة تنقطع والحقيقة لها الدوام فإنها باقية بالبقاء الإلهي والشريعة باقية بالإبقاء الإلهي والإبقاء يرتفع والبقاء لا يرتفع

فهذا المنزل يعطيك شرف الإنسان على جميع من في السماء الأرض وإنه العين المقصودة للحق من الموجودات لأنه الذي اتخذه الله مجلى وأعني به الإنسان الكامل لأنه ما كمل إلا بصورة الحق كما إن المرآة وإن كانت تامة الخلق فلا تكمل إلا بتجلى صورة الناظر فتلك مرتبتها والمرتبة هي الغاية كما إن الألوهة تامة بالأسماء التي تطلبها من المألوهين فهي لا ينقصها شي‏ء وكمالها أعني الرتبة التي تستحقها الغني عن العالمين فكان له الكمال المطلق بالغنى عن العالمين ولما شاء أن يعطي كما له حقه ولم يزل كذلك وخلق العالم للتسبيح بحمده سبحانه لا لأمر آخر والتسبيح لله ولا يكون المسبح في حالة الشهود لأنه فناء عن الشهود والعالم لا يفتر عن التسبيح طرفة عين لأن تسبيحه ذاتي كالنفس للمتنفس فدل إن العالم لا يزال محجوبا وطلبهم بذلك التسبيح المشاهدة فخلق سبحانه الإنسان الكامل على صورته وعرف الملائكة بمرتبته وأخبرهم بأنه الخليفة في العالم وأن مسكنه الأرض وجعلها له دارا لأنه منها خلقه وشغل الملأ الأعلى به سماء وأرضا فسخر له ما في السَّماواتِ وما في الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ أي من أجله واحتجب الحق إذ لا حكم للنائب بظهور من استخلفه فاحتجب عن البصائر كما احتجب عن الأبصار

فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم يخاطب الناس الذين يشبهون الإنسان في الصورة الحسية وهم نازلون عن رتبة الكمال إن الله احتجب عن البصائر كما احتجب عن الأبصار وإن الملأ الأعلى يطلبونه كما تطلبونه أنتم فكما لا تدركه الأبصار كذلك لا تدركه البصائر

وهي العقول لا تدركه بأفكارها فتعجز عن الوصول إلى مطلوبها والظفر به وعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها وأمره بتعليم الملإ الأعلى وأمر من في السموات والأرض بالنظر فيما يستحقه هذا النائب فسخر له جميع من في السموات والأرض حتى المقول عليه الإنسان من حيث تماميته لا من حيث كماليته فهذا النوع المشارك له في الاسم إذا لم يكمل هو من جملة المسخرين لمن كمل والحق في كماله بالغنى عن العالمين وهو وحده أعني الإنسان الكامل يعبد ربه الغني عنه فكماله إن لا يستغني عنه وما ثم من يعبده من غير تسبيح إلا الكامل فإن التجلي له دائم فحكم الشهود له لازم فهو أكمل الموجودات معرفة بالله وأدومهم شهودا وله إلى الحق نظران ولهذا جعل له عينين فينظر بالعين الواحدة إليه من كونه غنيا عن العالمين فلا يراه في شي‏ء ولا في نفسه وينظر إليه بالعين الأخرى من اسمه الرحمن بكونه يطلب العالم ويطلبه العالم فيراه ساري الوجود في كل شي‏ء فيفتقر بهذه النظرة من هذه العين إلى كل شي‏ء من حيث ما هي الأشياء أسماء الحق لا من حيث أعيانها فلا أفقر من الإنسان الكامل إلى العالم لأنه يشهده مسخرا له فعلم أنه لو لا ما هو عليه من الحاجة إلى ما سخروا فيه من أجله ما سخروا فيعرف نفسه أنه أحوج إلى العالم من العالم إليه فقام له هذا الفقر العام مقام الغني الإلهي العام فنزل في العالم في الفقر منزلة الحق من حيث الأسماء الإلهية التي تطلب التأثير في العالم فما ظهر في فقره إلا ظهور أسماء الحق فهو حق في غناه عن العالم لأن العالم مسخر في حقه بتأثير الأسماء الإلهية فيه أعني في العالم فما يسخر له إلا من له التأثير لا من حيث عين العالم فلم يفتقر إلا لله وهو حق في فقره إلى العالم فإنه لما علم إن الله ما سخر العالم لهذا الإنسان إلا ليشتغل العالم بما كلفهم من التسخير عن طلب العلم به من حيث الشهود فإن ذلك ليس لهم لأنهم‏


مخطوطة قونية
6767
6768
6769
6770
6771
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 151 - من الجزء الثالث (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!