موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منزل القمر من الهلال من البدر من الحضرة المحمدية
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 111 - من الجزء الثالث (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

إعلامه للعارفين بالله فضرب لهم هذا المثل بالفعل ليعتبروا فيه بالعبور إلى ما نصب له من معرفة الإنسان الكامل ومعرفة الله لوجوده على الصورة وتغير أحواله فيها لتغير المراتب التي يظهر فيها قال تعالى والْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ ولم يسمه بدرا ولا هلالا فإنه في هاتين الحالتين ما له سوى منزلة واحدة بل اثنتين فلا يصدق قوله مَنازِلَ إلا في القمر فللقمر درج التداني والتدلي وله الأخذ بالزيادة والنقص في الدخول إلى حضرة الغيب والخروج إلى حضرة الشهادة ثم إن الله تعالى نعته بالانشقاق لظهور الإنسان الكامل بالصورة الإلهية فكان شقا لها فظهورها في أمرين ظهور انشقاق القمر على فلقتين‏

ورد في الخبر عن الصاحب أن القمر انشق على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم عند سؤال طائفة من العرب أن يكون لهم آية على صدقه فانشق فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم للحاضرين اشهدوا وقال تعالى اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وانْشَقَّ الْقَمَرُ

فلا يدري هل أراد الانشقاق الذي وقع فيه السؤال وهو الظاهر من الآية فإنه أعقب الانشقاق بقوله وإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا ويَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ وكذا وقع القول منهم لما رأوا ذلك ولهذا قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم للحاضرين اشهدوا لوقوع ما سألوا وقوعه وما لهم إلا ما ظهر وهل هو ذلك الواقع في نفس الأمر أو في نظر الناظر هذا لا يلزم فإنه لا يرتفع الاحتمال إلا بقول المخبر إذا أخبر أنه في نفس الأمر كما ظهر في العين وقول المخبر هو محل النزاع وما اشترطوا في سؤالهم أن لا يظهر منهم ما ظهر منهم من الاعتراض عند وقوع ما سألوا وقوعه فلم يلزم النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم أكثر مما وقع فيه من السؤال ثم جاء الناس من الآفاق يخبرون بانشقاق القمر في تلك الليلة ولهذا قال الله تعالى عنهم إنهم قالوا فيه سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ فقال الله كُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ كان ذلك الأمر ما كان فالقمر لو لا ما هو برزخي المرتبة ما قبل الإهلال والإبدار والمحق والسرار فالسحر المستمر داخل تحت حكم كل ذي أمر مستقر فهذا انشقاق بالحق وجهل في عين العلم وهو قوله ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ من الْعِلْمِ فأثبته علما واعلم أن النظر والاعتبار من العلوم التي تظهر من الأسرار والأنوار فالنور للبصر والأبصار فقال الله لما ذكر هذا المقام فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ أي جوزوا مما أعطاكم البصر بنوره مما أدركه من المبصرات وأحكامها إلى ما تدركونه بعين بصائركم شهودا وهو الأتم الأقوى أو عن فكرة وهو الشهود الأدنى عن المرتبة العليا وكلاهما عابر عما ظهر إلى ما استسر وبطن فهي آيات لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ كما هي آيات لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ فالمتقي يتولى الله تعليمه فلا يدخل علمه شك ولا شبهة والمتفكر ناظر إلى قوة مخلوقة فيصيب ويخطئ وإذا أصاب يقبل دخول الشبهة عليه بالقوة التي أفادته الإصابة لاختلاف الطرق فالمتقي صاحب بصيرة والمتفكر بين البصر والبصيرة لم يبق مع البصر ولا يخلص للبصيرة فلنذكر في هذا المنزل مسألة من مسائله كإخوانه من المنازل وهو منزل شريف عال يسمى منزل النور في الطريق لأن الله جعله نورا ولم يجعله سراجا لما في السراج من الافتقار إلى الإمداد بالدهن لبقاء الضوء ولهذا كان الرسول سِراجاً مُنِيراً للامداد الإلهي الذي هو الوحي وجعله منيرا أي ذا نور لما فيه من الاستعداد لقبول هذا الإمداد كالنار التي في رأس الفتيلة التي ينبعث منها الدخان الذي فيه ينزل النور على رأس الفتيلة من السراج فيظهر سراجا مثله والنور من الأسماء الإلهية وليس السراج من أسمائها لأنه لا يستمد نوره من شي‏ء فعرفت من هذا الاعتبار رتبة القمر من الشمس قال تعالى وجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً فنور السراج مقيد والنور القمري مطلق ولهذا نكره ليعم الأنوار فكل سراج نور وما كل نور سراج‏

[أن العلم المطلق ينقسم إلى قسمين‏]

واعلم أنه من العلم بالتحقق بالصورة أن العلم المطلق من حيث ما هو متعلق بالمعلومات ينقسم إلى قسمين إلى علم يأخذه الكون من الله بطريق التقوى وهو قوله إِنْ تَتَّقُوا الله يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً وقوله في الخضر وعَلَّمْناهُ من لَدُنَّا عِلْماً وعلم يأخذه الله من الكون عند ابتلائه إياه بالتكليف مثل قوله ولَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ فلو لا الاشتراك في الصورة ما حكم على نفسه بما حكم لخلقه من حدوث تعلق العلم فإن ظهر الإنسان بصورة الحق كان له حكم الحق فكان الحق سمعه وبصره فسمع بالحق فلا يفوته مسموع ويبصر بالحق فلا يفوته مبصر عدما كان المبصر أو وجودا وإن ظهر الحق بصورة الإنسان في الحال الذي لا يكون الإنسان في صورة الحق كان الحكم على الله مثل الحكم على صورة الإنسان الذي ما له صورة الحق فينسب إليه ما ينسب إلى تلك الصورة من حركة وانتقال وشيخ وشاب وغضب ورضاء وفرح وابتهاج ومن أجل ما بيناه من شأن هذين العلمين جعل الله‏


مخطوطة قونية
6595
6596
6597
6598
6599
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 111 - من الجزء الثالث (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!