موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة آبائنا العلويات وأمهاتنا السفليات
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 142 - من الجزء الأول (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

الآن الواحد نكاحا جسميا محسوسا بإيلاج ووجود لذة خاصة بكل امرأة من غير تقدم ولا تأخر وهذا هو النعيم الدائم والاقتدار الإلهي والعقل يعجز عن إدراك هذه الحقيقة من حيث فكره وإنما يدرك هذا بقوة أخرى إلهية في قلب من يشاء من عباده كما أن الإنسان في الجنة في سوق الصور إذا اشتهى صورة دخل فيها كما تشكل الروح هنا عندنا وإن كان جسما ولكن أعطاه الله هذه القدرة على ذلك والله عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ وحديث سوق الجنة ذكره أبو عيسى الترمذي في مصنفه فانظره هناك فإذا اتصلت الأشعة النورية في الأركان الأربعة ظهرت المولدات عن هذا النكاح الذي قدره العزيز العليم فصارت المولدات بين آباء وهي الأفلاك والأنوار العلوية وبين أمهات وهي الأركان الطبيعية السفلية وصارت الأشعة المتصلة من الأنوار بالأركان كالنكاح وحركات الأفلاك وسباحات الأنوار بمنزلة حركات المجامع وكان حركات الأركان بمنزلة المخاض للمرأة لاستخراج الزبد الذي يخرج بالمخض وهو ما يظهر من المولدات في هذه الأركان للعين من صورة المعادن والنبات والحيوان ونوع الجن والإنس فسبحان القادر على ما يشاء لا إله إلا هو رب كل شي‏ء ومليكه‏

[الشكر لله وللوالدين من المقام الكلي‏]

قال تعالى أَنِ اشْكُرْ لِي ولِوالِدَيْكَ فقد تبين لك أيها الولي آباؤك وأمهاتك من هم إلى أقرب أب لك وهو الذي ظهر عينك به وأمك كذلك القريبة إليك إلى الأب الأول وهو الجد الأعلى إلى بما بينهما من الآباء والأمهات فشكرهم الذي يسرون به ويفرحون بالثناء عليهم هو أن تنسبهم إلى مالكهم وموجدهم وتسلب الفعل عنهم وتلحقه بمستحقه الذي هو خالق كل شي‏ء فإذا فعلت ذلك فقد أدخلت سرورا على آبائك بفعلك ذلك وإدخال هذا السرور عليهم هو عين برك بهم وشكرك إياهم وإذا لم تفعل هذا ونسيت الله بهم فما شكرتهم ولا امتثلت أمر الله في شكرهم فإنه قال أَنِ اشْكُرْ لِي فقدم نفسه ليعرفك أنه السبب الأول والأولى ثم عطف وقال ولِوالِدَيْكَ وهي الأسباب التي أوجدك الله عندها لتنسبها إليه سبحانه ويكون لها عليك فضل التقدم بالوجود خاصة لا فضل التأثير لأنه في الحقيقة لا أثر لها وإن كانت أسبابا لوجود الآثار فبهذا القدر صح لها الفضل وطلب منك الشكر وأنزلها الحق لك وعندك منزلته في التقدم عليك لا في الأثر ليكون الثناء بالتقدم والتأثير لله تعالى وبالتقدم والتوقف للوالدين ولكن على ما شرطناه فلا تشرك بعبادة ربك أحدا فإذا أثنيت على الله تعالى وقلت ربنا ورب آبائنا العلويات وأمهاتنا السفليات فلا فرق بين أن أقولها أنا أو يقولها جميع بنى آدم من البشر فلم يخاطب شخصا بعينه حتى يسوق آباءه وأمهاته من آدم وحواء إلى زمانه وإنما القصد هذا النش‏ء الإنساني فكنت مترجما عن كل مولود بهذا التحميد من عالم الأركان وعالم الطبيعة والإنسان ثم ترتقي في النيابة عن كل مولد بين مؤثر ومؤثر فيه فتحمده بكل لسان وتتوجه إليه بكل وجه فيكون الجزاء لنا من عند الله من ذلك المقام الكلي‏

[السلام التام على جميع الأنام‏]

كما قال لي بعض مشيختي إذا قلت السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أو قلت السلام عليكم إذا سلمت في طريقك على أحد فاحضر في قلبك كل صالح لله من عباده في الأرض والسماء وميت وحي فإنه من ذلك المقام يرد عليك فلا يبقى ملك مقرب ولا روح مطهر يبلغه سلامك إلا ويرد عليك وهو دعاء فيستجاب فيك فتفلح ومن لم يبلغه سلامك من عباد الله المهيمين في جلاله المشتغلين به المستفرغين فيه وأنت قد سلمت عليهم بهذا الشمول فإن الله ينوب عنهم في الرد عليك وكفى بهذا شرفا في حقك حيث يسلم عليك الحق فليته لم تسمع أحدا ممن سلمت عليه حتى ينوب عن الجميع في الرد عليك فإنه بك أشرف قال تعالى تشريفا في حق يحيى عليه السلام وسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ ويَوْمَ يَمُوتُ ويَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا وهذا سلام فضيلة وإخبار فكيف سلام واجب ناب الحق مناب من أجاب عنه وجزاء الفرائض أعظم من جزاء الفضائل في حق من قيل فيه وسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ فيجمع له بين الفضيلتين وقد وردت صلاة الله علينا ابتداء وما وصل إلي هل ورد السلام ابتداء كما وردت الصلاة أم لا فمن روى في ذلك شيئا وتحققه فقد جعلت أمانة في عنقه أن يلحقه في هذا الموضع إلى جانب صلاة الله علينا في هذا الباب ليكون بشرى للمؤمنين وشرفا لكتابي هذا والله المعين والموفق لا رب غيره‏

[الآباء الطبيعيون والأمهات الطبيعيات‏]

وأما الآباء الطبيعيون والأمهات فلم نذكرهم فلنذكر الأمر الكلي من ذلك وهم أبوان وأمان فالأبوان هما الفاعلان والأمان هما المنفعلان وما يحدث عنهما هو المنفعل عنهما فالحرارة والبرودة فاعلان والرطوبة واليبوسة منفعلان فنكحت‏


مخطوطة قونية
556
557
558
559
560
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 142 - من الجزء الأول (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!