موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منزل من قيل له كن وأبى ولم يكن من الحضرة المحمدية
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 635 - من الجزء الثاني (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

أم لا فعندنا إنه نافع وعند غيرنا إنه غير نافع وإنما وقع الخلاف في مثل هذه المسألة بوجود الكشف عند الواجد وعدم الكشف عند المخالف مع الاستناد إلى أمر معارض إما عقلي وإما سمعي ثم إن الله تعالى أمر عباده بالإقامة على ما خلقهم له من الذلة والافتقار إليه ببواطنهم عامة وبظواهرهم على طريقة مخصوصة بينها لهم الشارع وهي جميع الأفعال المقربة إلى الله سواء اقترنت بها في الصورة الظاهرة عزة أو ذلة وربوبية أو عبودية بخلاف الباطن فإن الباطن يجري على الأمر المحقق الذي هو في نفسه عليه والظاهر يجري على ما تقتضيه المصلحة في الوقت بك أو بغيرك فإن ظهر ربوبية وعزة في ظاهر العبد العارف كما ذكرناه لمصلحته فإن الميل في الباطن إلى الذلة والعبودية موجود عنده وهو المعتمد عليه وذلك عارض ولا سيما في موطن التكليف ومن هذا المنزل ينشئ العبد الأعمال صورا قائمة يكون فيها خلاقا بالفعل ولكن مما يقع له به السعادة عند الله فلا يزال ينشئ تلك الصورة حتى يراها قائمة بين يديه حسا ينظر إليها ويفرح بها وجميع ما يظهر من تلك الصورة مما تقتضيه السعادة فإنما هو لمنشئ هذه الصورة وهو هذا العبد فهي له كرأس المال وما يكون عنها كالأرباح والأرباح إنما تعود منفعتها على رب المال لا على نفس المال ومن هذا المنزل أيضا يظهر الجود الذاتي الذي لا يمكن دفعه لا اختيار للعبد فيه فيعطي من نفسه لربه ما سأله فيه إن يعطيه مما لو لم يسأله فيه لأعطاه إياه وهذا من كرم الله حيث علم أنه لا بد أن يعطيه ذلك لأنه أمر تقتضيه ذاتك فسألك في ذلك أن يجازيك على امتثال أمره في ذلك كما سألك فيما يمكن أن تعطيه وفيما يمكن أن تأباه فأجرى هذا مجرى هذا جودا منه وليقوم جزاء ما أعطيته عن أمره مما هو عطاء ذاتي في مقابلة ما منعته وخالفت فيه أمره مما ليس هو عطاء ذاتيا بل إمكانيا وهي جميع الأعمال المشروعة فلهذا أمرك بما لا يمكنك الانفكاك عنه كما لا يمكن للسراج أن يمنع ضوءه ولكن يتصور أن يقال له أعط الأبصار ضوءك ليدركوا به الأشياء فتجازي من حيث ذلك وذلك أن تعلم أن حضرة كن تتضمن روحا وجسما وقد يرتبطان وقد لا يرتبطان فإذا ارتبطا كان هذا الجسم حيا على هذه الصورة من الكاف والواو والنون وإذا كان حيا انفعل عنه ما يتوجه عليه لارتباط الروح به وهو الأذن الإلهي كالنفخ من عيسى عليه السلام في الطائر مقارنا للاذن الإلهي الذي هو النفخ الإلهي فاندرج النفخ الإذني الإلهي الذي به حيي الطائر وارتبط روحه في النفخ الجسماني القائم بعيسى فإذا وجد جسم كن من غير ارتباط الروح به لم يكن عنه شي‏ء أصلا إذ الميت لا يضاف إليه فعل أصلا ولا يقوم لعقل فيه شبهة بخلاف الحي والصورة الجسمية فيهما واحدة وإذا انفرد روح كن دون جسميته انفعلت عنه الأشياء ومن جملة الأشياء جسمية كن الذي هو في عالم الحروف فإذا علمت ما أوضحناه لك في هذا الكلام وقفت على أمر عظيم من قوله تعالى إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْ‏ءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ذلك الأمر ولا بد ويقول الحق سبحانه لعباده في كلامه العزيز أَقِيمُوا الصَّلاةَ واصْبِرُوا وصابِرُوا ورابِطُوا وجاهِدُوا ولا يقع شي‏ء من ذلك

لأنه قال لهم اخلقوا وليس من شأنهم أن يخلقوا فتعلق بهم جسم كن لا روحها فكانت ميتة يحرم عليهم استعمالها فإذا تعلق الأذن الإلهي الذي هو كن الحية بإيجاد عين الجهاد أو الرباط أو الصلاة أو أي شي‏ء كان من أفعال العباد تكون في حين التوجه علينا وليس من شأن الأفعال أن تقوم بنفسها فكانت الصلاة تظهر في غير مصل والصيام في غير صائم والجهاد في غير مجاهد وهو لا يصح فلا بد من ظهورها في المجاهد والمصلي وغير ذلك فإذا ظهرت فيه نسب الله الفعل إليه وجازاه عليه منة منه وفضلا لأنه ما ظهر عين الصلاة إلا في المصلي فلو لم ينسب الفعل إليه لكان قد حافى الخطاب والتكليف ومباهتة للحس وكان لا يوثق بالحس في شي‏ء فحسم الله هذا الأمر بما نسب من هذه الأفعال لمن أظهرها فيه وأضافها إليه وأمرهم بها وليس خلقها لهم وإنما ذلك إلى الله تعالى فانظر ما أعجب هذا الأمر مع ما يتضمنه من التناقض المحقق والايمان بالطريقتين المتناقضتين فيه واجب والاطلاع عليه من باب الكشف مع وجود الايمان به تأييد عظيم وقوة لمن أعطى ذلك فإن في هذا الموطن زل كثير من أهل الكشف وهو قوله وأضله الله على علم والعلم كان لا ينبغي أن يصاحبه الضلال ولا يستلزمه وهنا قد وجد فيه ذلك فلا يخلو إما أن ضل بعلم أو لا بعلم والأمر فيه إشكال ثم إن هذا المنزل يتضمن الجزاء على الأعمال يعني جزاء من ذكرناه في هذا المنزل من الكاتمين لأسرار الحق الذين أمنهم الله عليها مما لا يظهرونها إلا عن إذن إلهي ومن ذكرناه‏


مخطوطة قونية
5887
5888
5889
5890
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 635 - من الجزء الثاني (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!