موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منزل من قيل له كن وأبى ولم يكن من الحضرة المحمدية
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 634 - من الجزء الثاني (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

عنهم فيها شيئا فيلجئون إلى الله في رفعها فمن تلك الحقيقة المستورة فيهم في حال لا يكون فيه تحت اضطرار حسي من ذلك الوجه ينالون هذه الأسرار وإن كانوا أشقياء فإن نيلهم إياها مما يزيد في شقاوتهم حيث عرفوا من بيده الاقتدار وعدلوا عنه وعملوا لغيره مما نصبوه بأيديهم وأيدي من هو من جنسهم إلها وظهر لهم عجزه وتمادوا على غيهم كما قال تعالى في طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ‏

[أن بينة الله في عباده على قسمين‏]

واعلم أن بينة الله في عباده على قسمين القسم الواحد هو البينة الحقيقية وهو قوله تعالى أَ فَمَنْ كانَ عَلى‏ بَيِّنَةٍ من رَبِّهِ يعني في نفسه وأما من تقام له البينة في غيره فقد يمكن أن يقبلها ويمكن أن لا يقبلها والذي يقبلها إن قبلها تقليد أ لم تكن في حقه آية بينة ولا تنفعه وإنما يكون التقليد فيما يجي‏ء به الرسول من الأحكام لا من البينات والشواهد على صدقه وإن لم يقبلها تقليدا فما قبلها إلا أن يكون هو عَلى‏ بَيِّنَةٍ من رَبِّهِ في إن تلك آية بينة على صدق دعوى من ظهرت على يديه فيما ادعاه فعلمت من هذا أن الشي‏ء لا ينفعك إلا إذا كان فيك ولا يضرك إلا إذا كان فيك ولهذا نقول في كثير من كلامنا إن حقيقة العذاب هو وجود الألم فيك لا أسبابه سواء وقعت الأسباب فيك أو في غيرك فلا نقول في الأشياء إلا أن تقوم لك منك وأقلها أن يقوم بك التصديق بما يتحقق به أهل طريق لله بأنه حق وإن لم تذقه ولا تخالفهم فتكون على بينة من ربك ولا بد في كونهم صادقين وبتلك البينة التي أنت عليها توافقهم في ذلك فأنت منهم في مشرب من مشاربهم فإنهم أيضا ممن يوافق بعضهم بعضا فيما يتحققون به في الوقت وإن كان لا يدرك هذا ذوقا ما أدركه صاحبه فيقر له به ويسلمه له ولا ينكره لارتفاع التهمة ومجالسة هؤلاء الأقوام لغير المؤمن بهم خطر عظيم وخسران مبين كما قال بعض السادة وأظنه رويما من قعد معهم وخالفهم في شي‏ء مما يتحققون به في سرائرهم نزع الله نور الايمان من قلبه فلا يزال الإنسان على الحالة التي هو عليها حتى يقوم له الشاهد بالخروج عنها فمن كان في حالة الكتم كتم ومن كان في حالة الإظهار أظهر وأفشى قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى‏ شاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى‏ سَبِيلًا من هؤلاء الفرق فالله يجعلنا وإياكم ممن هو عَلى‏ بَيِّنَةٍ من رَبِّهِ فإن تلاه شاهد فحسن ومزيد طمأنينة وتقوية للنفس فيما هي بسبيله وإن لم يكن ذلك ففي كونه على بينة من ربه كفاية فإن الشاهد إن لم يكن فيه المشهود له على بينة أنه صادق فيما يشهد له به وإلا فلا يقبله في باطنه كالشاهد مع صاحب الدعوى إذا كان في دعواه محقا فهو على بينة في نفسه من ربه إنه صادق ولكن الحاكم يطالبه بالشاهد فإذا شهد الشاهد له علم المشهود له أنه صادق في شهادته ببينته التي هو عليها إنه على حق في دعواه وإن كان المدعي ليس بصادق في دعواه فهو على بينة من نفسه ومن ربه إنه غير صادق فبما ادعاه فإذا طلبه الحاكم بالشاهد فأتى بشاهد زور فشهد له أنه صادق في دعواه فالمدعي على بينة من نفسه ومن ربه إن ذلك الشاهد الذي شهد له زور وشهد بالباطل ولا يقبله في نفسه وإن قبله الحاكم فأول ما يتجرح شاهد الزور عند من شهد له بما يعلم المشهود له أن الأمر على خلاف ما شهد له به فلهذا قلنا إن الشاهد لا نلتزمه إذ كنا لا نقبله ولا نتحقق صدقه ولا كذبه إلا حتى يكون في ذلك على بينة من الله فاعلم ذلك‏

[البينة هو سفير من الله إلى قلبك‏]

واعلم بعد أن تقرر هذا أن الأمر الذي كنى عنه الحق بأنه بينة لك من عنده هو سفير من الله إلى قلبك من خفي غيوبه مختص بك من حضرة الخطاب الإلهي والتعريف من الله أنه من عنده فخذ به وانظر ما يقبله فاقبله وما يدل عليه فاعتمد عليه وما ينفيه فانفه كما يفعل صاحب الفكر في دليله غير إن صاحب الفكر قد يتخذ دليلا ما ليس بدليل في نفس الأمر وقد يتخذ دليلا ما هو دليل في نفس الأمر ولكن بالنظر إلى قوة العقل فقد أعطى ما في قوته فلا يكون أبدا من حيث هو عقل إلا إن ذلك دليل وهو دليل وصاحب البينة من ربه على نور من الله وصراط مستقيم لا يعلم الأشياء بها إلا على ما تكون عليه الأشياء لا يقبل الشبه إلا شبها ذوقا من صورته لا يتمكن له أن يلبس فيها عليه بخلاف أصحاب الأفكار والذي يعطيه هذا السفير منه ما يعطيه ما هو مختص به ومنه ما يعطيه ما هو مطلوب له ولغيره ومنه ما هو مطلوب لغيره ولا يعطيه ما ليس له ولا لغيره ومما يعطيه ما هو له مقيم وما ليس له بمقيم فالمقيم كالمقامات وغير المقيم كالأحوال ثم إن أصحاب هذا المقام يتفرقون فيه ويتنوعون على نوعين منهم من يعصم من تأثير هواه ومنهم من لا يعصم من تأثير هواه فيه مع أن كل واحد من الطائفتين على علم محقق فبينتهم التي هم عليها أنه معصوم وأن هواه ليس له عليه سبيل وأنه غير معصوم وأن هواه قد أثر فيه لما سبق في علم الله فيه وهل ينفعه هذا العلم عند الله في سعادته‏


مخطوطة قونية
5882
5883
5884
5885
5886
5887
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 634 - من الجزء الثاني (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!