موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة الإرادة
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 522 - من الجزء الثاني (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

وأنت المريد فإن المريد لا يكون إلا موجودا وأما الإرادة عندنا فهي قصد خاص في المعرفة بالله وهي أن تقوم به إرادة العلم بالله من فتوح المكاشفة لا من طريق الدلالة بالبراهين العقلية فتحصل له المعرفة بالله ذوقا وتعليما إلهيا فيما لا يمكن ذوقه وهو قوله واتَّقُوا الله ويُعَلِّمُكُمُ الله وقالت المشايخ في الإرادة إنها ترك ما عليه العادة وقد تكون عادة زيد ما هي عادة عمرو فيترك عمرو عادته بعادة زيد لأنها ليست عادة له ثم اعلم في مذهبنا إنك إذا علمت أن الإرادة متعلقها العدم وعلمت إن العلم بالله مراد للعبد وعلمت أنه لا يحصل العلم به على ما يعلم الله به نفسه لأحد من المخلوقين مع كون الإرادة من المخلوقين لذلك موجودة فالإرادة للعبد ما دام في هذا المقام لازمة لازم حكمها وهو التعلق بالمعدوم والعلم بالله كما قلنا لا يصح وجوده فالعبد حكم الإرادة فيه أتم من كونها فيمن يدرك ما يريد فليست الإرادة الحقيقية إلا ما لا يدرك متعلقها فلا يزال عينها متصفا بالوجود ما دام متعلقها متصفا بالعدم فإن الإرادة إذا وجد مرادها أو ثبت زال حكمها وإذا زال حكمها زال عينها وينبغي للإرادة فينا أن لا تزول فإن مرادها لا يكون وأما من يتكون عن إرادته ما يريد فلا تصحبه الإرادة وجودا وإنما بقيت الإرادة هناك لأن متعلقها آحاد الممكنات وآحادها لا تتناهى فوجودها هناك لا يتناهى ولكن يختلف تعلقها باختلاف المرادات والذي يشير إليه أهل الله في تحقيق الإرادة أنها معنى يقوم بالإنسان يوجب له نهوض القلب في طلب الحق المشروع ليتصف به بالعمل ليرضى الله بذلك فيكون ممن رَضِيَ الله عَنْهُمْ ورَضُوا عَنْهُ فصاحب الإرادة يسعى في إن يكون بهذه المثابة ثم ما زاد على هذا مما يناله أهل الله من الفتوح والكشف والشهود وأمثال هذه الأحوال فذلك من الله ليست مطلوبة لصاحب الإرادة التي يقتضيها طريق الله إنما جل إرادتهم إن يكونوا على حال مع الله يرضى الله في أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم إيثار الجناب الحق لا رغبة في نعيم ينالونه بذلك ولا فرارا من ضده دنيا ولا آخرة بل هم على ما شرع لهم ولله الأمر فيهم بما يشاء لا تخطر لهم حظوظ نفوسهم بخاطر هذا أتم ما توجبه الإرادة في المريد وإن خطر لهم حظ في ذلك فما خرجوا عن حكم الإرادة ولكن يكون صاحب الحظ النفسي ناقص المقام بالنظر إلى الأول مع كونه صاحب إرادة كما قال تعالى ولَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى‏ بَعْضٍ مع أن النبوة موجودة فما زالوا من النبوة مع فضل بعضهم على بعض وأما معنى قول الطائفة في الإرادة إنها لوعة يجدها المريد تحول بينه وبين ما كان عليه مما يحجبه عن مقصوده فصحيح غير أنه ثم أمر تعطيه المعرفة بالله إذا حصل له العلم بالله من طريق الكشف والتعليم الإلهي فلا يبقى شي‏ء يتصف به العبد يحجبه عن مقصوده إذا كان مقصوده الحق فهو يشهده في كل عين وفي كل حال ولا ينال هذا المقام إلا من رضي الله عنه ومن علامات صاحب هذا المقام معانقة الأدب إلا أن يسلب عنه عقله بهذه المشاهدة فلا يطالب بالأدب كالبهاليل وعقلاء المجانين لأنه طرأ عليهم أمر إلهي ضعفوا عن حمله فذهب بعقولهم في الذاهبين وحكمهم عند الله حكم من مات على حالة شهود ونعت استقامة وبقي من حالته هذه حكمه حكم الحيوان ينال جميع ما يطلبه حكم طبيعته من أكل وشرب ونكاح وكلام من غير تقييد ولا مطالبة عليه عند الله مع وجود الكشف وبقائه عليهم كما يكشف الحيوان وكل دابة حياة الميت على النعش وهو يخور ويقول سعيدهم قدموني قدموني ويقول الشقي إلى أين تذهبون بي ويشاهدون عذاب القبر ويرون ما لا يراه الثقلان كذلك هذا الذي ذهب الله بعقله فيه حكمه حكم الحيوان وكل دابة وكما هو الميت على حكم ما مات عليه كذلك هذا البهلول هو على حكم ما ذهب عنده عقله فهو معدود في الأموات بذهاب عقله معدود في الأحباء بطبعه فهو من السعداء الذين رضي الله عنهم كمسعود الحبشي وعلي الكردي وجماعة رأيناهم بهذه المثابة بالشام وبالمغرب وهم من عباد الله على مثل هذا الحال نفعنا الله بهم ومهما رد على من هذه حاله عقله وهو في الحياة الدنيا

فإنه من حينه يلازم الآداب الشرعية ويعانقها ومن أبقى عليه عقله كان عند القوم أتم وأعلى قيل للشيخ أبي السعود بن الشبل ما تقول في هؤلاء المجانين من أهل الله فقال رضي الله عنه هم ملاح ولكن العاقل أملح يشير إلى أن العناية بمن أبقى عليه عقله أتم فهذا أصل ما يرجع إليه مجموع أقوال أهل الله في الإرادة المصطلح عليها عندهم وإن اختلفت عباراتهم فهم بين أن ينطقوا في ذلك بأمر كلي أو بأمر جزئي بحسب ذوقه وما يترجح عنده في حاله فإنهم لا يتعدون في العبارة عن الشي‏ء ما يعطيه ذوقهم ولا يتصنعون ولا يتعملون‏


مخطوطة قونية
5423
5424
5425
5426
5427
5428
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 522 - من الجزء الثاني (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!